دشنت العلاقات الاستثنائية، التي تجمع بين المغرب والإمارات مرحلة جديدة بانتقالها الى السرعة القصوى على مستوى ترسيخ الشراكة الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين الشقيقين. ومن المؤكد أن زيارة العمل والأخوة، التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس الى دولة الامارات العربية المتحدة، والاستقبال الرسمي منقطع النظير، الذي خصص لجلالته من قبل رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، يعكس بجلاء المستوى الممتاز الذي يميز علاقات البلدين، والروابط الأخوية المتينة التي تجمع قائديهما، وهو ما يشكل عاملا قويا ومحفزا صلبا للنهوض بشراكتهما الاقتصادية نحو أفق أرحب وشامل ،بما يجعلها نموذجا لعلاقات الشراكة بين البلدان العربية . وانسجاما مع هذا التوجه، وقع قائدا البلدين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والرئيس الاماراتي سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال الزيارة ،على إعلان حول شراكة مبتكرة ومتجددة وراسخة وبأهداف محددة ، تروم الرقي بعلاقات البلدين الى مستوى روابطهما الأخوية المتينة ، وتحقيق تطلعات شعبيهما ورغبة منهما في بناء مستقبل اقتصادي مزدهر ومستدام ، تبادل البلدان خلال هذه الزيارة ، العديد من مذكرات التفاهم الموقعة بينهما ، والتي من شأنها إعطاء دفعة قوية لتعاونهما، لا سيما في القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والمالية ،والبنى التحتية والنقل والمياه والفلاحة والطاقة والسياحة والعقار، والتكوين والتشغيل. المغرب وأوروبا تعززت الشراكة بين المغرب وبلجيكا، التي طالما كانت تاريخية، كثيفة ومتنوعة، وذلك بفضل رغبة البلدين في تعزيز تعاونهما الثنائي خدمة للشعبين الصديقين. وقد مكنت الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، إلى بروكسيل، والتي جرت في أكتوبر الماضي، وتميزت بمحادثات مع رئيس الوزراء البلجيكي، ألكسندر دو كرو، من التأكيد، مرة أخرى، على تميز العلاقات الثنائية، وفقا لتطلعات قائدي البلدين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس وعاهل بلجيكا الملك فيليب. ونشير في هذا السياق إلى الدعم المعبر عنه من طرف بلجيكا لمخطط الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية للمملكة، المقدم من طرف المغرب في العام 2007، والذي يشكل بحسب الحكومة البلجيكية "مجهودا جديا وذا مصداقية من قبل المغرب وأساسا جيدا لبلوغ حل مقبول من الأطراف" للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. وعلى الصعيد الاقتصادي، تعد مجالات التحول الطاقي، والهيدروجين الأخضر، والاقتصاد الدائري، والاقتصاد الأزرق، والرقمنة من بين المحاور الرئيسية للشراكة متعددة الأبعاد القائمة بين المغرب وبلجيكا. ويبقى المجتمع المدني حاضرا في هذه الشراكة. حيث ينعكس الحضور القوي للجالية المغربية ببلجيكا في متانة الروابط الإنسانية وتعدد المبادرات الرامية إلى تعزيز المبادلات الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية بين الشعبين الصديقين. الأمر نفسه بالنسبة لإسبانيا، فبعد 18 شهرا من البيان المشترك الصادر في 7 أبريل 2022، شهدت الشراكة بين المغرب وإسبانيا تطورا ملموسا في العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك. ويشهد على ذلك الحوار السياسي المعزز والمستمر، والشراكة الاقتصادية المهمة، ومجموعة واسعة من الاتفاقيات التي تم إبرامها في جميع القطاعات. وأكد وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، أن المغرب وإسبانيا، اللذان يقيمان "أكثر العلاقات كثافة وغنى التي يمكن أن توجد في العالم"، تجمعهما اليوم "شراكة استراتيجية ومتعددة الأبعاد". وأكد رئيس الدبلوماسية الإسبانية أن المغرب يشكل "الأولوية الأولى للسياسة الخارجية الإسبانية. وتربطنا به بالفعل شراكة متميزة، شراكة مربحة لكلا الجانبين". وفي نفس السياق، عين صاحب الجلالة الملك محمد السادس سميرة سيطايل سفيرة جديدة للمملكة في باريس، بعدما ظل هذا المنصب شاغرا لأشهر في سياق جفاء دبلوماسي بين الدولتين. وأكد سفير جمهورية فرنسا بالرباط، كريستوف لوكورتيي، أن المغرب، وتحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يشكل "فرصة بالنسبة لأوروبا وفرنسا"، مبرزا المسار الاقتصادي "المتميز" الذي قطعته المملكة. وبرأي لوكورتيي، فإن المملكة تعد اليوم من أكثر البلدان الناشئة جاذبية في مجال الاستثمار، بفضل بيئة أعمال تعد من بين الأكثر ملاءمة على المستوى العالمي. يتجلى ذلك، يوضح المتحدث، في حجم استثمارات الشركات الفرنسية التي تتطور بشكل مطرد، لاسيما من خلال تواجد شركات كبرى في قطاعات استراتيجية، من قبيل السيارات والطيران والسكك الحديدية والخدمات. وأشار السفير إلى أن المغرب يظل من بين الوجهات المفضلة في مجال الأعمال للعديد من الفاعلين العالميين البارزين، الذين يستقرون بالمملكة. المغرب وإفريقيا وعلى غرار ولايته الأولى في مجلس السلم والأمن (2018-2020)، ضاعف المغرب خلال ولايته الثانية (2022-2025) إجراءاته الرامية إلى الحفاظ على الوحدة والتضامن الإفريقيين من خلال الوضوح والموضوعية والحياد، واضعا مصالح إفريقيا والمواطن الإفريقي في صلب اهتماماته تنفيذا للسياسة الإفريقية للمغرب تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وهكذا، دافع المغرب، في مختلف اجتماعات مجلس السلم والأمن خلال سنة 2023، عن الوحدة الترابية للبلدان الإفريقية وعن ضرورة اعتماد مقاربات شاملة ومندمجة ومتعددة الأبعاد، تقوم على ثلاثية السلم والأمن والتنمية، من أجل رفع التحديات المتعددة التي تواجه القارة. وشدد المغرب خلال نفس السنة على الحاجة الملحة لتبني مقاربة متعددة الأبعاد بهدف مكافحة التهديد الإرهابي في إفريقيا بشكل فعال. هذا وتميزت هذه السنة بإطلاق جلالة الملك محمد السادس مبادرة على المستوى الدولي، تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي.