" كم ناضلنا وكم احتججنا وكم صرخنا من أجل تنقيل مطرح الأزبال الذي عانينا منه الويلات لعدة سنوات، واستبشرنا خيرا لما نقلوه إلى جهة أخرى، وها هو اليوم يحطُّ مقلع رحاله وأضراره ليست أقل كارثية من مطرح الأزبال بل نتائجه الوخيمة من الغبار تفوق دخان حريق الأزبال..." يشتكي معمر بقال البالغ من العمر 58 سنة أب لستة أبناء صاحب المنزل والأرض المجاورة للمقلع. ويصرخ أنه لو وجد طريقا لوصوله إلى والي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة أنجاد لوقف بين يديه واشتكى له معاناة السكان وشرح له قلقهم وتخوفاتهم من إقامة المقلع الحجري بالمنطقة ونتائجه على السكان الفقراء والبسطاء الذين يشتغل أغلبهم في أنشطة معيشية وبالفلاحة والتربية المواشي والأبقار حيث يبلغ عدد رؤوسها حوالي 10 آلاف رأس إضافة إلى البهائم... تفاجأ سكان دواوير لغلاليس وأولاد رزين والحمراء بجماعة سيدي يحيى بعمالة وجدة/أنجاد بإقامة المقلع الحجري بغابة سيدي معافة بمنطقة جبل الحمراء، في الوقت الذي كان يجب حماية الغابة والمحافظة على الأشجار المختلفة أنواعها وعلى الغطاء النباتي المحيط بالمدينة الألفية التي تعدّ رئتها، بدل تدميرها والإجهاز على البيئة والمحيط وخلق مناخ ضار وسامّ وقاتل، واستغربوا للترخيص له مع العلم أن المنطقة في الملك الغابوي وتقع تحت حماية المندوبية السامية للمياه والغابات... لقد سبق أن احتج منذ شهرين خلت، مجموعة من سكان دواوير المنطقة البالغ عدد أسرهم حوالي 300 أسرة تضمّ حوالي 2000 نسمة ، ومنعوا انطلاقة الأشغال لكن تدخل قائد مقاطعة سيدي يحيى، حسب ما رواه السكان ل"المساء" وأمرهم بالابتعاد عن المقلع الذي يتوفر صاحبه على ترخيص قانوني للاشتغال، وعليهم في حالة رفضهم لذلك أن يتقدموا بشكاية ودعوى للمصالح المختصة. سبق أن وجه السكان المتضررون رسالة، مؤرخة في 23 فبراير الماضي، موضوعها "طلب تدخل استعجالي لدحض كارثة بيئية" إلى كلّ من مدير الديوان الملكي ووزير الداخلية ووزير الطاقة والمعادن ووالي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة أنجاد، اعتبروا فيها الشروع في اشتغال "آليات الحفر والجرّ والشحن المقلع كصاعقة نزلت على أرضهم، في سابقة بلا مقدمات لاستثمار الجبل المتاخم لدواويرنا وإنشاء مقلع ومحجرة". وأشارت الرسالة/الشكاية إلى أن المشروع إن كانت فيه فائدة لأصحابه، فهو مصيبة وكارثة بيئية وطامة كبرى نزلت على رؤوس سكان دوار أولاد رزين ودوار الغلاليس على حدّ سواء، وذلك لما لهذا المشروع من سلبيات على البيئة وعلى الحياة الطبيعية للسكان. وذكر السكان أنهم رفعوا صوتهم عاليا متعرضين على إقامة هذا المشروع إلا أن صرختهم كانت بمثابة صرخة في واد لم ينتبه لها أحد بل أكثر من ذلك طالهم التهديد والوعيد من جهات رسمية في حالة عدم الإذعان والخضوع للأمر الواقع. "لإنشاء هذا المشروع، تم التطاول على مساحة خضراء كبيرة والتضحية بغرس وشجر وجرّ وضرب للبيئة في الصميم، في الوقت الذي كان من الممكن استغلال الجبل من جهات أخرى بعيدة عن المواقع السكنية" تقول الرسالة الشكاية لمجموعة من السكان والتي تتوفر "المساء" على نسخة منها. عبّر بعض شبان دوار لغلاليس عن استغرابهم للحديث عن حماية البيئة والغابة والمغرب الأخضر في خضم الاحتفال بالذكرى الأربعين ليوم الأرض والبيئة من 17 أبريل إلى غاية 24 منه خاصة أن الأنشطة تقع بمنتزه غابة سيدي امعافة بوجدة التي تمّ الاعتداء عليها، وهي الأنشطة التي وضعت تحت شعار "المدرسة في خدمة البيئة والتنمية المستدامة" تمثلت في غرس 200 شجيرة بمشاركة 200 تلميذة وتلميذا ينتمون إلى المؤسسات التعليمية التابعة لنيابة وجدة أنجاد...، (عبّروا عن استغرابهم) لإقامة مثل هذه المشاريع المدمرة للبيئة والمحيط ولحياة السكان ولحياة المواشي والبهائم وغيرها من الكائنات الحية التي تعد عناصر حيوية في مكونات الطبيعة، دون الاكثرات بهم ولا بما قد يصيبهم جراء ذلك. التمس السكان المغلوبون على أمرهم الذين قهرهم غول المقلع وآلاته الكاسرة والمتوحشة، من جميع المسؤولين الذين وجهت لهم الرسالة الشكاية، تدخلهم الإيجابي والفعّال من أجل إيقاف هذا المشروع ووضع حدّ لكارثة بيئية حتمية وخطيرة...