انتقد داعية مغربي بنسالم باهشام تجربة تكوين المرشدات الدينيات بالمغرب، معتبرا إياها نوعا من قطع الطريق أمام مرشدات وأئمة ووعاظ "لا ينضبطون" للمسار الديني الرسمي الذي اختارته وقررته الدولة. واعتبر العالم المغربي أن كثيرات من هؤلاء المرشدات الدينيات يسعين للعمل في هذا المجال بحثا عن فرصة عمل بسبب البطالة المتفشية في البلاد، ويرين أنهن يضربن عصفوين بحجر واحد: ينلن الثواب من عند الله بقيامهن بمهام الدعوة والإرشاد، كما يدفعن عنهن شر البطالة بالحصول على راتب قار وامتيازات وظيفية. وانتهت قبل أيام قليلة فعاليات اللقاء الأول للعالمات والواعظات والمرشدات الذي نُظم بمدينة الصخيرات ، وشاركت فيه مئات المؤطرات والمرشدات الدينيات بالمغرب، اللواتي تلقين تعليما طيلة سنة كاملة، درسن خلالها موادا تعليمية نظرية وتطبيقية من قبيل: الإمامة والخطابة ومداخل الثقافة العامة ومواد الخدمة الاجتماعية، وبعض معارف الفقه والحديث واللغة والتصوف الإسلامي والتاريخ. الأجر ومحاربة البطالة وأشاد الداعية المغربي المعروف إلى تجربة المرشدات الدينيات بالمغرب من حيث الفكرة فقط، لكنه بالمقابل يكيل لها انتقادات كثيرة باعتبار أن مصدر التجربة (في إشارة إلى المشرفين على الشؤون الدينية بالمغرب) له رؤية ومقصد من هذه التجربة غير ما هو مصرح به بشكل علني ورسمي. وقال باهشام في حديث ل"العربية.نت" إن الغرض الحقيقي من تشجيع برنامج تكوين الواعظات والمرشدات الدينيات يكمن في الرغبة في تلميع صورة البلاد أمام الرأي العام، حتى يقال إن المغرب يسود فيه إسلام وسطي ومعتدل متمثل في عمل هؤلاء الفتيات المرشدات. واسترسل المتحدث شارحا: الهدف أيضا يتجسد في التضييق على الحركة الإسلامية بالمغرب من خلال إزالة جميع الخطباء والوعاظ الذين لهم صيت وشهرة وقبول عند الناس، خاصة إذا كانوا منتمين لأي حركة أو تيار إسلامي بالبلاد، وتعويضهم بهؤلاء المرشدات والأئمة الذكور المتخرجين من دورات تكوين المؤطرين والمؤطرات الدينيات كل سنة. وأردف باهشام بأن كل فتاة مؤهلة للتكوين ولها كافة الشروط المطلوبة لتكون مرشدة تُقصى إقصاء تاما إذا تبين انتماؤها لحركة إسلامية معينة، رغم أن القانون المنظم لبرنامج تكوين الأئمة والمرشدات يستوجب تبرير كل إقصاء للمرشحين. وأبرز المتحدث أن هذا نوع من قطع الطريق أمام مرشدات وأئمة ووعاظ "لا ينضبطون" للمسار الديني الرسمي الذي اختارته وقررته الدولة. ولفت الواعظ المغربي إلى أن كثيرات من هؤلاء المرشدات الدينيات يسعين للعمل في هذا المجال بحثا عن فرصة عمل بسبب البطالة المتفشية في البلاد، معتبرات أنهن يضربن عصفوين بحجر واحد: ينلن الأجر والمثوبة من عند الله بقيامهن بمهام الوعظ والدعوة والإرشاد، وأيضا يدفعن عنهن شر البطالة بالحصول على راتب قار وامتيازات وظيفية محترمة. إيجابيات وإكراهات من جهته، اعتبر د. عبد السلام بلاجي، أحد القيادات المؤسسة للعمل الإسلامي بالمغرب، في حديث ل"صحفي" أن عمل الواعظات والمرشدات له من الأهمية الشيء الكثير، باعتبار أنه يعني نصف المجتمع أي النساء، مضيفا أن برنامج تخريج الواعظات والمرشدات الدينيات يسد نقصا موجودا في التأطير الديني النسائي في المساجد والجمعيات وغيرهما. وأردف الخبير في السياسة الدينية بالمغرب بأنه منذ عقدين من الزمن ظهرت بوادر صحوة نسوية، لكنها كانت تحتاج لمزيد من الترشيد والعناية، وهو ما أخذته السلطات التي تسير الشأن الديني بالمغرب على عاتقها وبادرت إلى تكوين مرشدات وفقيهات وتأطيرهن تأطيرا رسميا. لكن هذه الجوانب الإيجابية التي يراها بلاجي في نشاط هؤلاء المرشدات تقابلها إكراهات تعرقل عملهن الميداني، ومنها ما سرده المتحدث بكونهن يواجهن إكراهات موضوعية مرتبطة بالتعليم والتكوين، فالتدريب الذي تلقينه والدراسة التي تابعنها لمدة سنة كاملة بعد التخرج من الجامعة تبدو غير كافية، مضيفا أنه يجب بالتالي انخراطهن في برامج للتكوين المستمر من أجل أن يتجاوز التأطير الديني للنساء جانبه الشكلي والمظهري إلى الجوهر والمضمون القوي. وأبرز بلاجي أن تكوين المرشدات الدينيات بالمغرب هو تكوين مرتبط بالتوظيف؛ حيث يشتغلن وفق عقد للقانون العام يحدد مهامهن وحقوقهن والتزاماتهن، ويتقاضين الراتب والتعويضات الخاصة بموظف السلم العاشر (حوالي 5000 درهم شهريا)، مضيفا أنه تكوين لا يعني بلوغ هؤلاء الواعظات نهاية المطاف، بل عليهن أن يحسن أداءهن.