في إطار المهرجان الدولي للسينما والذاكرة المشتركة،عرض فيلم "خميس 84"للمخرج محمد بوزكو،بقاعة المركب الثقافي بالناظور،حيث تابعه،مثقفوا المدينة،وغوغائها،صغارا وكبارا،رجالا ونساء،والهم كل الهم،سؤال يراود من يرى إعلان الفيلم،أن يسأل ويتسائل،ماذا حصل في عام ال84؟رغم أن التاريخ الشفهي قد أوصل إلينا شيئا، مما رواه، من عايش أحداثه،لكن رغبة ما تجعلنا،نرغب في معرفة المزيد،فهل ترانا نشاهد مشاهد وثائقية حقيقية؟هل سيكون خميس هذا ،هو اليوم الأسود؟أم أن الخميس دلالة رمزية فقط؟فيما ظل 1984هو رقم تاريخي محظ.هكذا تسائل أغلب من حضر الفيلم،هذا وقد استعانت إدارة المهرجان بممون حفلات من أجل تمكين الجميع متابعة الفيلم. وهنا أردنا طرح التسائلات التالية: لماذا تابع هذا الجمع الغفير الفيلم؟ألسواد عينيه؟أم فقط لأنه فيلم ريفي؟أم لأنه فيلم سيحكي عن السنة المشؤومة؟أم لأنه ببساطة الجمهور الناظور عاشق للسينما منذ تأثره سنوات السبعينيات بالقاعات السينمائية بالمدينة؟ لكن كيف صاغ صاحب سيناريو الفيلم(إفترضنا أن السيناريست ليس هو المخرج)هذا العمل، أي لماذا فكر صاحب الفيلم في كتابته.الجواب يأتي بسيطا، إنه، فقط يريد أن يطرح فكرة ما،وهذا هو بيت القصيد،فالسيناريست هنا طرح فكرة للنقاش كأنه كتب مقالا ،أو كتب قصة،أو ربما تدوينة فيسبوكية،إنها دغدغة للمشاعر،لقد قدم لنا الموضوع في صينية،ووضعها فوق الطاولة. ببساطة،كتب فكرة ثم قصة ثم سيناريو،ثم أخرج الفيلم،ودعانا إلى العرض،هكذا فقط وببساطة.فهل ارتكب جريمة ما؟ أتذكر ذات يوم وأثناء مناقشة فيلم "هجرة خديجة"للمخرج "طارق الإدريسي"،فتناولت حينها الكلمة،وبعد أن أنهيتها، قالت بطلة الفيلم ،ممازحة؛أنت تريد بهذا صناعة فيلم آخر. أي نعم المخرج هنا طرح فكرته،كما أراد لها أن تكون،فمحمد بوزكو(المخرج)،ليس حكواتيا حتا يحكي لنا كل ما جرى بدقة،وليس موثقا حتى يم فيلما وثائقيا للأحداث السالفة الذكر.محمد بوزكو سيناريت ومخرج.وبالتالي فيحق له أن يضيف أو أن ينقص من الأحداث ما يشاء على ألا يمارس حريته خارج مساحته الخاصة،فالحرية أن تضيئ شمعتك على النطاق الذي يخصك،وما إن تنير مساحة غيرك ،فقد اعتديت. قدم محمد بوزكو الفيلم،وصفق له من صفق، وشجع من شجع،وغضب من غضب،وانتقد من انتقد،وعارض من عارض،ووصل بآخرين إلى إلقاء اللوم،بدعوة أنه زور التاريخ،وأهان الريفين،..وفعل،..وفعل.... لقد مر الفيلم من هنا،كما قلت آنفا فكاتب السيناريو طرح فكرة،وصورت،وعرضت،ورغبته أن يرى هذا العمل النور ،وقد رآه،دعاك للعرض فاستجبت،أعجبك أن لم يعجبك،فقد تفرجت،وهذا ما أراده.لقد أراك سلعته،ولك أن تقيمها أو تبخسها. بعد عرض الفيلم،كتب العديد عن الفيلم،لكن لم يتناول أحد الفيلم بقراءة نقدية محضة،لم يناقش السيناريو،لم يناقش أداء الممثلين،لم تناقش الأمور التقنية،ربما ببساطة،لم يوجد بعد في ريفنا،من ينتقد السينما،بل فقط من ينتقد الأدب،لذلك تم انتقاد الأدبيات فقط،من عنوان،وقصة،وعن حقيقية الأحداث.وعن طابو الجنس الذي سالت عليه الأقلام كثيرا،وبين هذا وذاك،لم يتسائل أحد أو يسائل المخرج سؤالا بديها،لماذا فيلم خميس 1984؟ ألن يكون الجواب هنا شافيا،ويجعلنا نخرج من عنق الزجاجة،بدل أن نكتب مقالا طويلا،نقول فيه لماذا سميته،خميس،كان عليك أن تسميه عبد السلام أو ميمون أو نزار أو نوفل.ليست الأسامي مجرد أسامي؟ في مشهد درامي لمسرحية،لم ترى النور بعد كتبها الدكتور سيدي المخفي،حول محاكمة تدور أحداثها ،بين ممثل للجيل السابق،يسائل الجيل الحالي لماذا لم تحرر سبتة ومليلية؟فيجيبه الجيل الحالي،أنتم من قصرتم. أما كان عليكم أن تتموا ما بدأتموه؟ لقد تركنا لكم تتمة المهمة؟ لم نعد قادرين على ذلك...؟ أتصور أن هذا المشهد يتكرر،وهذه المرة ثقافيا،وما أجمله أن يكون يقول جمال أبرنوص لماذا سميته خميس،لماذا لم تسميه مسعود؟يجيب بوزكو،لأن خميس/الشخصية،ما هي إلى رمزية لأحداث الخميس الأسود،من 1984. يقول آخر لماذا،عرضت مشاهد حميمية،ونحن في الريف محافظون،يجيب محمد بوزكو،هذه سينما،وهذه فكرتي،وقد عرضت سينمائيا،ولم تعرض في التلفزيون. يقول آخر لقد شوهت التاريخ...إلى مزبلة التاريخ يجيب آخر،الفيلم بحد ذاته تأريخ للذاكرة الجماعية... وتستمر المزاورة أليس هذا هو الهدف من أي عمل إبداعي/المزاورة/النقاش/الدردشة/طرح أكثر من فكرة إن كان هذا هو الهدف من طرح الفيلم،فقد نجح محمد بوزكو في مسعاه.