بوقاحة ونذالة قل نظيرهما، طلع علينا المدعو: محمد أزناكي في الأسبوع الماضي، عبر موقع الدريوش24، برسالة موجهة إلى من أسماه ب: " فخامة رئيس دولة إسرائيل الصديقة" يهنئه فيها " بمناسبة حلول الذكرى 66 لإعادة تأسيس دولة إسرائيل الصديقة، وذكرى استقلالها الوطني المجيد"!! و لم يكتف صاحبنا بتوجيه هذه الرسالة\المسخ باسمه الشخصي فقط بل ادعى أنه وجهها " نيابة عن المواطنات والمواطنين المغاربة الأصليين" ! وفي هذا الإدعاء قمة التطاول والجناية ومنتهى الصفاقة و السفالة والدناءة! قبل مناقشة يعض الجوانب المهمة في مضمون رسالة التهنئة موضوع الرد هنا، أود أن اطرح السؤالين التاليين على كاتبها الشغوف بحب الكيان الصهيوني و المنبهر ب:" إنجازاته": من هم المواطنات و المواطنون المغاربة الأصليون الذين تدعي التحدث باسمهم؟ متى و كيف خولوا لك الصلاحية للقيام بذلك؟ لا أعتقد أن هذين السؤاليين سيحضيان بإجابة من طرف الصديق الوفي للكيان الصهيوني، لأن المغاربة الذين يدُّعي النيابة عنهم في فعلته ، وبكل بساطة، لا يرضون بالنزول إلى هذه البهدلة و إلى هذا المستوى الدنيء الذي وصل إليه هو! لم يشر هذا الفتى المعجب بالصهيونية حتى النخاع في رسالته إلى انتمائه الأمازيغي، و لكن من خلال استعماله لكلمات مثل " ..المواطنين الأصليين" ، و " الكيان العروبي"، و " الشعوب الأصلية لمنطقتي شمال افريقيا و الحوض المتوسطي"، و" تجميع شتات الشعب، بعد قرون من النفي القسري والاستعمارات المتتالية"، يتضح بشكل جلي أنه يستقي أفكاره و توجهاته من الطرح الأمازيغي الشوفيني الحاقد على كل ما ومن هو عربي. و حتى لا يُساء فهمي هنا فإني أؤكد، كأمازيغي عن أب وجد، عدالة المسألة الأمازيغية التي ناضلت و مازلت أناضل من أجل الدفاع عنها ضمن الطرح الديموقراطي لها، كما أؤكد مناهضتي وعدائي المطلقين لكل طرح أمازيغي عنصري أو انفصالي أو فاشستي، كالطرح الذي عُلب في ذهنية صاحب الرسالة. عن مضمون الرسالة نقاش مضمون الرسالة\المسخ يستدعي، بداية ،التوقف عند بعض ما ورد فيها من كلمات و مصطلحات و تعابير تنطوي على مغالطات مقصودة وتزييف للحقائق التاريخية. يتحدث المتصهين محمد ازناكي عن " حلول الذكرى 66 لإعادة تأسيس دولة إسرائيل...و ذكرى "استقلالها" الوطني المجيد" (القصد هنا هو إعلان ديفيد بن غوريون عن قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين بتاريخ 14-05-1948، أو ما يعرف بالنكبة)، فإعادة التأسيس تفيد أن " دولة اسرائيل" أو الكيان الصهيوني بلغة أصح، كان قائما فتم احتلاله تم نال استقلاله بعد ذلك، تماما كما يروج هذا الكيان لإضفاء الشرعية على نفسه، و الحال أن هذا المعطى لا تعززه أو تؤكده أية قرينة تاريخية ولا سند له إلا في الأساطير التي اعتمدتها الحركة الصهيونية، منذ مؤتمر بازل 1897، لتأسيس دولة قومية ليهود العالم. الكيان الصهيوني في حقيقته التاريخية مشروع استعماري عدواني تقاطعت فيه المصالح الإمبريالية عموما و الإمبريالية البريطانية على وجه الخصوص، و مصالح الاتجاهات اليهودية العنصرية في أوروبا التي كان يمثلها أمثال هيرتزل، ووايزمان وروتشيلد. فالمصالح الحيوية للإمبريالية كان تستلزم صنع هذا الكيان على رقعة جغرافية استراتيجية فاصلة بين القارة الافريقية و القارة الأسيوية هي أرض فلسطين، وجعله قاعدة لضمان النفوذ والهيمنه الإمبريالية في المنطقة. يقول ونستون تشرشل في هذا الشان: "إذا أتيح لنا أن نشهد ميلاد دولة يهودية، لا في فلسطين وحدها، بل على ضفتي نهر الأردن معاً، تقوم تحت حماية التاج البريطاني، وتضم نحواً من ثلاثة أو أربعة ملايين من اليهود، فإننا سنشهد وقوع حادث يتفق تمام الاتفاق مع المصالح الحيوية للإمبراطورية البريطانية".! الكلام واضحا جدا و لا داعي لتفسيره أو لتوضيحه أكثر. في رسالته المشؤومة لرئيس الكيان الصهيوني يهنئ ازناكي أيضا " حكومة و شعب دولة إسرائيل الصديقة" و هنا لا بد من توضيح و فضح للأستعمال الإديولوجي لمصطلح الشعب الذي يخفي به الكيان الصهيوني طبيعته الإستيطانية. فالمقومات الأساسية المشتركة لأي شعب في العالم هي، حسب علماء علم الاجتماع: الجغرافية واللغة والتاريخ والثقافة والخصوصيات النفسية. انطلاقا من هذا التحديد لا يمكن أن نطلق على المعمرين الصهاينة مصطلح الشعب، لانهم يشكلون تجمعا أو تجميعا بشريا مختلف الأصول و الثقافات و اللغات (العبرية لا يتم تلقينها إلى بعد الإستيطان)، و لا تجمعه إلا الديانة اليهودية و هذا القاسم المشترك لا يمكنه أن يكون ،بأي حال من الأحوال، اساسا لتسمية اليهود بالشعب اليهودي، لأننا، و بهذا المنطق، لا يمكن أن نطلق أيضا مصطلح الشعب المسيحي على كل مسيحيي العالم، أو الشعب الإسلامي على كل مسلمي العالم. يصف صاحب التهنئة الكيان الصهيوني ب:" دولة اسرائيل الصديقة"، فنسأله: صديقة من ياترى؟ من المعروف أن العلاقة بالكيان الصهيوني لا ترقى إلى مستوى الصداقة إلا إذا كانت مصالح الطرف الأخر فيها تلتقي موضوعيا أو بشكل مباشر مع المصالح الصهيونية. فعلى أي أساس تلتقي مصالح ازناكي وزمرته من الشوفينيين الأمازيغ مع الكيان الصهيوني غير العداء الوظيفي للعرب ؟. في الوقت الذي ينكشف فيه الدور التخريبي للكيان الصهيوني، بكل وضوح، في جل اليلدان العربية و بلدان شمال أفريقيا، وخاصة التى تشهد منها ربيعا دمويا, يتطلع صاحبنا " بشوق كبير إلى اليوم الذي يعلن فيه...، المغرب وإسرائيل، عن إقامة علاقات دبلوماسية كاملة، تشمل كافة المجالات ومناحي الحياة"! ويضيف موضحا أن في إقامة هذه العلاقة التي يتطلع إليها هو"..مصلحة الشعبين وبقية محبي السلام من ساكنة البحر الأبيض المتوسط والعالم اجمع" ! ماذا؟؟ مصلحة الشعبين وبقية محبي السلام؟! إن المصلحة الحقيقية للشعب المغربي ولبقية شعوب العالم لا و لن تكون في إقامة علاقة ديبلوماسية مع كيان عنصري استيطاني فاشي، بل في مناهضة التطبيع معه والعمل على زواله، و إن مصلحة الكيان الصهيوني تكمن في إشعال نار الفتنة و ديمومة التوتر لتبرير وتقوية وجوده ووظيفته ككلب حراسة للمصالح الاستراتيجية للإمبريالية. ثم إن القول بأن هذا الكيان الغاصب محب للسلام فيه جناية كبيرة على التاريخ، وتكذبه الوقائع على الأرض باستمرار! فليسأل هذا المهوس بحب الصهيونية الفلسطينيين عمّا جنوه من وراء ما سمي بمفاوضات السلام مع الصهاينة منذ اتفاقية أوسلوا إلى يومنا هذا! ,ان السلام شئ لا يريده بل لا يحتمله الكيان الصهيوني لأنه سيفجر بالضرورة، إن حصل، تناقضاته الداخلية و ينهي وجوده. و في خضم هوسه يتطلع المتصهين ازناكي ".. إلى اليوم الذي تستأنف فيه العلاقات الإنسانية والحضارية والتاريخية بين الشعبين الصديقين المغربي والإسرائيلي" !! و إذا سألنا هذا الزلم المصاب بالإفلاس الإديولوجي والسياسي والتاريخي متى كانت للشعب المغربي علاقات بالكيان الصهيوني لتُستأنف من جديد؟؟ فأنه سيحيلنا حتما على "تاريخ طويل من التبادل الحضاري والتعايش الثقافي" لا وجود له إلا في مخيلته! و عن سبب انقطاع هذه العلاقات المزعومة يقول هذا الوقح، مخاطبا رئيسه، أن ذلك راجع إلى نجاح " أعداء الإنسانية، أعدائكم وأعدائنا، في تسويق أسطورة "فلسطين"، ومحاولاتهم الفاشلة لزرع هذا الكيان العروبي وسط أرض شعبكم التاريخية"!! ما هذا المنطق المقلوب الجاعل من الجلاد ضحية و من الضحية جلادا؟ ماهذا السقوط المثير للتقزز و الغثيان؟ ما هذا التملق الذي يسقط القناع عن الوجه البشع لصاحبه؟ ما هذا الهراء؟ ما هذه المهزلة و النذالة؟ أن نصطف في صف واحد مع الكيان الصهيوني يعني مما يعنيه الوقوف إلى جانب كل القوى الإمبريالية، و الفاشية و الرجعية الداعمة و المساندة له. ثم إن اعتبار أعداء الكيان الصهيوني(وبيت القصيد في الرسالة هم العرب) أعداء للصديق الوفي لهذا الكيان بل وأعداءا للإنسانية جمعاء، موقف عنصري حاقد تمليه الكراهية المطلقة للعرب إسمأ، وجنسا، وثقافة و تاريخا، وتبلغ هذه الكراهية قمتها حين يعتبر المعني بالأمر فلسطين السليبة أسطورة و "كيانا عروبيا" يحاول العرب "زرعه" في وسط الأرض " التاريخية" لمايسمى بإسرائيل!! وهذا الموقف المخزي السافل يستحق كل الإدانة لما فيه من إهانه للتاريخ و لدماء كل الشهداء الذين سقطوا على ساحة الشرف من أجل تحرير فلسطينالمحتلة و في مواجهة همجية الكيان الصهيوني الغاصب. و حتى لا يبدو الموقف موقفا فرديا معزولا، يحاول المتصهين أزناكي، مرة أخرى إخفاء هذيانه السياسي وإضفاء المصداقية على تمثيليته للأخرين قائلا: " إنني، والكثير من أبناء الشعب المغربي العظيم، نتطلع إلى اليوم الذي سيرفرف فيه علم بلدكم الجميل، فوق سماء مدينة الرباط، ويرفف فيه العلم المغربي فوق سماء مدينة القدس عاصمتكم الأبدية" !! إذا كان هذا هو تطلعك و تطلع " الكثير من أبناء الشعب المغربي" فتجرأ إذن على رفع العلم الصهيوني على سقف منزلك، لترى كيف سنكون ردة فعل اولائك الذين تدعي التحدث باسمهم.! من المؤكد أنهم سيمزقونك قبل أن يمزقوا العلم الصهيوني! ثم هل تعرف ماذا يعني و ماذا يجسد هذا العلم؟ لفائدة الشك اود تزويدك بمعلومات عن رمزية هذا العلم الصهيوني "الجميل"!!!: فالخط الأزرق في أسفله يرمز إلى النيل و الخط الأزرق الأخر في أعلاه يرمز إلى الفرات و تتوسط الخطين نجمة داوود التي ترمز إلى الحلم الصهيوني لبناء " إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل"! لتحقيق حلمه أعلاه يلتمس صاحبنا من صديقه: رئيس الكيان الصهيوني بذل كل ما في وسعه من جهود على المستوى السياسي و الإقتصادي و الديبلوماسي "للضغط على حكومة الرباط قصد تسريع وتيرة عملية الانفتاح السياسي والاقتصادي بين بلدينا (المغرب و الكيان