... لم أولد هناك، و لم أعش في دوارنا و لم أترعرع بين أراضي و حقول القبيلة، بكل بساطة لأن الأب هاجر أيث سعيد مجبرا في سن مبكرة، ليستقر بالناظور و ليتابع دراسته في "المدينة"، و أصبحت زيارته قليلة لمسقط رأسه، بسبب الظروف المادية الصعبة التي كانت تعيشها العائلة. هكذا قالتها لي جدتي ( خ سغث أذي غار و أذيري ذا رياز سمنزي يهوا غا الناظور) أردت أن يدرس و يكون رجل لهذا السبب ذهب إلى الناظور، نعم هي الجدة التي وجدت نفسها تتحمل مسؤولية تربية و إعالة ابن لوحدها بعد وفاة الزوج "الجد الذي لم أعرفه"، و هي نفس الجدة التي تركت آيث سعيد فيما بعد و قدمت مع ابنها للناظور المدينة لكي تكون خير سند له، و رغم بعدها ب 50 كلم بقيت و بكل تأكيد مرتبطة بالقبيلة و بالأصل "آيث سعيد"، و لن أنسى أبدا كيف كانت تجيب في مكاني أنا المزداد بالناظور عندما يسألني أحدهم من أين؟ تجيب بكل فخر و قوة أنني من أيث سعيد. و أتذكر كيف صرخت الجدة في وجهي يوم قلت لها : أنا ولدت هنا ( يعني أنني ناظوري)، و قالت لا باللغة الأم " شك ذو سعيد" أنت من آيث سعيد و هذا هو أصلك. و اليوم و يا لها من صدفة تمر سنة على فقداني أغلى إنسانة "جدتي"، فأتلقى دعوة للقاء "نشين ذ آيث سعيد " (نحن من آيث سعيد) ،بشعار يد في يد نتواصل...نتحد. بدون تردد وافقت مباشرة على الدعوة، أولا لكون الفكرة رائعة و يسعى المنظمون من ورائها جمع أبناء المنطقة و تعزيز ارتباطهم بأصلهم و بأرضهم. و ثانيا لأن آيث سعيد اليوم و أكثر من أي وقت مضى تحتاج لأبنائها و أهلها ليدافعوا عنها و ينتزعوا حقوقها. و يجب أن نقولها بكل صراحة و بدون خجل إن كان الريف كله في الهامش، فآيث سعيد توجد في هامش هذا الهامش تعاني لوحدها. و يجب الاعتراف كذلك (و لا أدري هل هو خطأ منا نحن أبناء هذه القبيلة أم أنه لطف زائد ) أننا تركنا الدفاع عن مصالح المنطقة و ساكنتها و ذهبنا للنضال في أماكن أخرى. اليوم و بهذه الخطوة سنلتفت و لو لمرة واحدة لآيث سعيد، و ليست التفاتة لغرض في نفس يعقوب، بل هي التفاتة أبناء لأمهم، و جنود لأرضهم، و محاربين لقائدهم..... هي التفاتة من أجل آيث سعيد التي أخرجت فنانين و كتاب و سياسيين و أطباء و مثقفين.... هي التفاتة لتلك الأرض التي أنجبت مجاهدين كانوا حاضرين بجوار الشريف محمد أمزيان و عبد الكريم الخطابي، هي خطوة من أجل إعادة الاعتبار لقبيلة أهملت لسنوات عديدة. يوم 14 من شهر يوليو في الملعب الجماعي بدار الكبداني وسط قبيلة آيث سعيد، ستكون الانطلاقة الأولى للقاء يجمع أبناء آيث سعيد، و لما لا بداية لشيء ما يجمعنا جميعا من أجل آيث سعيد و الريف، و قبل الختام يجب أن نعتذر نعم أن نعتذر لآيث سعيد عن تأخرنا و عن تضييعنا لكثير من الوقت، فعذرا مرة أخرى آيث سعيد، أنت تنادينا... و نحن حاضرون... خارج السياق: اليوم هو لقاء لأبناء آيث سعيد و غدا أتمنى أن يكون لقاء لأبناء الريف ككل. نعم " يد في يد نتواصل نتحد"، فما أحوجنا للتواصل و للإتحاد من أجل مصلحة الريف و الوطن، بعيدا عن الإيديولوجيات و الحسابات الضيقة و بعيدا عن الفكر الانتهازي و السلطوي.