ناقشت الأستاذة سناء بوجلود أطروحة في القانون بعنوان «المرض النفسي للأجير وأثره على عقد الشغل» تحت اشراف الدكتور القدير أمال جلال، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال - الرباط وذلك في يوم الاثنين 23 دجنبر 2013. ويعتبر موضوع أطروحة الأستاذة الباحثة سابقة في الساحة القانونية، حيث لم يسبق بحثه في كليات الحقوق بالمغرب. وقد تكونت لجنة المناقشة من الأستاذ المشرف الدكتور أمال جلال، بعضوية الدكتور الحاج الكوري والدكتور الطبشي محمد من نفس الكلية، وبعضوية الدكتور عبد الكريم غالي من كلية الحقوق السويسي بالرباط. وبعد مداولة أعضاء لجنة المناقشة نالت الأستاذة الباحثة بإجماع اللجنة العلمية قبول الأطروحة بميزة مشرف جدا وحصولها على لقب دكتور في الحقوق. وموضوع «المرض النفسي للأجير وأثره على عقد الشغل» هو موضوع مرتبط بالتحولات التي شهدها عالم الشغل، حيث انتقل من عصر الثورة الصناعية إلى عصر العولمة والثورة المعلوماتية والتقدم التكنولوجي السريع، وانتقلت مخاطر الشغل في العصر المعاصر إلى مخاطر حديثة تلحق أضرارا بالصحة النفسية، تتخذ شكل أمراض نفسية نتيجة للضغط والتوتر المهني أو ما يعرف بظاهرة Burn Out. ورغم حداثة مدونة الشغل المغربية، إلا أنها لم تعتمد صراحة على المفهوم الواسع للصحة المهنية كما جاء في دستور منظمة الصحة العالمية منذ سنة 1949 حيث شمل في تعريفه للصحة الجانب البدني والنفسي، كما اعتمدت منظمة الشغل الدولية نفس المفهوم الواسع منذ سنة 1950. ويحتل موضوع «المرض النفسي للأجير وأثره على عقد الشغل» في الوقت الراهن أهمية كبرى في تشريعات الشغل المقارنة، لذا المغرب مطالب بالاهتمام بهذا المرض نظرا لآثاره السلبية على صحة الأجير والمقاولة، وعلى الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في الدولة. والأجير قد يصاب بمرض عادي كما قد يصاب بمرض مهني بسبب المهنة التي يتعاطاها، وغالبا ما يكون المرض المهني موصوفا بكونه مهنيا كما قد يصاب بحادثة شغل تصيب جسم الأجير بضرر. والمرض النفسي لحد الآن ما زال يعتبر مرضا عاديا وهو بذلك يهدد استقرار عقد شغل الأجير، ولأن هذا المرض له انعكاسات سلبية على وضعية الأجير داخل المقاولة، فقد أخذت بعض تشريعات الشغل المقارنة بالمفهوم الواسع للصحة وشملت الصحة النفسية بحماية قانونية، كقانون الشغل السويدي الذي اعتبر المرض النفسي مرضا مهنيا منذ تسعينيات القرن الماضي، وقانون الشغل الفرنسي الذي اعتبره حادثة شغلوذلك منذ صدور قانون التحديث الإجتماعي ل 17 يناير 2002. فهل من العدل اعتبار الاصابة النفسية المرتبطة بظروف المهنة إصابة عادية؟، خاصة وأن التعويضات في اطار التغطية الصحية والتعويضات عن العجز هما محددان في الزمن ويمكن للمشغل أن يعتبر الأجير المصاب مستقيلا إذا زاد العجز الصحي عن 180 يوما متولية في السنة، أو ثبت عدم قدرته على انجاز شغله، بخلاف اعتبار الاصابة مهنية أو حادثة شغل حيث تعطي الحق في نيل التعويضات طيلة مدة العجز الصحي للأجير وإلى غاية شفائه واسترجاع قدرته على العمل ما لم يتحول حقه هذا إلى إيراد عمري بسبب العجز عن استئناف الشغل. أفلا تقتضي العدالة في حالة وجود علاقة سببية بين الشغل والإصابة النفسية للأجير اعتبار مثل هذا العجز مرضا مهنيا أو حادثة شغل على الأقل؟. واذا ثبت وجود علاقة بين الاصابة النفسية والشغل، فأية حماية قانونية تُمنح للأجير المصاب، وما مدى تأثير الاصابة النفسية على عقد الشغل؟. للإجابة على هذه الاشكالات والبرهنة على أن المرض النفسي الذي يصيب الأجير بمناسبة شغله هو مرض مهني أو حادثة شغل قسمت الأستاذة الباحثة الموضوع إلى بابين، تناولت في الباب الأول تأثير ظروف الشغل على الصحة النفسية للأجير، حيث وقفت عند العلاقة بين ظروف انجاز الشغل وظهور اضطرابات نفسية كما بحثت في مدى امكانية اضفاء الطابع المهني على المرض النفسي. وفي الباب الثاني تناولت فيه حماية العلاقة الشغلية أثناء المرض النفسي للأجير، وقد تطرقت الاستاذة في هذا الباب إلى حماية الأجير المصاب نفسيا على الصعيد الدولي والوطني، كما تناولت تدابير الوقاية من مخاطر الأمراض النفسية ثم تطرقت إلى العواقب الوخيمة للمرض النفسي على العلاقة العقدية والعواقب على مستوى التعويضات المستحقة للأجير المصاب. وقد قدمت الأستاذة الباحثة مجموعة من الحلول القانونية والاقتراحات التي ستسهم بالنهوض بالصحة النفسية عند الأجراء، وبالتالي حصولهم على حقوقهم القانونية متى ثبت وجود العلاقة السببية بين الاصابة النفسية لدى الأجير والشغل.