حذرت دراسة حديثة أنجزتها مؤخراً مؤسسة "إيوي" الإسبانية، المتخصصة في مجال البحث حول قضايا الهجرة في إسبانيا، من احتمال "ميلاد جيل تائه" من المهاجرين المغاربة في إسبانيا، و"زيادة حالات التهميش والصراعات الاجتماعية"، وذلك نتيجة البطالة التي استفحلت في البلاد بشكل غير مسبوق. وأوضحت الدراسة أن تدفق المهاجرين المغاربة إلى إسبانيا تراجع بشكل غير مسبوق منذ سنة 2011، مشيرة إلى احتمال حدوث عودة جماعية للمهاجرين المغاربة المستقرين بإسبانيا، نتيجة للتوقعات السلبية الرائجة بخصوص واقع ومستقبل الأزمة الراهنة في إسبانيا. وكشفت الدراسة التي أعدتها مؤسسة "إيوي" الإسبانية، لفائدة مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، بأن عدد المهاجرين المغاربة انخفض من 29 ألف شخص في 2010 إلى 11 ألفا في 2011، بسبب الأزمة الاقتصادية المستفحلة في إسبانيا. وكانت أعداد المهاجرين المغاربة ذكورا وإناثا وفيرة في فترات الرخاء الاقتصادي بإسبانيا ما بين 2001 و2003، إذ كانت تصل أعدادهم إلى أكثر من 40 ألف شخص، وفي سنة 2005 على سبيل المثال بلغ عددهم زهاء 75 ألف مهاجر مغربي. ووفق المصدر ذاته، فإن الأزمة الاقتصادية أفضت إلى القضاء على 95 ألف منصب شغل، حيث فقد المشتغلون المُصرَّح بهم 55 ألف منصب، بينما فقد غير القانونيين 40 ألف منصب، كما أن كثر من ثلثي الشباب النشيطين المنحدرين من المغرب يوجدون في حالة بطالة في إسبانيا. وبالنسبة لرشيد دخوش، مهاجر مغربي في إسبانيا عاد قبل فترة قصيرة إلى البلاد، فإن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في إسبانيا أضحت مزرية أكثر فأكثر، مردفاً في تصريح ل"العربية.نت" بأن المهاجرين المغاربة هناك لم يعد لديهم الكثير من فرص العمل، الأمر الذي أجبرهم على التفكير في العودة نهائياً إلى المغرب. وتابع المهاجر بالقول إن البعض ممن يصرون على البقاء في إسبانيا إنما يفعلون ذلك بسبب الخشية من نظرة أقربائهم إذا ما عادوا صفر اليدين إلى البلاد، مشيراً إلى أن آخرين ينتظرون انفراج الأزمة غير أن الأغلبية الساحقة باتت مقتنعة بمغادرة إسبانيا بشكل لا رجعة فيه. وللتعليق على هذا الموضوع، قال الدكتور سمير بنيس، الخبير في العلاقات المغربية الإسبانية إن قطاعات البناء والفلاحة والخدمات كانت شبه حكر على المغاربة وباقي المهاجرين عندما كانت إسبانيا تعيش في الرخاء الاقتصادي، بينما كان الإسبان يرفضون غالباً العمل فيها. وأفاد بنيس، في تصريحات ل"العربية.نت"، أنه بعد الأزمة التي عصفت بإسبانيا منذ أربع سنوات وتفشي ظاهرة البطالة التي وصلت إلى نسبة ما بين 20 و25%، أصبح الإسبان يشتغلون في هذه القطاعات، مشيراً إلى أن المغاربة أصبحوا يتنافسون على مناصب الشغل مع السكان الأصليين، الشيء الذي دفع بالأغلبية الساحقة منهم في غياهب البطالة. وتابع الخبير قائلا إنه مع استمرار الأزمة في إسبانيا، فإن البطالة في صفوف المغاربة مرشحة للارتفاع بشكل مهول، وهو ما قد يجعل العديد منهم يفكر في الرجوع إلى المغرب، لافتاً إلى أن الذي يزيد المشكلة حدة تواجد الحزب الشعبي اليميني على رأس الحكومة الإسبانية، وهو الحزب المعروف بمواقفه المعادية للهجرة خاصة من المغرب.