تعرضت أفلام سينمائية مغربية جديدة للكثير من سهام النقاد والمختصين بسبب تقديمها لصورة الإسلاميين على أنهم همجيون ومتطرفون ومُحبون للدماء، حيث اعتبروا إلصاق هذه الصورة السلبية بالإسلاميين تجنّياً يجانبه الصواب والواقع، الأمر الذي يطرح بحدة سؤال الإبداع في السينما الوطنية. ويرى نُقاد أن أغلب مخرجي مثل هذه الأفلام الذين يقيمون في بلدن غربية لم يستطيعوا التخلص من النظرة النمطية التي يُوصَم بها المسلمون هناك، وأنها أعمال هاوية سرعان ما ينساها الجمهور لضآلة قيمتها السينمائية، فيما يعتبرها آخرون أفلاماً تنطلق من منطلق أيديولوجي محض، حيث لم يتم علاج مشكلة التطرف من زاوية فنية، بقدر ما جاء التناول سطحياً وباهتاً لهذه القضية. وعزا الناقد السينمائي مصطفى المسناوي هيمنة الصورة السلبية عن الإسلاميين في عدد من الأفلام المغربية من قبيل الهمجية والتطرف والإرهاب، إلى أن عدداً من المخرجين السينمائيين المغاربة المقيمين في بلدان غربية عجزوا عن الانسلاخ من النظرة النمطية المنتشرة عن الإسلام والمسلمين في بلدان إقامتهم، والبعيدة كل البعد عن الواقع. وأضاف في تصريحات ل"العربية.نت" أن هذه النظرة تضع الجميع في كفة واحدة وتجعل من كل مسلم "إرهابياً" مفترضاً، وبالتالي عجز المخرجون عن تكوين وجهة نظر خاصة على المستويين الفكري والجمالي ويُفترض توافرها في كل عمل فني يستحق هذا الاسم فعلاً. واستطرد المسناوي قائلاً: "إذا كان البعض يطرح احتمال أن هؤلاء المخرجين لا يقومون بما يقومون به إلا لكونهم يسعون إلى التملق للغرب ومغازلته أو لأنهم يحاولون فقط التبرؤ من هويتهم الأصلية والبرهنة على أنهم يختلفون عن بني جلدتهم كأنهم في قفص اتهام، فإن السؤال الأساسي الذي يبقى مطروحاً في البدء والمنتهى هو سؤال الإبداع. وتساءل الناقد: "هل استطاع هؤلاء المخرجون المبتدئون، في أغلبهم، أن يعطونا أفلاماً ينطبق عليها هذا الاسم فعلاً أم أن ما قدموه يبقى مجرد "خربشات" تفتقد للبناء الفني المحكم والقدرة على الإقناع وعلى التواصل مع جمهورها المحلي؟". وأضاف: "هي أن أغلب الأفلام المذكورة مجرد "محاولات" هاوية لا تستحق أن نتوقف عندها؛ لأنها تُنسى بمجرد الخروج من قاعة العرض ولا يمكنها أبداً أن تشغلنا أو تحول أنظارنا عن الأعمال السينمائية الجميلة والجليلة في آن والتي تنفتح على العالم وعلى الآخر المختلف وعلى الهموم الإنسانية المشتركة. ومن جهته، قال الناقد السينمائي مصطفى الطالب إنه في الوقت الذي يعرف الوطن العربي حراكاً اجتماعياً وسياسياً غيَّر ملامح هذه الرقعة الجغرافية الهامة، وفي الوقت الذي عرفت فيه المنطقة صعود التيار الإسلامي لازالت السينما المغربية تنتج عدة أفلام تشوّه الإسلاميين والمتدينين بصفة عامة، جاعلة منهم متطرفين وهمجيين وسفاكي دماء وأعداء للفن وللسينما وللمرأة من قبيل ما تَمَّ عرضه أخيراً في الدورة 13 من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، حيث تطرقت 6 أفلام طويلة لهذا الموضوع بشكل فجّ، حملت في قصصها شخصيات متطرفة ذات نزعة عدوانية. وأوضح الطالب أن هذه الأفلام انطلقت من منطلق أيديولوجي محض وليس سينمائياً، ذلك أن مخرجيها لم يقدموا أية معالجة لمشكلة التطرف الديني والفكري بل تعاملوا بشكل سطحي مع هذه الشخصيات التي هي في الواقع أذكى مما نشاهده. واسترسل الناقد قائلاً: "إن هذه الأفلام هي أعمال من أجل "البروباغاندا" لا غير، مشيراً إلى أن الأيديولوجيا والبروباغاندا تقتلان الفن والإبداع ليصبح الخطاب المباشر سيد الموقف عوض الإبداع الفني، ولذلك رأينا أفلاماً دون المستوى المطلوب، خاصة على مستوى كتابة السيناريو والأداء". وسجل الطالب أن الجمهور والنقاد سئموا من هذه النمطية في التعامل مع الإسلاميين وجعلهم في سلة واحدة وأيضاً من هذه الأفلام التي غالبها ما تُنجز بإنتاج مشترك، بمعنى أن هناك دعماً أجنبياً يفرض شروطه ورؤيته الثقافية للمسلمين على المخرج المغربي، كما أن هذه الأفلام، عكس ما تصبو إليه، أصبحت تفضي إلى تعاطف الجمهور مع شخصية المتدين، لأنه بات يدرك أن القصد من الأفلام هو تشويه صورة "الإسلامي". وخلص الطالب إلى أنه أضحى لزاماً على المخرجين المغاربة، والعرب عامة أن يغيروا من نظرتهم لشخصية "الإسلامي" أو المتدين الذي يجب فهم آليات تفكيره وسلوكه ومحاولة معالجة أخطائه، وأضاف: "هناك مواضيع أكثر أهمية من الانكباب على التدين والتطرف قصد الحصول على دعم سخي وأننا اليوم في حاجة إلى سينما ما بعد الربيع العربي، سينما أكثر مسؤولية، وأكثر جدية واحترافية". يُشار إلى أن جملة من الأفلام السينمائية الجديدة تطرقت إلى صورة الإسلاميين على أنهم متعصبون ومتطرفون ودمويون، مثل فيلم "السيناريو" للمخرج عزيز سعد الله و"موت للبيع" لفوزي بنسعيد و"الطريق إلى كابول" للمخرج إبراهيم الشريكي و"المغضوب عليهم" لمحسن البصري، وغيرها من الأفلام المغربية.