انتخاب عمدة طنجة، منير ليموري، رئيسا لمجلس مجموعة الجماعات الترابية "طنجة تطوان الحسيمة للتوزيع"    "الكونفدرالية" تقرر تسطير برنامج احتجاجي تصعيدي ضد التراجعات التشريعية للحكومة وإخلافها لالتزاماتها    استئنافية فاس تؤجل محاكمة حامي الدين إلى يناير المقبل    نظام الجزائر يرفع منسوب العداء ضد المغرب بعد الفشل في ملف الصحراء    نقابة تنبه إلى تفشي العنف الاقتصادي ضد النساء العاملات وتطالب بسياسات عمومية تضمن الحماية لهن    البنك الدولي: المغرب يتصدر مغاربيا في مؤشرات الحكامة مع استمرار تحديات الاستقرار السياسي    الاتحاد الإفريقي يعتمد الوساطة المغربية مرجعًا لحل الأزمة الليبية    وسط صمت رسمي.. أحزاب مغربية تواصل الترحيب بقرار المحكمة الجنائية وتجدد المطالبة بإسقاط التطبيع    برنامج الجولة الخامسة من دوري أبطال أوروبا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    الشرطة توقف مسؤولة مزورة بوزارة العدل نصبت على ضحايا بالناظور    بورصة البيضاء تفتتح تداولات بالأخضر        الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز 'بوينغ 787-9 دريملاينر'    صنصال يمثل أمام النيابة العامة بالجزائر    العالم يخلد اليوم الأممي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر    جماعة أكادير تكرم موظفيها المحالين على التقاعد    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    ياسمين بيضي.. باحثة مغربية على طريق التميز في العلوم الطبية الحيوية    أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي    تقرير: جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل عشر دقائق في العالم    تيزنيت: شبان يتحدون قساوة الطبيعة وسط جبال « تالوست» و الطريق غير المعبدة تخلق المعاناة للمشروع ( فيديو )        إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    لماذا تحرموننا من متعة الديربي؟!    النفط يستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين بدعم من توترات جيوسياسية    6 قتلى في هجوم مسلح على حانة في المكسيك    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام        مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    استيراد الأبقار والأغنام في المغرب يتجاوز 1.5 مليون رأس خلال عامين    تقرير : على دول إفريقيا أن تعزز أمنها السيبراني لصد التحكم الخارجي    تصريحات حول حكيم زياش تضع محللة هولندية في مرمى الانتقادات والتهديدات    رياض مزور يترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    تحالف دول الساحل يقرر توحيد جواز السفر والهوية..        الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل "حاخام" إسرائيلي    بسبب ضوضاء الأطفال .. مسنة بيضاء تقتل جارتها السوداء في فلوريدا    انطلاق حظر في المالديف يمنع دخول السجائر الإلكترونية مع السياح    جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحلقة 2 : كيف تسرق الحكومة أموال الشعب ؟ ... تعطيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ^ الحسابات الخصوصية ^ كنموذج
نشر في ناظور24 يوم 04 - 10 - 2011

حدة الاحتجاجات غداة اندلاع الربيع العربي،اليوم الترسانة القانونية من خلال الوثيقة الدستورية باتت موجودة، ما ينقصنا، حسب المحللين، هو كيفية تشغيل الميكانيزمات المرتبطة بهذا الدستور ،حيث ثبت بالملموس عدم تفعيل نصوص الدستور الجديد في شق ربط المسؤولية بالمحاسبة كمثال على ذلك نورد في هذه المقالة ملف الحسابات الخصوصية الذي ظل لعقود مضت من بين العلب السوداء التي يمنع الخوض فيها.
