[email protected] من الصعب, بل يبدو لي مستحيلا أن تجد بلدا غريبا مثل بلدي, الناس فيه غرباء, و الحياة أغرب و السياسة غرابتها لا مثيل لها..فهنا قيمة الإنسان تقاس بمظهره و هندامه وسيارته و سلطته, وزيدد وزيد.. ولكم هذه اللقطات المثيرة و التي تثبت غرابة بلدي.. خرجت يوما و أنا ارتدي هنداما أنيقا مثل الذي يرتديه الوزراء عندنا, اشتريته بقرض لم أسدده إلى يومنا هذا, لكن لا أحد يدرك هذا السر, يعتقدون أنني حصلت على وظيفة في ديوان أحد الوزراء الأجلاء, يتخيلون أنني أمسيت غنيا.. السلام أسيدي كراكم أسيدي إنها تحية خاصة بأصحاب السلطة و الجاه.. و بمجرد إلقاء التحية ولد لحرام دبار على راغسو مجتمع غريب فعلا. في يوم كنت جالسا في المقهى, أدخن سيجارة, و أتذوق قهوة سوداء, مرت بجانب المقهى فتاة أنيقة تثير الإعجاب, إعترض سبيلها ثلاث شبان, الأول رفضت الحديث إليه, و الثاني كذالك, لكن الثالث فاز بالصفقة, لأنه كان يمتطي سيارة سوداء أنيقة, و ثمنها غال جدا.. فرغم أن مهمة الفتاة نفسها في الحالات الثلاثة, و الإستفادة متبادلة, و المقابل مضمون.. إلا أنها رضخت للمظاهر. أما إذا تحدثنا في السياسة, فالغرابة تطل بعينيها, فعباس الفاسي يصر على البقاء وزيرا أولا رغم أن الشغب المغربي من طنجة إلى الكويرة, ماتيحمل فيه تاشعرا..و حزب الإستقلال أصلا هو لخراج على البلاد و العباد.. و عندما نتحدث عن حزب الأصالة و المعاصرة, يمكننا أن نستوعب مفهوم الغرابة المغربية بشكل جيد, حزب أسسه صديق الملك في خمسة أيام, على وزن تعلم اللغة الفرنسية في خمسة أيام و بدون معلم و أمسى الحزب الأول في الساحة السياسية, يحرث كل من يقف في طريقه, فقط لأن الهمة صديق الملك. و قبل أشهر قدم البرلماني مصطفى الرميد عن حزب العدالة و التنمية استقالته, بمبرر غياب الفعالية في البرلمان المغربي ( و شهد شاهد من أهلها ) وهشاشة المشهد السياسي, حتى لهنا مزيان, لكن ماذا حدث؟ اتصال هاتفي صغير من وزير الداخلية أرغم مسيو الرميد على التراجع عن الإسقالة, و كأن هذا الإتصال الصغير أعاد الحياة للبرلمان المغربي,.. ليتبين أنا الحكاية و ما فيه أن السي الرميد بغا يبان, ليثبت ذاته و يحقق مصالحه الشخصية, لا إقل و لا إكثر.. و من أوجه الغرابة في بلدنا كذلك, تبعيتنا المطلقة لفرنسا, لغتنا فرنسية, اقتصادنا فرنسي, وبكل اختصار المسؤولون عندنا يهيمون في حب فرنسا.. إلا أن الشعب المغربي لا يتجرأ على تقليد نظيره الفرنسي.. فعندما يخرج الفرنسيون ليحتجوا ضد حكومتهم, الشعب المغربي يختبأ في المنازل و المقاهي, يحتج في صمت على الواقع المعيش, و على ظلم البورجوزية المتوحشة.. يحتج رافعا شعاره الابدي حايد على راغسي و شقف'