الصهيوني)، في أفق الإعلان الرسمي عن إقامة علاقات دبلوماسية كاملة في القترة القليلة المقبلة". ما يغفله المتصهين أزناكي، عن قصد أو غير قصد، هو أن جل الأنظمة السياسية العربية، بما فيها النظام المغربي، لها علاقة سياسية و اقتصادية، في السر أوالعلن، مع الكيان الصهيوني، وأن البعض منها يقيم علاقات ديبلوماسية معه. ولولا الموقف الشعبي الممانع و المعادي للصهبونية ، لكانت كل الدول العربية قد عملت على تسريع وتيرة الإنفتاح السياسي و الإقتصادي بينها و بين الكيان الصهيوني. نستخلص من هذا أن المتصهين أزناكي يلتقي موضوعيا مع الأنظمة التي يعاديها ظاهريا و يسمها بالعروبية، في السعي إلى تسريع وتيرة الأنفتاح السياسي و الإقتصادي المنشود. يفسر صديق الصهاينة المعني بردنا رغبته العاجلة في تطبيع العلاقة مع الكيان الصهيوني بما يسود في مخيلته من اعتقاد أن الشعب المغربي في حاجة للاطلاع على تجربة الشعب الإسرائيلي، في إعادة بناء الدولة، و تجميع شتات الشعب، بعد قرون من النفي القسري والاستعمارات المتتالية" ، كما الاستفادة من تجربة إسرائيل في تطوير المنظومة التعليمية، واحترام التعدد الثقافي واللغوي والديني، كما التنمية الاقتصادية الشاملة، وبناء جيش وطني حام للشعب والدولة، لا جيش حاكم للشعب أو حام للاستبداد، كما هو الحال لدى أعدائكم وأعدائنا. إننا في المغرب بحاجة لصداقة نفعية حقيقية بين دولتين تتطلعان للمستقبل، كبديل حقيقي واستراتيجي عن علاقات المغرب الحالية مع دويلات ومشيخات ما يسمى ب "الجامعة العربية".. التي لم نستفد منها سوى شعارات الحقد والكراهية والإرهاب والاستلاب الهوياتي وهبات الذل والتبعية"! إن هذا الهراء اقل ما يمكن أن يقال عنه هو أنه ينم عن احتقار الشعب المغربي والاستخفاف بقدرته على الخلق و الإبداع و تحقيق نهوض تنموي على كافة المستويات المذكورة أعلاه. الشعب المغربي العظيم (قاد بشغلو) وليس في حاجة إلى دروس أو تجارب كيان مغتصب لتحقيق اهدافه و أحلامه، كل ما يحتاجه هذا الشعب هو التخندق في خندقه و الإنخراط في معمعة نضاله من أجل تحقيق الحرية، و الكرامة والعدالة الإجتماعية و المساوات في مجتمع تسود فيه القيم الإنسانية النبيلة. فليحتفط أزناكي و أصحابه ببدائلهم العنصرية و الفاشية لنفسهم و لمن يحذو حذوهم. لعل السر الكامن وراء تهنئة أزناكي لأصدقائه الصهاينة هو بحثه عن سبل للهجرة إلى الكيان الصهيوني، وهذا ما يؤكده بقوله:" سأكون جد سعيد بزيارة بلدكم الصديق قبل متم هذه السنة، أو مستهل السنة المقبلة، وسأكون سعيدا أكثر لو تدخلتم لرفع تأشيرة الدخول عن المواطنات والمواطنين المغاربة، الراغبين في القدوم لبلدكم للدراسة أو السياحة والاستشفاء أو التبادل الاقتصادي وغيرها" ختاما أقول لصديق الصهاينة صاحب رسالة التهنئة و امثاله ان ما يظهر في الفترة الأخيرة من طروحات عدمية، و عنصرية و شوفينية و انفصالية في أوساط المحسوبيين على الأمازيع لا تخدم المسأله الأمازيغية لا من بعيد ولا من قريب، بل تضر بعدالتها ومصداقيتها وتفقدها التعاطف الضروري داخليا و خارجيا. وانبه أن هذا الفكر إذا قدر له أن يصبح قوة مادية ستكون نتائجه كارثية على البلاد و العباد. لن تمروا!!!!!!