في خريف كل سنة يتابع المغاربة على شاشة التلفزيون نوابهم ومستشاريهم وهم يتصايحون بحماس ظاهري ويتبادلون الانتقادات بملء الصوت أثناء مناقشتهم لميزانية البلاد. بيد أن ما لا يدركه هؤلاء المغاربة هو أن المؤسسة التشريعية، التي يجب عليها مبدئيا مراقبة مالية البلاد لأن مصدرها من جيوب المواطنين، لا تتحكم بشكل كامل في خمس ميزانية البلاد. فالبرلمان لا يناقش البتة وثيقة مهمة جدا ملحقة بمشروع الميزانية تحمل اسم "الحسابات الخصوصية".
وبلغت قيمة هذه الحسابات، التي لا تخضع لأي مراقبة، 52 مليار درهم (5200 مليار سنتيم) في ميزانية هذه سنة2011 مرتفعة بنسبة 13 في المائة عما كانت عليه في 2010
كثرة هذه الحسابات وعزلها عن الميزانيات القطاعية أبرز العوامل التي تساهم في انفلاتها من المراقبة، وتعقد قراءتها بشكل مفصل ودقيق بالمؤسسة التشريعية.
وانتقدت هيئة حماية المال العام بشدة "عدم تفكير الحكومة في الضغط على هذه المؤسسات من أجل خلق تمويلات ذاتية"، مقترحة على الجهاز التنفيذي "التفكير مستقبلا في دمج الحسابات الخصوصية جميعها في ميزانيات القطاعات الوزارية بشكل عادي". وسيمكن إجراء من هذا القبيل البرلمانيين من مراقبة الحسابات الخصوصية ومساءلة الحكومة عن قنوات صرفها.
وإذا كان القانون يوكل مهمة مراقبة هذه الحسابات للخزينة العامة للمملكة والآمرين بصرفها والمسؤولين عن تدبير مجالات تدخلها، إضافة إلى الرقابة البعدية للمفتشية العامة للمالية والمجلس الأعلى للحسابات، فإن الهيئة لاحظت أن "الإدارة المكلفة بمراقبة الالتزامات بنفقات الدولة لا تراقب هذه الميزانيات"، فضلا عن البطء الذي يطبع عمل المفتشية العامة للمالية والمجلس الأعلى للحسابات، الشيء الذي يصعب مهمة التدقيق في طرق صرف تلك الاعتمادات، خصوصا وأنها مختومة بطابع "خاص".
شددت الهيئة الحقوقية كذلك على أن "صعوبة الولوج إلى المعلومة بالمغرب يجعل معرفة طرق الصرف غامضة ما لم تنفتح الإدارة المعنية بذبك وتقدم المعلومات الضرورية".
إذا كان البرلمان يفتقر إلى صلاحية مناقشة هذه الحسابات قبيل الشروع في صرفها وأثناء إنجاز المشاريع التي رصدت لأجلها، فإن المراقبة البعدية أصعب بكثير في بلد يحتل مرتبة جد متواضعة في مؤشر "الميزانية المفتوحة" الذي تعده منظمة "ترانسبرانسي" على رأس كل سنتين .
في التصنيف الأخير، الذي أعلن عنه متصف شهر أكتوبر الماضي، احتل المغرب الرتبة 69 من أصل 94 دولة بمعدل 28 نقطة. رصيد جعله من بين أضعف المغرب سوى على الجزائر والسعودية والعراق الذي تذيل الترتيب، علما أن الأردن تصدرت العرب برصيد 50 نقطة.
وثائق عدة ترفع نسب شفافية الميزانية، وتقوي المراقبة البعدية لها، لا يتوفر عليها المغرب، بعضها لم يسبق له أن أعدها من حصوله على الاستقلال قبل أزيد من خمسة عقود، وبعض آخر يظل حبيس رفوف القطاعات الحكومية، ولا يجد طريقه إلى أيدي الخبراء ووسائل الإعلام، فبالأحرى أن يطلع عليه المواطنون.
