نشرت صحيفة "الوطن" المصرية في عددها اليوم الأربعاء، كما في موقعها الألكتروني، القسم الأول من تصريحات خاصة للرئيس المتنحي حسنى مبارك مسجلة على أشرطة من داخل مستشفى طرة، وهي أول تسجيلات تُنشر بصوته منذ تنحيه بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 حتى الان، فيما ستنشر القسم الثاني يوم الخميس، وهي مقابلة على مراحل قام بها "مصدر" تحفظت على اسمه، وهو مقرب من مبارك.
"المصدر" في التسجيلات الصوتية يسأل مبارك عن رأيه بما يحدث الآن في مصر، وحالة الغضب الشعبي والمظاهرات الفئوية والانفلات الأمني والأزمة الاقتصادية، فيجيبه: "والله.. أنا زعلان" ثم صمت قليلاً، لكن "المصدر" قطع صمته وسأله: "بخبرتك الدولية وتجاربك الطويلة شايف وضع الأخوان المسلمين مع الناس ازاي" ؟ أجاب مبارك: "همه اللي اختاروهم" ولم يزد كلمة واحدة. ضغوط أميركية مستمرة طلبا لقواعد في مصر يسأله "المصدر" عن دور الولاياتالمتحدة الأميركية واسرائيل بما يحدث حاليا في مصر والمنطقة العربية، فيجيب مبارك: "كل ما يهم أمريكا هو ضمان أمن اسرائيل في الأساس، وطول عمرهم بيحاولوا يضغطوا علي العرب من أجل هذا الهدف، وأنا لم أزر اسرائيل طوال فترة حكمي غير مرة واحدة فقط، في عزاء اسحق رابين. كان الراجل ده ماشي بعملية السلام، واعطانا قطاع غزه بالكامل، علشان كده الاسرائيليين قتلوه.. لما رُحت في العزاء، قالوا لي خلليك تبات معانا، فرفضت ورجعت القاهره فوراً". يمضي مبارك ويقول، وكله طبقا لما نسمعه في التسجيلات: "أمريكا طول عمرها كانت بتضغط علينا للحصول على قواعد عسكرية في مصر، وكنت أرفض دائماً، ومرة جاءني أبوغزالة (عبد الحليم أبوغزالة وزير الدفاع الراحل) وقال لي ان الأمريكان طلبوا يعملوا قاعدة عندنا وأنا وافقت، فرددت عليه: انت مالكش سلطة توافق ولا أنا كمان، دي مش ملكك ولا ملكي انا كمان". يتابع: "وكنت رايح أمريكا في زيارة رسمية والتقيت وزير الدفاع الأمريكي وقال لي ان أبوغزالة وافق علي القاعدة العسكرية، فقلت له الدستور المصري لا يسمح بذلك لا لأبوغزالة ولا لي شخصياً. هذا الأمر يحتاج موافقة البرلمان المصري، وحتي لو وافق البرلمان لازم استفتاء شعبي، وقفلت الموضوع عليهم.. طلبوا أكثر من مرة قواعد في غرب القاهرة وبرج العرب.. كانوا عايزين قواعد بأي تمن". "كفاية الجيزة وزحلقهم بهدوء كده" يصمت مبارك لحظات ويضيف ضاحكاً: ".. يا ولاد" ثم يواصل حديثه عن الولاياتالمتحدة: "في الآخر كانوا عايزين يعملوا لنا شبكة ألكترونية للقوات المسلحة. طبعاً علشان الشاشة تكون في اسرائيل وأمريكا. قلت لوزير الدفاع "زحلقهم" مفيش حاجة من دي هتحصل أبداً. رجعوا تاني وكانوا عايزين يوصّلوا كل سنترالات القاهرة بسنترال رمسيس، واتفقوا مع وزير الإتصالات". يتابع حديثه عن الموضوع نفسه ويقول: عرفت الموضوع من القوات المسلحة، وعرفت أن هذا المشروع معناه أن الأمريكان يقدروا يصيبوا الاتصالات في مصر كلها بالشلل، يعني لما يتوقف سنترال رمسيس، تتوقف كل الاتصالات في مصر. جبت وزير الاتصالات وقلت له: معنى ذلك انك علشان تطلب أي مكالمة لازم تعدي المكالمة على سنترال رمسيس، فقال لي وزير الاتصالات ان الأمريكان هيعملوا ده ببلاش. فقلت: أوعى توافق، فأجاب: بس همه وصّلوا الجيزة خلاص بسنترال رمسيس فقلت: كفاية الجيزة وزحلقهم بهدوء كده، وفعلاً زحلقناهم". يواصل مبارك: "في 2006 أو 2007 جاء الأمريكان وطلبوا تردد FM للقاهرة الكبري. ذهبوا الى وزير الاعلام، فقال لهم: "القانون لا يسمح" فجاءني السفير الأمريكي وقال: "اديني تردد الfm لأنهم في واشنطن حاجزين 270 مليون دولار عن المعونة لمصر بسبب الموضوع ده" فقلت له: "خليهم عندكم.. مش