يثير قرار عدم توزيع كتاب صدر حديثا في المغرب حول الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قلقا في الاوساط السياسية والثقافية المغربية، خاصة وان جهة اصدار قرار المنع ما زالت مجهولة. وقال عبد الصمد بلكبير المسؤول في دار النشر ‘اتصالات سبو بمراكش' التي صدر عنها الكتاب ان شركة ‘شوسبريس' رفضت توزيع كتاب ‘السوسيولوجيا الانتخابية لحزب الاتحاد الاشتراكي: أزمة عابرة أم بوادر انهيار معلن' للباحث المغربي غسان الأمراني وهو اطروحة دكتوراه اشرف عليها الدكتور عبد الله ساعف وهو من ابرز الباحثين والمفكرين المغاربة ووزير التربية 1998 الى 2003. وقال بلكبير ان دار النشر قررت بعد مشاورات واتصالات نقل توزيع الكتاب الى شركة الوسيط دون ان تتخلى عن حقها في اللجوء إلى القضاء بسبب الخسائر المالية التي تكبدتها الدار. ويقترح بلكبير ان يكون المسؤولون في شركة شوسبريس أدخلوا العنصر الإيديولوجي المتضمن في الكتاب في مجال التجارة واوضح ان الكتاب يتعلق بمسار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي قاد المعارضة لعقود قبل توليه 1998 تدبير الشأن العام وقيادة حكومتي التناوب الاولى والثانية. واكد بلكبير في اتصال مع ‘القدس العربي' انه اجرى اتصالات مع مسؤولين حكوميين نفوا نفيا قاطعا ان يكون هناك قرار حكومي بالمنع وهو ما اكده ايضا مسؤولون في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وأوضح صاحب دار النشر أن مسؤولي شركة ‘شوسبريس' لم يعللوا رفضهم توزيع الكتاب بقرار مكتوب، وإنما اكتفوا بقولهم ( إننا لا نتوفر على عقد توزيع )، رغم أنهم وزعوا لفائدتي أكثر من 400 عنوان دون عقود توزيع'، متسائلا ‘إذا كنت لا أتوفر على عقد لتوزيع الكتاب، فلماذا سلموني وصلا باستلامهم 1200 نسخة منه؟'. وقال صاحب دار النشر إن مسؤولي الشركة يرفضون تعليل مثل هذه القرارات المتعلقة بالمنع خشية الوقوع في الحرج، مذكرا بحادث مماثل تعرض له سنة 1994 عندما منع له كتاب بعنوان ‘الأخلاق والبترول' دون تعليل. وتلقى مؤلف الكتاب غسان الأمراني قرار رفض توزيع كتابه باستياء كبير، ونقلت صحيفة ‘ المساء ‘ المستقلة قوله إنه ما زال، إلى حد الآن، لم يصدق النبأ، خاصة وأن كتابه، حتى وإن حمل عنوانا قد يبدو مثيرا للبعض ‘السوسيولوجيا الانتخابية لحزب الاتحاد الاشتراكي: أزمة عابرة أم بوادر انهيار معلن' هو مجرد بحث علمي تضمن معطيات وأرقاما واستنتاجات حول تاريخ الحزب والعوامل التي كانت وراء تراجعه في الانتخابات التي عرفها العهد الجديد، وكيف تراجعت تمثيليته في النقابات ولدى الشباب، وكيف انسحب من المدن نحو البوادي والقرى بعد أن انخرط فيه العديد من الأعيان القادمين مما يسمى ب'الأحزاب الإدارية'. ونقلت الصحيفة عن مسؤول في شركة التوزيع، أنه لا وجود لقرار يقضي بمنع الكتاب، وأن المشكل سيحل قريبا بعد عودة المسؤول عن قسم التوزيع بالشركة الذي يوجد في عطلة، مضيفا أن إدارة الشرطة أصبحت صارمة في التعامل الإداري مع جميع المطبوعات والكتب، خاصة بعد حادث دخول مجلة إسرائيلية قبل شهرين إلى التراب المغربي والضجة التي خلفها الحادث. وقال عبد الله ساعف إن قرار منع كتاب علمي وأكاديمي إذا ما صح، فإنه قرار غريب وهو مؤشر على أن الرقيب أصبحت له قواعد جديدة في المنع، مشيرا إلى أن الكتاب لا يخرج، في مضمونه، عما هو متداول من آراء وأفكار ومعطيات في سوق الكتب.