فباستثناء مشروع قانون المالية، الذي يتم تقديمه إلى البرلمان، لا تصدر الحكومة أي وثائق من شأنها تعزيز شفافية ميزانيتها، مثل التقرير الأولي للميزانية وتقرير منتصف السنة وتقرير المراقبة والافتحاص، ولا تنشر التقارير التي تنجزها في آخر كل سنة عن ميزانيتها السنوية، كما أن فهم مضامين مشروع قانون المالية ونصه النهائي المعتمد من لدن البرلمان، يستعصي على عموم المواطنين، ولا يستطيع فك شيفرات أرقامه الكثيرة سوى خبراء السياسة العمومية.
في جنوب إفريقيا، التي تصدرت التصنيف العالمي لمؤشر "الميزانية المفتوحة"، تصدر الحكومة، كل سنة، تقريرا أوليا للميزانية العامة للبلاد، قبل إعداد مشروع قانون المالية والاستعداد لإحالته على المؤسسة التشريعية، بالإضافة إلى نشر تقارير مفصلة عن نفقات ومداخيل الدولة في ختام كل سنة مالية.
وفي غياب هذه الآليات، يبقى تتبع طرق صرف الميزان العامة للدولة، وليس الحسابات الخصوصية فقط، محط تساؤلات كثيرة، خصوصا وأن قطاعات كثيرة تستفيد من اعتمادات إضافية يتم تمريرها أما نواب الأمة دون أن يستطيعوا النبس ببنت شفة بشأنها: تأييدا أو انتقادا.
قطاعات محظوظة
في خريف كل سنة، يأتي الوزراء تباعا إلى البرلمان للدفاع عن ميزانيات القطاعات التي يتولون تدبير شؤونها داخل لجن المؤسسة التشريعية.
الوزراء المحظوظين يفدون على قاعة مناقشة ميزانية قطاعهم بمعنويات مرتفعة، والسبب ضمانهم نصيبا من كعكة الحسابات الخصوصية التي لن تنقص من ملاييرها انتقادات المعارضة ولا حتى تصفيقات الأغلبية سنتيما واحدا. مبعث الاطمئنان: "فيتو" الاستثناء الذي تقتضيه الأوراش المفتوحة في القطاعات المستفيدة.
وإذا كانت التربية الوطنية والصحة تحتلان الصدارة بسبب المبالغ المهمة التي ترصد لهما من الميزانية العامة للدولة، فإن وزارة الداخلية تتصدر لائحة الوزارات على مستوى عدد الحسابات الخصوصية في سنة 2010، جاءت قائمة الوزارت المستفيدة، مرتبة حسب الأهمية، على الشكل التالي: الاقتصاد والمالية، الداخلية، الوزارة الأولى، إدارة الدفاع الوطني، الطاقة والمعادن، التجهيز والنقل، الفلاحة والصيد البحري، المياه والغابات والإسكان والتعمير والتنمية المجالية. ولم يلمس أثر لوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي. وهنا تجدر الإشارة إلى أن القانون التنظيمي لقانون المالية ينص على عدة أصناف من هذه الحسابات تبقى الحسابات المرصودة لأمور خصوصية أهمها، عددا وميزانيات، وإلى جانبها حسابات القروض، حسابات الانخراط في المؤسسات الدولية، حسابات العمليات النقدية، وحسابات الانخراط في المنظمات الدولية...
ثمة أيضا انتقادات تهم تمكين بعض القطاعات من اعتمادات مالية تفوق بكثير حاجياتها الحقيقية، وهو ما "يفتح المجال لنشوء معاملات مشبوهة كالتبذير واستعمال هذه الحسابات الخصوصية في منح امتيازات وصرف علاوات مغرية للموظفين والمسؤولين بدون وجه حق" على حد قول الخبير الاقتصادي محمد كريم.
ويفسر هذا المعطى، في حالات كثيرة، الفروق الحاصلة في الأجور والتعويضات بين الهام بين عدد من القطاعات. ففي المغرب، يمكن أ، يصل الفارق المالي بين أجرتي إطارين، من نفس المستوى الإداري، يعملان في قطاعين مختلفين إلى نحو مليوني سنتيم والسبب في أحايين كثيرة، حصول القطاع، الذي يعمل فيه الموظف ذي التعويضات المجزلة، على جانب من كعكة الحسابات الخصوصية الملتحفة بالسواد، وإن استمدت مسوغات وجودها من القانون.
