أصدر الفنان المغربي جمال الدين بن حدو، أغنية بعنوان "زواج الفيسبوك"، وتندرج ضمن قالب فن الملحون التراثي، تقدم قصة جدية في لعبة هزلية. جمال الدين بن حدو، في حوار ل"العربية.نت"، قال بأن هذا الشكل الذي ابتدعه ليس بالغريب عن فن الملحون، الذي ظل - حسبه - منفتحا على مدار خمسة قرون من نشأته، على الشعر والأدب وأيضا حياة الناس وهمومهم، والكشف عن المفارقات التي يعج بها المعيش اليومي، مستثمرا إياها بطريقة إنشادية جميلة تترك أثرا حميدا في النفوس، كما هو الحال في قصيدة "حمان الخربيطي"، التي تحكي قصة "حمان"، الشاب الذي يمتهن الجزارة ويقرر الزواج بعد أن لا حظ تقدمه في السن، فيطلب من والدته ذات الخبرة الواسعة في الحياة أن تساعده لإيجاد العروس المناسب، بمواصفات خاصة تكون متحضرة وعصرية وعلى قدر مهم من الجمال. لتنتهي الأحداث، بتحقيق حمان لرغبته في الزواج من فتاة بالمواصفات التي أراد، وفي ليلة العرس سيقبل على شرب الخمر إلى حد الثمالة، نتج عنه إفساده بنفسه لحفل زواجه، وينتهي به المآل إلى السجن بعقوبة شهرين نافذين بتهمة السكر البين، ليخسر بذلك نفسه وماله وزوجته. وأضاف بن حدو، بأنه نسج على شاكلة هذه القصائد التراثية ك "حمان" وزواج الباهيات و"الزمانية" والعصرية، أي المرأة التقليدية والعصرية، وغيرها من الأعمال الإبداعية التي أغرت - تبعا له - بعض المسرحيين والسينمائيين المغاربة ليستلهموا منها أعمالهم، مشيرا إلى أن قصيدة "زواج الفيسبوك"، تنتمي لهذا الأفق الجمالي، وبأنه وجد نفسه وهو يتابع ما يجري في هذه الأيام من أحداث سريعة ومتسارعة على مستوى العالم الافتراضي، من أن يبدع قصيدة ملحونية جديدة تتناول ظاهرة الزواج اعتمادا على ما توفره الشبكة العنكبوتية والمواقع الاجتماعية من سهولة في التواصل، تواصل لا يخلو من طرائف ومواقف كوميدية، من انتحال الصفات وترويج معلومات مغلوطة بهدف النصب أو الاحتيال، أومن باب الدعابة يقول المتحدث. وأوضح، بأن أغنية "زواج الفيسبوك"، تحكي قصة شاب مغربي فشل في العثور على شريكة حياته ولجأ، بعد نصيحة الأصدقاء، إلى اقتناء حاسوب، ليعتكف في البيت سابحا عبر الشبكة العنكبوتية للبحث عن شريكة حياته المثالية، ذات القد الممشوق والعينين الزرقاوين، والشعر الأشقر، إلى جانب المؤهلات الاجتماعية، فكان له ما كان من الوصول إلى شخصية بالمواصفات المطلوبة على المستوى الافتراضي، لكن الصدمة كانت قوية، حين تجلت له تلك الفتاة في الواقع العياني، واكتشافه بأنها لا تتوافق والهندسة التي رسمتها له، بقدر ما غررت به واحتالت عليه، وهو الذي كان يظن أنها في العقد الثاني من العمر، حسب جمال الدين. واعتبر، أن طرقه لهذا الموضوع في قالب مسرحي فكاهي ساخر، يعد محاولة منه لتأكيد استمرار فن الملحون في الحياة وتجدده تبعا لمعطيات الواقع الاجتماعي، مبرزا أن القصيدة اعتمدت العبارات التي أصبحت مسكوكة في اللغة العامية من طرف مستعملي الإنترنيت، موظفة مفرداتها الإنكليزية الأصل بشكل تلقائي. وكشف جمال الدين بن حدو، أنه بصدد تصوير فيديو كليب لهذه الأغنية، وأنه لن يسند هذه المهمة إلا لمخرج ينتمي لجيل الشباب، ممن يفهم في أسرار العوالم الافتراضية، ويكون في نفس الوقت مسلحا بتكوين أكاديمي في مجال الإخراج، وأن هذه المواصفات وجدها في المخرج الشاب أيوب العياسي خريج المدرسة العليا للسينما بمراكش، الذي سبق وأن تعامل معه مؤخرا في فيديو كليب "ماي زينب"، وهي أغنية ملحونية تمزج بين فن الملحون المغربي بفن "الهيب هوب"، والتي يستعد حاليا لتقديمها للجمهور المغربي والعالمي. وأشار إلى أن قصيدة "زواج الفيسبوك" و"ماي زينب" تدخلان في إطار مشروع تصويره لخمسة أعمال أخرى، يعكف على إنجازها بدعم من مؤسسات وأشخاص تؤمن برسالة الفن التربوية والحضارية، موضحا أن اعتماده لأسلوب "الفيزيون"، في بعض من هذه الأغاني، تعد في نظره مغامرة تجريبية لإعطاء فن الملحون بعدا عالميا، من خلال انفتاحه على ثقافات أخرى، على غرار تجربته السابقة في أغنية "غيثة حبيبتي" التي دمج فيها بين الخليجي والملحون، محققة نجاحا وصفه بالباهر تمثل –حسبه-، في رواج الكليب المخصوص لها في العديد من القنوات العربية.