عايزينهم.. لا.. خليهم متجمدين" ورفضت.. وبعدها ب 15 يوم أرسلوا ال 270 مليون دولار.. طبعا كانوا عايزين تردد الFM علشان التجسس ومراقبة كل شيء. مبارك كان سيتنحى بعد وفاة حفيده مداخلة من صحيفة "الوطن" في النص المنشور: يبدو مبارك بحسب وصف "المصدر" هادئا زاهدا. ويُرجع "المصدر" الذي يجلس معه كثيراً في مستشفي السجن هذه الحالة الى ما حدث له ومعه خلال السنوات الأخيرة، اذ يؤكد أن وفاة حفيده محمد علاء كانت نقطة تحول فاصلة في حياته، وكلما سأله عن احساسه وتقديره لما يحدث له ولأسرته يجيب بكلمه واحدة: "دنيا". وحين سأله عن هذه الحالة قال: "والله بعد موت حفيدي محمد كنت عايز أتنحى. كنت عايز أمشي. هم دلوقتي عايزين يبهدلوني، من المستشفي للسجن للمحكمة. فاكرين انهم بيذلوني.. لا. أنا في حياتي شفت أكتر من كده بكتير.. حاربت، واحنا في الجيش بنتعب كتير في حياتنا واتعودنا على الشقا. أنا ببساطة الآن عايش ومش خايف. ربنا هو العالم بكل شيء. على فكرة أنا اتخذت قرار التنحي بنفسي ولم يضغط عليّ أحد، وكان ممكن استمر في الحكم، لكني قررت التنحي حفاظاً على أرواح الناس وعدم اراقة الدماء". يسأله المصدر: "ماذا حدث بالضبط في أيام يناير" ؟ يجيب مبارك: "والله. أنا ما بحبش أتكلم في الموضوع ده.. المسألة خلاص مرّت". يسأله: "طيب هل الاخوان دول هيمشوا، ولا هيكمّلوا" ؟ يصمت مبارك قليلاً ويقول: "والله.. والله.. مش عارف". يسأله: "البعض قال انك تلقيت نصائح باقالة المشير طنطاوي في يناير 2011 لانقاذ الموقف والنظام". يجيب: "شوف.. لو كنت أقلته ايامها كانوا قالوا عليه بطل. كانت الناس هتقول اني طلبت منه انه يضرب الناس بالسلاح وهو رفض. لازم الأمور دي الواحد يوزنها صح". الجيش وهل مات عمر سليمان مقتولا ؟ ثم انتقل مبارك سريعا الى الحديث عن الجيش قائلاً: "الجيش بتاعنا بخير. فيه أبطال. ولادنا زي الفل. لما يدخلوا حرب يحاربوا بشجاعة، وعندهم أسلحة متطورة.. احنا اشتغلنا على ده كتير. جبنا لهم أحدث الأسلحة، وكان الأمريكان بيلاعبونا، وكنا نلاعبهم، لان مفيش أغلى من الجيش في مصر". عاد المصدر وسأله: "نرجع لموضوع المجلس العسكري في أيام يناير وقبلها، فرد مبارك: "بلاش تسألني عن موقف المجلس العسكري في يناير.. بعدين ممكن نتكلم". ثم يسأله المصدر: "وما رأيك في أداء مرسي وجولاته بالخارج" ؟ ورد مبارك ضاحكاً: "أهو بيتفسح". سأله: هل مات عمر سليمان مقتولاً ؟ في اشارة الى مدير المخابرات الراحل، فيجيب الرئيس المتنحي: "لا، لا لم يحدث. عمر كان مريضاً. كانت عنده مشكلة خطيرة في القلب.. الله يرحمه". ثم يصمت قليلا ويتابع: "أكتر حاجة بتضايقني لما يقولوا الرئيس المخلوع. من كام يوم سمعت في التليفزيون رئيس المجلس الأعلى السابق من قضايا الدولة بيقول عني "الرئيس المخلوع".. عيب، مفيش دولة في العالم كله بتقول الرئيس المخلوع. ده أنا اتنحيت حفاظاً على أرواح الناس. كنت أقدر أقعد، لكن قلت أنا امشي". أما عن التسجيلات فقد شرح محمود مسلم، وهو مدير تحرير "الوطن" وكاتب صحافي، بأنها تمت على مراحل وطوال أيام عدة بواسطة "مصدر" وصفه لاحدى المحطات التليفزيونية المحلية أمس الثلاثاء بأنه "مقرّب" من الرئيس المتنحي ويزوره دائما، وان التسجيل الذي عرضته الصحيفة، وتنقله "العربية.نت" عنها الآن، مدته 7 دقائق فقط، لكنه 32 دقيقة في أصله الكامل. وذكر مسلم أن "الوطن" تنشر التسجيلات بالنص كما جرت بين مبارك و"المصدر" الذي احتفظت باسمه ولم تنشره، قائلة انه اعتاد التردد على الرئيس السابق في محبسه، ونوهت بأنها اضطرت الى حذف بعض العبارات الواردة في التسجيلات "خشيه تأثيرها سلباً على الأمن القومي المصري" وفق تعبيره.