الإفلات من المراقبة... إلى متى؟
إذا كانت تلك حال الميزانية العامة للدولة، فوضعية الحسابات الخصوصية أسوأ. ذلك أن وزارة الاقتصاد والمالية تكتفي ببيان مداخيلها دون جرد مجموع النفقات. "ففي التقييدات الموازناتية المتعارف عليها دوليا" يقول محمد كريم، "لا يتم عرض رصيد هذه الحسابات فقط، وإنما تفكك وتدرج مداخيلها مع المداخيل العادية، ونفقاتها مع مصاريف التسيير أو التجهيز حسب الحالة".
كان يفترض أن يقطع المغرب مع هذه الوضعية قبل ست سنوات على الأقل. فقد كانت الحكومة المغربية أعلنت انخراطها، رسميا، فيما يسمى المعيار الخاص بنشر المعطيات، الذي بلوره صندوق النقد الدولي في سنة 2005. في هذا الاتجاه، أعدت الخزينة العامة للمملكة الصيغة المغربية من هذا المشروع، وتتمثل أبرز مستجداته، حسب محمد كريم، في "إلزامية تسجيل جميع المعطيات، بما في ذلك الحسابات الخصوصية، على أساس الاستحقاق، وليس الأساس النقدي".
ويمني البرلمانيون النفس، كذلك، بأن يفتح لهم إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية منافذ لمراقبة هذه الحسابات، ومعها المؤسسات العمومية المستفيدة منها. غير أ، صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية، أخلف موعده معهم بجعل 2010 سنة إصلاح هذا القانون. المعارضة، ممثلة في حزب العدالة والتنمية، أكدت أن الحكومة وأغلبيتها، وحدهما، تستطيعان القطع مع عهد الإفلات من الرقابة. في حين دعا عبد الله البورقادي إلى ربط هذه العملية بالضرورة بطلب من المؤسسة التشريعية. أما أحمد الزايدي، رئيس الفريق الاشتراكي للقوات الشعبية، فشدد على وجوب "إعمال الرقابة البرلمانية على المؤسسات العمومية، خاصة وأن استثمارها تفوق استثمارات القطاعات الوزارية". القيادي الاتحادي اعتبر أ،ه "من العبث أن تظل المؤسسات التي تتولى استثمار ثلثي المال العام خارج الرقابة البرلمانية".
وإذا كان لحسن الداودي انتقد الحسابات الخصوصية ووصفها ب"آلية تهريب الاعتمادات الملية"، فإن البورقادي اعترف باستحالة إلغائها جميعها، واستدل على ذلك بصندوق مواجهة الكوارث الطبيعية. وفي انتظار خروج الصيغة الجديدة من القانون التنظيمي لقانون المالية، الذي ينتظر أن يعمد إلى إقرار توزيع الميزانية العامة للدولة حسب الجهات، وليس تبعا للقطاعات، كما هو معمول به، وهو نافذة تحتمل إلغاء هذه الحسابات، فإن تجربة صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، الذي يضخ فيه نصف عائدات خوصصة المؤسسات العمومية، يبقى نموذجا لنقل الحسابات من مجرد صناديق تستفيد من اعتمادات بملايير السنتيمات تحت إمرة وزير إلى مؤسسة عمومية قائمة الذات ذات مجلس إطاري يضمن تسييرا مستقلا وفعالا لموارد المالية، التي فاقت 40 مليار درهم. فهل يمكن تحويل بعض الصناديق، خصوصا التي تتوفر على موارد مالية مهمة، إلى مؤسسات عمومية؟ وإلى متى سيظل هذا النوع من المؤسسات في منأى عن رقابة المؤسسة التشريعية؟
حسابات الخزينة... الغموض المضاعف
ليست الحسابات الخصوصية الآلية المالية الاستثنائية الوحيدة التي تفلت من رقابة البرلمان. ثمة أيضا حسابات الخزينة التي يلجأ إليها المحاسب العمومي من أجل تسوية تقييداته المحاسباتية وأداء متأخرات الأداء، ولا يكو نلها في معظم الحالات تأثير على العجز الموازناتي.
