أجلت محكمة الاستئناف بمدينة طنجة، النظر في ملف معتقلي "انتفاضة الأرز" إلى العاشر من الشهر القادم، واكتفت النيابة العامة بمتابعة 20 شخصاً في حالة اعتقال، بينما أفرج عن تسعة آخرين بينهم نساء وأطفال، وتتابع هذه المجموعة على خلفية المواجهات التي اندلعت مؤخراً بين الأمن والفلاحين في مناطق قروية تقع بالقرب من مدينة العرائش. واندلعت مواجهات بين سكان هذه المناطق وقوات الأمن المغربية، بعد احتجاج السكان على ما اعتبروه "سطواً" لشركة إسبانية متخصصة في زراعة الأرز على أراضيهم و"عدم احترامها لاتفاق مسبق" بخصوص إقامة "حزام لحماية السكان من الحشرات الضارة". ويواجه هؤلاء المعتقلون، حسب محاضر الشرطة، تهماً تتعلق ب"الاخلال بالأمن العام وإتلاف الممتلكات وتكوين عصابة إجرامية إلى جانب عرقلة مشروع مرخص له من السلطات المغربية". وارتباطاً بنفس الملف، يتابع في حالة اعتقال العياشي الرياحي، الكاتب المحلي لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي بمدينة العرائش أمام المحكمة الابتدائية، بتهمة تحريض المتظاهرين على مقاومة حفظ النظام، وفي هذا السياق تم تأجيل جلسة المحاكمة إلى الثالث من الشهر الجاري، بعد أن تم تسجيل العديد من المحامين مؤازرتهم للتهم، والذي كان مسنوداً ب35 هيئة سياسية ونقابية وحقوقية. وقال تقرير للجمعية المغربية لحقوق الانسان إنه لم يتم احترام الاتفاق بين السكان والشركة ما تسبب بمواجهات استعمل فيها الأمن الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع، وخلفت أكثر من 100 جريح بعضهم في حالة حرجة. وزير الداخلية المغربي، امحند لعنصر، وفي أول خروج إعلامي له، نفى أول أمس الثلاثاء، لجوء قوات الأمن العمومية إلى الاستعمال المفرط للقوة خلال الأحداث الأخيرة التي عرفتها القرى المجاورة لمدينة العرائش، متهماً، في معرض ردّه على سؤال محوري بمجلس المستشارين حول هذه الأحداث، هجوم السكان على قوات الأمن العمومية وإصابة عدد كبير من أفرادها (272 إصابة خمسة منها خطيرة). وقال الوزير إن "العدد المحدود من المعتقلين خلال هذه الأحداث التي وصفها بالمؤسفة٬ والذي بلغ حسبه 29 شخصاً، تقرر إيداع 20 منهم بالسجن المدني بطنجة ومتابعة 9 في حالة سراح٬ مؤكداً أن التدخل كان ذا هدف أمني محدد ولم يكن أبداً عقاباً جماعياً٬ كما ادعت تبعاً له بعض الأطراف". وأوضح العنصر أن سبب هذه الأحداث هو إقدام بعض سكان قرتي الشليحات والسحيسحات، على منع شركة "أكرو مروان"٬ التابعة لمجموعة "ايبرو فودس" العالمية المتخصصة في إنتاج وتسويق الأرز٬ من استغلال جزء مهم من الأراضي التي اكترتها منذ شهر يونيو 1998 وهو عقار تابع لأملاك الدولة بدعوى تضرر السكان من انتشار البعوض الناتج عن زراعة الأرز. الكتابة الإقليمية لحزب الطليعة، وفي بيان لها، حصلت "العربية.نت" إلى نسخة منه، قالت إنها شكلت لجنة لدعم السكان، وإن هذه الأخيرة قامت بتجميع المعطيات والشهادات بالصوت والصورة التي تؤكد عسكرة المنطقة وقطع كل الطرقات المؤدية إليها وأنه لم يسلم الجرحى والمعطوبين من التنكيل بعد مصادرة حقهم في العلاج واعتقال المناضلين الدين حاولوا إسعاف الجرحى بوسائل النقل الخاصة ومنهم العياشي الرياحي الكاتب المحلي لحزب الطليعة. ويشير البيان إلى أن لجنة الدعم وقفت على آثار الهجوم العنيف والمستفز تبعاً لها، الذي أرغم حسبها السكان على إخلاء الدوار والاحتماء بالغابة، وبأن الكتابة الإقليمية للحزب تحتفظ بشهادات صادمة لانتهاكات جسيمة خلال المداهمات المنزلية، تقول إنها روّعت الأطفال والعجزة وهددت النساء بالاغتصاب، مبرزة أن قوات الأمن قامت بتفريق المتظاهرين بقنابل مسيلة للدموع منتهية الصلاحية، إضافة إلى إطلاق الرصاص المطاطي على المحتجين. ومن جهته، قرر حزب الطليعة تنظيم مسيرة يوم غد إلى قرية الشليحات للمطالبة بفك الحصار عن المنطقة، وإطلاق سرح كافة المعتقلين. أيمن الحداد، فاعل حقوقي وسياسي وشاهد عيان من المنطقة، في تصريح ل"العربية.نت" قال إن سكان قرية الشليحات تعرضوا إلى هجوم وصفه بالوحشي من طرف قوات الأمن، وذلك أثناء تنظيمهم لوقفة احتجاجية سلمية احتجاجاً على الوضع الصحي الخطير والتملص من التزام بتشغيل أبناء الدوار. وأكد أن مصفحات الدرك الحربي واجهت المواطنين بالماء الساخن، كما عملت على تعذيب المتظاهرين، وترهيب الساكنة عبر ثلاثة مروحيات، مشيراً إلى أن الوضع لم يتأجج إلا بعد التنكيل بالناس وملاحقة الشباب و رجال قرية الشليحات الذين فرّوا إلى القرى المجاورة، التي تعيش بدورها حالة من الاحتقان الناتج عن حصار المنطقة منذ مدة. وقال أيمن إن الشركة الإسبانية لم تحترم دفتر التحملات الموقعة بينها وبين السكان والسلطات المغربية، والمتعلقة باحترام الجانب البيئي وذلك بإعطاء الأولوية في التشغيل لأبناء المنطقة، وحق السكان بالرعي في المجال المحادي لمزارع الأرز، هذه الأخيرة، تخلف حسبه بركاً مائية بعد انتهاء الحصاد، تتوالد فيها حشرات البعوض الكبيرة الحجم التي تهاجم الساكنة والحيوانات، مشيراً إلى أن الاستثمار في مزارع الأرز في إسبانيا يفرض قانوناً يقضي بإنشاء هذه المزارع على بعد 50 كلم من الساكنة، وهو ما لا يتم احترامه في المغرب.