إعداد: عبد الله البشواري – و م ع في مبادرة هي الأولى من نوعها اختارت إدارة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش أن يعرض فيلم مشارك في المسابقة الرسمية في حفل الافتتاح، ولم يكن هذا العمل إلا الشريط المغربي "عاشقة من الريف" لنرجس النجار. وقد أثار الشريط لدى عرضه ردود فعل متباينة بين فئات عريضة من الجمهور، فهناك من يرى أن في فيلم "عاشقة من الريف" جرعة زائدة من "الجرأة" في مقاربة مواضيع مجتمعية، خاصة المتعلقة بالمرأة، وبين الذاهب إلى حد القول بأن نرجس النجار بقيت وفية للجمالية السينمائية، ولكتابتها السينمائية "المتمردة"، مستنتجين أن شريطها الجديد حلقة مكملة ل"العيون الجافة" و"انهض يا مغرب". ويروي الشريط، المقتبس عن رواية الكاتبة المغربية نفيسة السباعي "نساء في صمت" والذي صور بين مدينتي الدارالبيضاء وشفشاون، قصة الفتاة آية، التي تنحدر من المدينة ذاتها. ويدفع شقيقا آية بها إلى عالم المخدرات بين أحضان أحد البارونات، فتقدم على جريمة قتل ليحكم عليها بالسجن عشرة أعوام، فتأخذ القصة مسارا آخر داخل فضاء السجن. وفي رأي محمد باكريم، ناقد ورئيس الجمعية المغربية للدراسات السينمائية ومدير تحرير مجلة (سينماك)، فإن "عاشقة من الريف"، الذي وصف مخرجته ب"المتمرسة والمناضلة السينمائية"، يفتح "أفقا آخر" في مسار نرجس النجار. وبالمقابل، يقول باكريم، في حديث لوكالة المغرب العربي، ف"عاشقة من الريف"، ومن خلال المشاهدة الأولية، "لا يساهم في تراكم ما" في مسيرة نرجس النجار، و"عانى من عدة نواقص". وأرجع الناقد ذلك إلى اختيار فضاء الريف، الذي شكل نوعا من "الضغط الدرامي" على الفيلم، الذي ذهب في اتجاهات متعددة دون التركيز على محور درامي يحمل الشريط من أوله إلى آخره. وتجلى ضغط الفضاء - حسب باكريم - بالخصوص في الإحالات على تيمتي المخدرات والهجرة السرية، مما تسبب في نوع من "الشحن الدرامي" الذي انعكس على كتابة الفيلم. وجاء هذا الانعكاس تارة بالإيجاب من خلال استغلال مشاهد من مدينة شفشاون والاشتغال على الألوان، وتارة أخرى سلبا، بانفتاح الشريط على عدة إشكالات، وهذا ما نتج عنه - من وجهة نظر باكريم - ما سماه ب`"فائض موضوعاتي" أدى بالمتفرج إلى التيه. وسجل أن بعض الشخصيات المحورية كبارون المخدرات "لم يكن بالقوة الدرامية المطلوبة"، على عكس مشهد الافتتاح الذي كان "جميلا جدا" بل وتمتع ببعد شعري يعلن عن مشروع جمالي داخل الفيلم الذي سرعان ما "يتشتت" في اتجاهات أخرى. من جهة أخرى، وعن اختيار هذا الشريط ضمن المسابقة الرسمية، قال محمد باكريم إن للجنة اختيار الأفلام الخاصة بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش أساليبها الخاصة، مستبعدا أن يكون عنصر الجرأة أو المضمون المباشر ل"عاشقة من الريف" قد لعب دورا في اختياره للتنافس على النجمة الذهبية. يشار إلى أن إدارة المهرجان اختارت أيضا شريطا مغربيا آخر، وهو "موت للبيع" لفوزي بنسعيدي، لعرضه خلال حفل الاختتام الذي سينظم في العاشر من دجنبر الجاري بقصر المؤتمرات بالمدينة الحمراء. ويرى الكثير من المهتمين بقضايا الفن السابع أن اختيار فيلمين مغربيين لافتتاح واختتام فعاليات دورة هذه السنة، وتخصيص فقرة "خفقة قلب" للإنتاج الوطني، نتيجة طبيعية لتطور الفن السابع المغربي وللعدد الكبير من الأفلام التي تنتج سنويا، وإلى الحضور المتميز للفيلم المغربي في التظاهرات السينمائية العالمية.