وتقوم الخزينة العامة بإعداد هذا النوع من الحسابات على رأس كل شهر، ورغم أنها تبين ذلك في وثيقة "الميزان العام للحسابات"، فإنه لا يحق للبرلمان مناقشتها، بل إنها لا تعرض عليه أصلا من أجل التصويت أو المصادقة.
وعكس الحسابات الخصوصية، التي تحدث بموجب القانون التنظيمي لقانون المالية لسنة 1998، فإن حسابات الخزينة ليست قانونية، لعدم التنصيص عليها في أي من النصوص التشريعية المنظمة للمالية العمومية ببلادنا كالمرسوم المنظم للمحاسبة العمومية الصادر في سنة 1967، والمرسوم التطبيقي للقانون التنظيمي لقانون المالية الذي تم اعتماده قبل 11 سنة.
وتشهد حسابات الخزينة، على غرار الحسابات الخصوصية، تباينا ملحوظا على مستوى القطاعات المستفيدة منها.
وأكثر من ذلك، يتم في بعض الحالات تحويل حصة من الحسابات الخصوصية نحو حسابات الخزينة، وتبرز من جديد أوصاف القطاعات المحظوظة التي تستفيد من الاعتمادات المالية التي تحصل عليها بناء على هذه الآلية ذات الطابع الاستثنائي، وتصرف جزأ منها على شكل تعويضات مجزلة لموظفيها ومسؤوليها.
وتطرح هذه الآلية بدورها علامات استفهام بخصوص الآمرين بصرفها. فهل يعقل أن يحصل موظفون وأطر عموميون بجرة قلم من وزير على علاوات وتعويضات أكثر مما يتقاضاه إطار من الدرجة الإدارية نفسها في قطاع أقل حظوة؟
شركات كبرى تتحول إلى صناديق سوداء
الحسابات الخصوصية وحسابات الخزينة ليست وحدها ما ينعت بالصناديق السوداء بالمغرب. ثمة صناديق أكثر قتامة. إنها الشركات، بما في ذلك العمومية، التي تتملص من أداء الضريبة، وتحرم بذلك الميزانية العامة للدولة من موارد مالية مهمة.
قبل نهاية السنة الماضية، تفجرت فضيحة من العيار الثقيل في هذا الباب، لعبت فيها "شركة الخطوط الجوية الملكية" دور البطولة.
وإذا كانت الضرائب تشكل المصدر التمويلي الرئيس للحسابات الخصوصية، فهذا يعني أنها تحرم بدورها، على علاتها، من موارد مالية مهمة، من شأن تراكمها وتزايد أهميتها أن يشجع على نقلها من صناديق خاصة إلى مؤسسات عمومية قائمة بذاتها على غرار تجربة "صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية".
فقد كشفت المراجعة الضريبية التي خضعت لها "لارام" وكشف عن تفاصيلها في آخر أسبوع من السنة الماضية أن هذه الشركة لم تؤد سنتيما واحدا كضرائب لخزينة الدولة منذ إحداثها سنة 1958،أي قبل ثلاث وخمسين سنة.
