لا نجد بُدًّا من إعادة نفس الكلام، الذي نردده دائما بمناسبة ومن دون مناسبة وفي كل مرة، أن إقليمالناظور يزخر بطاقات شابة واعدة في مختلف القطاعات وشتى الميادين، بإمكانها بلوغ القمة ومعه إعلاء شأن إقليمالناظور، وإن أتيحت لها القليل من الإمكانيات، لرأينا ذلك بشكل أكثر بكثير مما هو عليه الحال الآن. ولكي لا نتحدث من فراغ، هناك مثال يحدث هنا والآن، ولسنا نستقيه من زمن غابر ولا من أطلال الماضي؛ ففريق إثري الريف الناظوري لكرة السلة إناث، وبعد تحقيقه الموسم الفارط فقط، الصعود إلى القسم الوطني الأول ممتاز، ها هو في هذه البطولة الحالية، يحقق إنجازا تاريخيا لحد الساعة، عز نظيره من قبل.. إذ حقق فريق "الإثريات" 9 إنتصارات من أصل 9 مواجهات، وحصل على العلامة الكاملة، وذلك أمام فرق عريقة لها باع في اللعبة والمنافسة، مثل الكوكب المراكشي والوداد البيضاوي والجيش الملكي ومجد طنجة والفتح الرباطي، وتكفي أسماء هذه الفرق العتيدة، لتعرفوا مع من ينافس فريقنا الناظوري للإناث في البطولة الوطنية. ولعل المثير في هذا الإنجاز الكبير الذي تحققه نجمات إثري، أن الفريق الناظوري لا تصل ميزانيته ولو إلى حد نصف ميزانية الفرق الأخرى، التي تلقى دعما من المجالس المنتخبة والمستشهرين، بحيث تضخ في أرصدتها أموالا محترمة، في حين لا يملك "إثري" حتى حافلة خاصة للتنقل، وفي كل سفرياته خارج المدينة عليه تدبر أموره بأي وسيلة، ولولا بعض الغيورين من أبناء المدينة، المستبصرين الذين لهم رؤية حول ما بإمكانه أن تحققه الرياضة، ومساهمتهم في دعم الفريق، فضلا عن تضحيات المكتب المسير، لما تأتت له إجراء المقابلات هذه السنة، ولا حتى ممارسة هذه الرياضة من أصلها. ومثله، يبصم كذلك فريق "هلال الناظور لكرة القدم إناث"، على إنجازات لا تقل شأنا مما يحققه فريق "إثري الريف"، بحيث حصد عدة نتائج إيجابية رغم قلة ومحدودية الإمكانيات، وغياب الدعم عن هذا الفريق الذي برز خلال السنوات الأخيرة، وأثبت ذاته بقوة، حتى أنه تم استدعاء بعض لاعباته إلى معسكرات المنتخب المغربي. ما نستغربه بشدة، هو عدم تحرك المجالس المنتخبة من أجل دعم هذه الفرق الرياضية، رغم سطوع نجمها وطنيا، وتحقيقها نتائج جد مشرفة للرياضة الناظورية؛ فعلى سبيل المثال، عندما بادر المجلس الإقليمي للناظور، إلى توزيع حافلات رياضية بتراب الإقليم، إستثنى من حساباته فريق "إثري الريف الناظوري لكرة السلة إناث"، رغم أحقيته بذلك، ليجعلنا نتساءل، هل ثمة حسابات نجهل خلفياتها نحن، ولا توجد إلا في اعتبارات المجلس الإقليمي!، ولعلها حسابات الأصوات الانتخابية والتابعين والحلفاء، وترضية الخواطر.. والحال أن الدعم الذي يتم تقديمه للفريق من طرف المجالس المنتخبة جد ضعيف، مع أن السياسيين دائما ما يرددون نفس الأسطوانة المشروخة حول ضرورة النهوض بالرياضة والشباب والنساء، ورغم أن فريق إثري لكرة السلة، كل عناصره شباب وشرفوا الرياضة الناظورية، غير أن الدعم لم يساير هذه الإنجازات التاريخية التي يقدمها. أما الكارثة الأخرى، هي غياب كل المؤسسات التي تستفيد بشكل كبير من الناظور، وأبرزها الأبناك التي تجني أرباحا مهولة من الإقليم، دون تسجيل مساهمتها أو دعم يذكر، كما أنها لم تدعم فريقا رياضيا يوما، بل الأكثر من هذا لا تزال فرق رياضية لها أموال عالقة بذمة بعض الأبناك، رغم حملها لشعارها وإشهارها في تظاهرات وطنية كبرى.. ناهيك عن الشركات أو أشباه الأعيان، الذين نجحوا صراحة في تطبيق المقولة الشهيرة التي أطلقها أحدهم زمان "إيراث جاراوم ذانيتا وها آثاروا ءينو"، غير مدركين بالمطلق أن الرياضة صنعت لمدنٍ وأقاليمٍ هوية حقيقية، وأن الرياضة بإمكانها تحريك العجلة الإقتصادية والناعورة التجارية، إلا أن التفكير الضيق لهؤلاء يجعلهم حبسي منطق آخر لا نعلمه. وختاما، نشد بحرارة على أيدي النجمات الإثريات، اللائي سطعن وسط كل هذا الخراب والبؤس المؤسف، ونقول لهنّ: لا عليكن، فلَعُمري أنتنّ وحدكنّ قادرات على صناعة التاريخ، وإذ نعتذر حقا لكنَّ، لأننا لا نستحق بطلات بحجمكنّ؛ نعتذر لأننا لم نقدر حق التقدير ما تصنعنه من أمجاد، نعتذر لأن بيننا جبناء يخشون تألقكن وخطفكنّ للأضواء؛ ف"قِفا على ناصية الحلم وقاتِلا من أجل حلمكن"، ولا تيأسن ولا تكترثن لمن أداروا الظهور وولّوا الأدبار، فإن غدا لناظره لَقريب، وتحية لكنّ بالقبعة والفيكتوار..