بعد انهيار بعض الأنظمة الديكتاتورية في شمال إفريقيا أخذ الإسلام السياسي يحل مكانها. وهذه الظاهرة تطرح أسئلة مقلقة، في المقام الأول، على الشعوب المعنية و على نخبها. و من المفارقات، إلى حد ما، أن الذين حرصوا على الكفاح من أجل حريتهم قد عهدوا بها إلى أولئك الذين قد يصادرونها منهم. إن الديموقراطية هي مبدأ لا يمس. فحتى في الحالة التي لا يعرف المواطنون استعمالها، فإن الإقتراع يبقى هو الطريقة المثلى للبت في اختيار الحكومات. ومع ذلك لا يمكن أن تكون هناك ديموقراطية بدون حرية. وكل تقييد للحريات العامة والديموقراطية هو مس بقيمة الديموقراطية ذاتها. واليوم، إن ضرورة الحرص على هذه القيمة هو من واجب كل شعب وكل جمعية وكل منظمة وكل فرد في المنطقة. إن الإيمان لا يعطى بمرسوم كما أنه لا يناقش، وكذلك الشأن بالنسبة لمساواة المواطنين إزاء القانون. فلكل مواطن الحق في حرية الإعتقاد ، وليس على القانون أن يحد منها بأي شكل من الأشكال. فمجتمعاتنا هي متعددة على المستوى الهوياتي واللغوي والديني والسياسي... و بالتالي، فإن احترام حقوق الأقليات و الشعوب لا ينبغي أن ينتهك. و المجتمع المدني والنخب، على وجه الخصوص، داخل كل دولة، مدعوان إلى تنظيم أنفسهما والتحلي باليقظة من أجل الدفاع، بالغالي و النفيس، عن الغنيمة التي تم الحصول عليها من الحرب، وهي الحرية، والتي تم انتزاعها من الديكتاتورية بعد كفاح مرير. لن يكون من الحكمة أن يفرض الحكام الجدد قوانين استئصالية تخرق المواثيق والمعاهدات الدولية حول حقوق الإنسان و حقوق الشعوب. والمجتمع الدولي الذي ساند هذه الشعوب في إسقاط الديكتاتوريين، مدعو بدوره، إلى يقظة كبيرة وإلى مرافقة هذه الدول في مراحلها الإنتقالية الصعبة نحو الديموقراطية. ولا يجب على المنافع التجارية والمصالح الجيوسياسية أن تلقي بظلالها، من جديد، على أفق حقوق الإنسان. إن اتحاد شعوب شمال إفريقيا يبقى واثقا من صدى هذا النداء " نداء مراكش" ، الذي من شأن كل من يعنيه الأمر التذكير به وبلورته عند الحاجة. المكتب التنفيذي لاتحاد شعوب شمال إفريقيا الرئيس:فرحات مهني مراكش 9 دجنبر 2011