تحرير: لحبيب محمودي- بني أنصار بالرغم من كل المكتسبات والايجابيات التي جاءت بها ثورة البوعزيزي وما تلاها من تداعيات حسنة وإصلاحات جذرية في الميادين السياسية، الاقتصادية والاجتماعية... تعدت الحدود الجغرافية لتونس لتصل إلى بلدان أخرى مجاورة كمصر وليبيا وغيرهما، إلا أني أجد بأن هذه الثورة قد جلبت لنا نحن ساكنة بني أنصار الذل والهوان إلى أقصى درجة، حيث أصبحنا نعيش فترة احتلال واستعمار من نوع جديد ميزتها حضر التجوال ومنع التنقل في أبشع صوره. وهذا كله بسبب الانتشار الفظيع للباعة المتجولين والعربات المجرورة ومفترشي الأرصفة بالشوارع والأزقة المجاورة لسوقي بيع الخضر والفواكه والأسماك ببني أنصار، ورباطهم الدائم واحتلالهم المستمر ليل نهار لكل الممرات والأرصفة بل وأبواب المنازل محاصرين ساكنيها لدرجة أن اكتسبوا حق الاستقرار والاتجار في هذه الأماكن المحتلة بقوة العرف يطغى على القانون، في غفلة مقصودة ومتعمدة من المسؤولين ببني أنصار، تاركين هذه الشوارع والأزقة لعبث وتسيب الباعة الرابضين بوسطها وعلى جنباتها سدا منيعا لكل من يغامر بالمرور بدون أي وازع أو رقيب يحول بينهم وبين مجموع سلوكاتهم المخلة بالآداب العامة والأخلاق الحميدة، والكل يصنع على هواه ما يشاء في حق هذه الشوارع التي تحولت إلى مطرح لأكوام النفايات والازبال وبقايا الأسماك والخضر والمياه الآسنة الراكدة وغيرها من المعروضات التي يرمي بها هؤلاء الباعة بل يتركونها ويتخلون عنها في مكانها لتتحلل وتتلاشى من تلقاء نفسها وتفوح منها الروائح المزكمة، وتنتشر حولها الحشرات الضارة التي تغزو المكان بشكل فظيع وغير محتمل، ولن أفوت هذه الفرصة ل أنوه بالمجهودات الجبارة لشركة فيوليا التي تم تفويت قطاع النظافة إليها في تركها وتخليها عن تنظيف هذه الشوارع والأزقة، هذا ناهيك عن تصرفات بعض المتشردين، المتسكعين والمدمنين لشتى أنواع المخدرات والكحول الذين يعج بهم الحي، الأمر الذي يتسبب للساكنة في خلق مجموعة من المشاكل الخطيرة، حيث أصبحوا لا يتذوقون طعم الراحة والسكينة، لا في بيوتهم ولا في أزقتهم طيلة ساعات اليوم، ناهيك عن أعداد السيارات التي تتخذ من هذه الشوارع والأزقة المجاورة محطة وموقفا لها في وضعيات غير قانونية ومخالفة لأنظمة السير والجولان، مغلقة الأزقة والمعابر في وجه ساكنة هذا الحي بل وفي وجه كل عابر سبيل، شعارهم نفسي نفسي، أنا وبعدي الطوفان، وإن كانت فوائد هذا القوم عند قوم مصائب، وإلى أن يستفيق القائمون على هذا الشأن من سباتهم لا أجد عزاء في هذا المصاب أفضل من الحديث النبوي الشريف القائل: عَنْ أَبي مَسْعُودٍ عُقبَة بنِ عَمْرو الأَنْصَارِيِّ البَدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ((إِنَّ مِمَّا أَدرَكَ النَاسُ مِن كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذا لَم تَستَحْيِ فاصْنَعْ مَا شِئتَ)) رواه البخاري.