حمل الخطاب الملكي الذي ألقاه جلالة الملك أمس الاثنين بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، العديد من المحاور والإشارات بكون المغرب يخطط لمستقبل زاهر لفائدة القارة الإفريقية خاصة دول الساحل والصحراء. ولا يختلف اثنان في أن الخطاب الملكي جاء بحمولة اقتصادية بأبعاد إستراتيجية وتنموية منفتحة على المستقبل سيكون من نتائجها انفتاح إفريقيا على الفضاء الأمريكي. وهكذا تحدث جلالة الملك عن مبادرة خلاقة لفائدة دول الساحل وانفتاحها على المحيط الأطلسي، وكان واضحا في ذلك معتبرا أن تأهيل الساحل والفرص التنموية والاستثمارية التي مازالت غير مستغلة على مستوى الساحل ككل، والساحل الأطلسي، خاصة السواحل الجنوبية للمملكة المغربية. ولعل المغرب الذي شرع في إنشاء أكبر ميناء على الأطلسي بمدينة الداخلة، إنما يقدم فرصا استثمارية عظيمة، التي تظل الغاية منها هي إحداث وخلق تنمية على المستويات الإقليمية والوطنية، ولكن أيضا أن تكونَ هذه التنمية أداةً وصلةَ وصل وربط بدول الساحل والصحراء، لذلك اقترح جلالته وضع البنية التحتية المغربية رهن إشارة هذه الدول من أجل فك عزلتها الجغرافية وإعطائها منفذا على المحيط الأطلسي. ويبدو جليا أن المغرب الذي سارع منذ سنوات إلى تسريع التنمية في الصحراء المغربية، انه كان يخطط لمثل هذه اللحظة التي أعلن فيها جلالة الملك عن ربطها بمحيطها القاري، وبالعالم من خلال البنيات التحتية كميناء الداخلة الأطلسي. واتضح بعد خطاب أمس، أن المملكة المغربية تطمح لخلق تكتل اقتصادي حقيقي وواقعي في المنطقة يقوم على ربط مباشر بين مختلف البنى التحتية وعلى تبادل التجارب والخبرات والمصالح المشتركة بينها وبين الأشقاء الأفارقة. بيد أن الخطاب الملكي يعد بمثابة انطلاقة فعلية لميلاد وإحداث هذا التقارب الذي ستكون له حتما آثارا جد إيجابية، سواء مع موريتانيا أو دول أخرى مازالت تعاني للأسف من انعدام الاستقرار الأمني، والمغرب اليوم يقدم خطة التنمية للنهوض بإفريقيا ساء بالساحل أو بالصحراء. غير أن إنشاء هذا المحور الاقتصادي الجديد، يتطلب تطوير وتشييد بنيات تحتية من موانئ وطرق ومناطق صناعية وتجارية حرة ولوجستية، وسيكون موجها بالأساس نحو أمريكا اللاتينية أو دول إفريقيا جنوب الصحراء والانفتاح على الفضاء الأمريكي بشكل عام.