*محام وخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، الهجرة ونزاع الصحراء تم رسميا تعيين هورست كولر، الرئيس الألماني الأسبق، مبعوثا خاصا لأنطونيو غوتيريس، الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، بعد قبوله من كافة الأطراف المباشرة والملاحظة في نزاع الصحراء، وحصول تأييد الدول ذات حق النقض بمجلس الأمن، ومباركة الدول أصدقاء الصحراء.. وكان المبعوث الشخصي السابق كريسوفر روس يرغب في تجديد هذه المهمة لنفسه، مادام تكليفه ينتهي في نهاية ماي من هذه السنة، غير أن فشله، وتفاقم تعقيد الأمور، والتراجع الذي حصل في عهدته، جعل الأمين الجديد لا يكترث لتك الرغبة، فاستبق الاستقالة أياما معدودة قبل انتهاء مدة انتدابه تهربا من حرج الإقالة. محددات ساهمت في انتقاء كولر مبعوثا شخصيا للأمين العام مكلفا بنزاع الصحراء اجتمعت في شخص كولر هورست خصال وصفات عدة أهلته لشغل هذا المنصب ونيل هذا التكليف، فبالإضافة إلى كونه مفاوضا جيدا وكبيرا بشهادة تاريخه، ومساهماته في رأب الصدع وإعادة وحدة العملة لبلده ألمانيا، الذي قسمته الحرب العالمية الثانية إلى شطرين، ألمانيا الاتحادية وألمانيا الفدرالية، فإنه كان دائم الارتباط بعمل ومهام الأممالمتحدة، التي استعانت في أكثر من مرة بخدماته ومهاراته في ميدان الاقتصاد، وكان له نصيب في تحديد برامج وخطط التنمية في إفريقيا، كما نال العضوية ضمن الفريق العالي المستوى الذي كونه الأمين العام السابق بان كي مون لمراجعة تدخلات الأممالمتحدة عبر العالم. ولا مراء أن تجربة هورست كولر وصفاته وتعدد مهامه، وتخصصه في أعمال الاقتصاد والتنمية، والتي لا يمكن فصل نجاح مشاريعها وأوراشها إلا في بيئة حاضنة ذات شرطي الاستقرار والأمن، تعطي فكرة عن نمط تفكيره وطريقة عمله ومحددات تسييره، وتدبيره وإشرافه، والتي تتصف بالواقعية. واقعية هورست كولر هي ما دفع أنطونيو غوتيريس إلى التفكير فيه مبعوثا خاصا له في نزاع الصحراء، لاسيما أن المقاربة نفسها هي التي عبر الأمين العام الجديد عن نهجها وحث الأطراف على التحلي بها واعتمادها، مع الابتعاد عن الطوباوية والأحلام بمفهوم المخالفة. اتحاد هورست كولر والأمين العام أنطونيو غوتيرس في الواقعية يمنح الامتياز المبدئي للمغرب الواقعية تعني عدم ضياع الوقت في مسائل تجاوزتها الأممالمتحدة، بتعبيرها عن استحالة الوصول إليها، مثل الاستفتاء الذي تتشبث به البوليساريو، فهو أصبح من الماضي. ولا يمكن إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء. والواقعية تعني أن الحل سياسي متوافق عليه بين الأطراف، ولن يكون جبرا ولا فرضا، ولا إكراها. والواقعية كذلك تعني أنه ينبغي التعجيل بإنهاء معاناة اللاجئين في مخيمات تندوف بتطبيق قواعد الحلول الدائمة المنصوص عليها في القانون الدولي الخاص باللجوء، بالعودة إلى المغرب أو إدماجهم في دولة اللجوء الجزائر لأنهم اكتسبوا بحكم القانون الجزائري هذا الحق، أو إعادة توطينهم في بلد آخر، ويسترجعوا حرية التعبير المصادرة منهم في المخيمات. والواقعية تفيد بأن البوليساريو لم يكن كيانا دوليا قائما قبل استعمار إسبانيا للإقليم، ولا أثناءه ولا غداته بعد استرجاع المغرب له، وأنه واقع ساهمت في صنعه الجزائر وليبيا القذافي. وتلعب واقعية غوتيريس ومبعوثه الشخصي هورست كولر لصالح المغرب، لاتحاد مبدأ العمل بالواقعية بينهما، وانتمائهما إلى الوطن الأوروبي، الذي تعتبر بعض دوله نزاع الصحراء مرتبطا بأمنها القومي، ولكون الاتحاد الأوروبي يؤيد توجيهات الأممالمتحدة بالحل السياسي، بالإضافة إلى تأثر المبعوث الشخصي الجديد بأعمال الوحدة والاتحاد ونبذه للتقسيم والانفصال، ومساهماته في وحدة بلده ألمانيا التي مزقتها الحرب العالمية الثانية بدءا بتوحيد العملة ثم التوحيد الفعلي باندماج الألمانيتين. حفاظ المغرب على التقدم يحتاج إلى المهارة والتوكل من أجل الإقناع وعدم التواكل اتحاد الموظفين الساميين الأمين العام أنطونيو غوتيريس ومبعوثه الشخصي هورست كولر في نظرتهما لتدبير المفاوضات في نزاع الصحراء بواقعية لا يعني أن كفة المغرب مرجحة منذ البداية، بل تحتاج إلى مدافع جيد يرافع بمهارة لإقناعهما بواقعية المبادرة المغربية بالحكم الذاتي. وتستوجب هذه المرافعة عدم الوقوف عند العبارات التي تتضمنها وتتداولها وثائق الأممالمتحدة في تقارير الأمين العام وقرارات مجلس الأمن منذ 2007، بكون مبادرة المغرب مشهودا لها بالمصداقية وتحظى بالواقعية، بل يجب توضيحها والوقوف عند جوانبها، وتبيانها، دون تغافل التأكيد على رجحان مركز المغرب تاريخيا وقانونيا لحشد التأييد لها، وبالمقابل الوقوف والتوقف كثيرا عند العيوب التي تعتري مقترح البوليساريو، وتعداد تناقضاته، وكيف تجاوزت الأممالمتحدة مبادرته. الفرصة قد تكون سانحة للمغرب لإنهاء النزاع لصالحه، لأن الأخير في مراحله الحاسمة والنهائية، ولا يحتمل الركون إلى القدر وانتظار لطفه، ولا الاعتقاد والجزم بأنه قادر على صنع الحل بيديه، ولا أن يرهن وحدته بأيدي الغير، سواء البوليساريو أو الجزائر أو جنوب إفريقيا أو برلمانات دول نكرة وغيرها، فتاريخ المغرب المتجذر والعميق يجعل الثقل عليه أكثر من غيره من الدول المستحدثة..؟!