إذا سألتني عن الكارثة العظمى، فردي أن لها حديثا ، أرجو أن تستطيع معي صبرا.. فأنت إذا سألت أي تلميذ في المرحلة الإعدادية أو الثانوية، درس شيئا من تاريخ المغرب الحديث، عن الشريف محمد أمزيان "مثلا"، فسيقول لك على الفور: هو زعيم وطني، وقائد عسكري، ومَثال خلقي. وقد يستطرد في الكلام قائلا: حارب في ميادين القتال، فهزم بحفنة من المجاهدين المفتقرين إلى السلاح، الجحافل والفيالق والجيوش، واصطدم بالتحالف الاستعماري الأوربي، رأس الحربة فيه فرنسا وإسبانيا، فأذل كبرياء أوربا ودمر جيوشها، وهزم قوادها. ثم يختم بقوله: وحسب الشريف محمد أمزيان أن تكون صحيفته في التاريخ: الرجل الذي أعاد لدنيانا سير الخالدين. هذه الإجابة البسيطة المستقرة في الوجدان المغربي طيلة قرن من الزمن، يغيبها أو يستنكرها نفر من (مثقفينا)، منطلقين من أن ثمة زوايا متعددة يتعين ملاحظتها، وأن كل شيء بما فيها الذاكرة الوطنية قابل للمراجعة... - أحدهم،(كاتب محترم) كتب: محمد أمزيان الريفي بطل حرب الريف الأولى ( استخفاف وتهوين) - (مسئول) قال: ذكرى استشهاد محمد أمزيان يجب أن تتحول إلى موسم لنستفيد منها ... (؟؟..). - (مثقف) قال: الاستعمار الفرنسي والإسباني غادر وبقيت شبكة الطرق... - أحد أساتذة التاريخ كتب يقول: الاستعمار الفرنسي نقل المغرب من تخلف إلى بداية التحديث... - آخر قال: فرنسا في فترة الحماية لها أفضال على المغرب... - أستاذ آخر - في إشارة خبيثة - وضع الاحتلال الفرنسي والإسباني للمغرب في سياق واحد مع الفتح الإسلامي والاثنين في مصاف الاحتلال الأجنبي . لدي شهادات أخرى لمثقفين أو قل لمتطفلين من ذاك القبيل، تلتقي على ما مررنا به في أنها تعبير عن الكارثة التي تعاني منها الساحة الثقافية في المغرب. ولولا أن فريقا آخر من الباحثين والكتاب عبروا عن مواقف رافضة لجميع المزاعم التي حاولت تجميل وجه الاستعمار/ الاحتلال، ومتمسكة بمواقف ثابتة في مواجهة الاستعمار بكل صوره ومهما كانت (((إنجازاته)))، أقول لولا وجود هذا الفريق لكان المشهد أشد بؤسا، ولخرج (بثروة) من الفضائح التي لا تشرف زماننا بأي حال. موعدنا في الجزء الثاني مع ( ام الفضائح ) باذن الله ..