وعلق إدريس بنهيمة الرئيس المدير العام لهذه الشركة، قائلا: "كانت لإدارة "لارام" طيلة 53 سنة قراءتها الخاصة للضرائب، وكانت تؤديها وفقا لهذه القراءة". بنهيمة نفسه اضطر إلى الجلوس على طاولة التفاوض مع صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية، من أجل حصر المبلغ الذي ستدفعه شركته نتيجة لتملصها من أداء واجباتها الجبائية لأزيد من خمسة عقود. وقد تم تحديد هذا المبلغ في 1.4 مليار درهم (140 مليار سنتيم)، ضمنها 120 مليون درهم عن كتلة الأجور. مبالغ هائلة حرمت منها ميزانية الدولة على مدى سنين عديدة، فعلى من سيأتي الدور؟ وهل سينضاف اسم آخر إلى لائحة الشركات التي تلزم بدفع ما بذمتها من واجبات ضريبية؟
فرنسا: حسابات خصوصية... ولكن تحت المراقبة التشريعية
نظريا، لا توجد فوارق كبيرة من حيث التصور العام للحسابات الخصوصية بين المغرب وفرنسا. لكن ثمة فرقا جوهريا يتمثل في اعتماد الحكومة الفرنسية منذ بضع سنوات على المعيار الخاص لنشر المعطيات مع إعمال مبدأ الاستحقاق في توزيع الاعتمادات المالية لهذه الحسابات على مختلف القطاعات.
فضلا عن الصلاحيات التي يتمتع بها أعضاء الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ في مراقبة مالية المؤسسات العمومية.
ترفع الحكومة الفرنسية، بدورها، شعار "الاستثناء" إحداث هذه الحسابات، ومع ذلك عرفت تراجعا كبيرا في عهد الجمهورية الخامسة. ففي سنة 1947، الجمهورية الرابعة وقتها، وصل عدد هذه الحسابات إلى 400 في بلد لا يزال يضمد جراح الحرب العالمية الثانية. وقد وعى الفرنسيون باكرا بأهمية عقلنة هذه الحسابات وترشيد آليات إحداثها. بداية، صدرت نصوص تشريعية تسحب البساط من أيدي القوانين التنظيمية وتخص قانون المالية، وحده، بصلاحية إنشاء الحسابات الخصوصية.
وبعد ذلك، تم التأكيد على ضرورة انتظام دوريتها، واختير لذلك أن تراجع كل سنة، وإن استلزم ذلك ترحيل بعض الاعتمادات إلى السنة الموالية، بالإضافة إلى إخضاعها لرقابة المؤسسة التشريعية، بمجلسيها الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ.
غير أن الممارسة، كشفت، حسب متتبعي السياسة المالية الفرنسية، عن "هوة بين الأهداف التي دفعت المشرع للسماح بإحداث هذه الحسابات ونسب تحقيق تلك الأهداف من لدن السلطات العمومية، رغم محاولات الترشيد".
ويتم في بعض الحالات تحويل جزء من الاعتمادات المالية من أجل إنجاز برامج أخرى غير تلك التي أحدثت من أجل تنفيذها. عموما، تمكنت فرنسا بفضل معيار نشر المعطيات واعتماد مبدأ الاستحقاق وتعزيز الرقابة البرلمانية، من ترشيد كثير من نفقات حسابات يمنحها طابعها الاستثنائي هامشا كبيرا للمناورة في أعرق الديمقراطيات
اليوم الترسانة القانونية من خلال الوثيقة الدستورية باتت موجودة، ما ينقصنا، هو كيفية تشغيل الميكانيزمات المرتبطة بهذا الدستور، كما أنه بات من اللازم تفعيل المتابعات ليظهر للمواطن المغربي بأن المال العام بات بعيدا عن التلاعب، وبأن اللعبة الاقتصادية سترفض كل أشكال التجاوزات السابقة
الدستور في محك حقيقي ليثبت مشروعيته لأن القوانين مهما كتبت بصيغة متقتدمة فهي تستمد قوتها من التطبيق في الواقع و إلا كانت مجرد حبر على ورق كما هي الحالة هاته بين اهم ركيزة تستند عليها الدساتير و هي ربط المسؤالية بالمحاسبة بمقابل عد م مناقشة 5200 مليار(قيمة الحسابات الخصوصية) من اموال دافعي الضرائب .
بالإتفاق مع ميكرونيوز http://micronews.ma


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.