فجرت الصحف الألمانية التي تناولت حادث مقتل الدكتورة مروة الشربينى على يد متطرف ألماني فى محكمة دريسدن يوم الأربعاء الماضى، مفاجأة من العيار الثقيل حيث أكدت أن الحادث كان مخططا له ولم يكن عفويا كما قيل. وكشفت تلك الصحف في تقارير مطولة حول حادث مقتل "شهيدة الحجاب" عن معلومات جديدة مهمة تثبت أنه كانت هناك مؤشرات تنذر بوقوع هذا الحادث مما يوقع شرطة مدينة دريسدن ووزارة الداخلية فى ولاية ساكونيا تحت طائلة المساءلة. فقد ذكرت صحيفة "دريسدنر مورجن بوست" التى تصدر فى مدينة دريسدن نفسها أن الجانى اليكس سبق أن صرخ فى وجه مروة فى الجلسة الأولى عام 2008 قائلا: أنت لا تستحقين الحياة.واتفقت صحيفة "هامبورجر آبيتد يلات" مع هذه الرواية، وقالت إن اليكس بدا فى الجلسة السابقة متعنتا جدا، رغم مظهره "المهذب". وفيما يبدو أنه كان إحساسا مبررا من جانب الشهيدة مروة بالخطر قبل وقوع الجريمة، نقلت صحيفة "الشروق" المصرية عن موقع "فيلت أون لاين" قوله: إ ن مروة جاءت إلى قاعة المحكمة فى وقت مبكر، وكانت تتأبط ملفا به أوراق، وبدا وجهها شاحبا، ثم امتلأت عيناها بالدموع، وعندما سألها أحد الصحفيين (الألمان) عن سر مظهرها، أجابت بصوت خافت "إن الجو مريب".وحول ملابسات إطلاق النار من قبل ضابط شرطة ألمانى على زوجها، فيما كان يحاول إنقاذها ذكر موقع "شبيجل أون لاين" ان الضابط الذى أطلق الرصاص على الزوج كان يقف خارج المحكمة، ولم يكن يحمل سلاحا، وكان السلاح فى حوزة ضابط آخر داخل قاعة المحكمة من المفترض أنه كان أحد شهود القضية، فاندفع الضابط الأول نحوه قائلا اعطنى سلاحك بسرعة.. هناك بلطجى فى القاعة، ثم سمع دوى الرصاص. من جانبها ، قالت صحيفة "دير شبيجل" : "إن الجريمة كانت مفاجئة ولم يخطر على بال أحد أن يحدث ذلك ، فقد انقض الجاني على الضحية وطعنها 18 طعنة"، واصفة ما حصل ب"الكارثة" ، ومؤكدة أن الجميع داخل ألمانيا يعيش حالة صدمة ، وهو نفس التعبير الذي استخدمته المدعي العام في محكمة دريسدن كريتسيان افيناريوس.أما صحيفة (دي فيلت) فأشارت إلى أن قاضي الجلسة توم ماجافيسكي حاول إنقاذ الضحية بدق جرس الإنذار لاستدعاء رجال الأمن ، لكن الأمن حضر بعد 32 ثانية ، وبعد أن دق الجرس هم ضابط في غرفة مجاورة بالحضور بسرعة للقاعة ، وأطلق الرصاص على زوج القتيلة ظنا منه أنه الجاني لأنه كان يحمل السكين , ويرقد الزوج الآن في المستشفى في حالة صحية حرجة". وعلى صعيد متصل ، أعرب طارق الشربيني شقيق الشهيدة الدكتورة مروة عن استيائه من التعامل الألماني مع الجريمة ، مبديا في الوقت نفسه استغرابه مما وصفه ب"التكتم" حول اسم القاتل وملابسات الجريمة. وقال الشربيني -في حديث أدلي به لصحيفة (الدويتش فيلا) الإلكترونية نشرته الأربعاء - إنه سافر إلى ألمانيا الجمعة الماضي ثم رافق الجثمان إلى مصر حيث وصل هناك مساء الأحد الماضي ، مؤكدا أنه وكل المسلمين ينظرون للجريمة على أنها تنم عن عنصرية عميقة تجاههم. وأضاف: "أننا لن نرضى سوى بجزاء عادل من القضاء الألماني للقاتل يتناسب مع حجم الجرم توجيه تهمة القتل العمد للجاني وفي السياق نفسه، وصف برند اربل السفير الألماني بالقاهرة حادث مقتل مروة الشربينى، بالجريمة الشنعاء، ولا يمكن أن يتصورها عقل أو يقبلها منطق، مؤكدا أنها جريمة نكراء غريبة على الشعب الألماني ويرفضها.وشدد السفير الألماني في تصريح للتليفزيون المصري الخميس على أن هذه الجريمة النكراء لن تمر بدون عقاب شديد، مؤكدا أن الشعب الألماني يحترم ويقدر المصريين والمسلمين ويؤمن بحرية الأديان والعبادة دون أي تميز.وعن ردود الأفعال تجاه هذا الحادث الأليم، قال السفير الألماني "إن هناك ردود فعل واسعة داخل المجتمع الألماني على المستوى الرسمي والشعبي، مشيرا في هذا الصدد إلى أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أدانت الحادث.وأوضح السفير الألماني أن التحقيق في الحادث مازال مستمرا، مشيرا إلى أن النيابة العامة في ألمانيا وجهت تهمة القتل العمد للجاني وهى أكبر جريمة في القانون الألماني.وأكد أن العلاقات المصرية الألمانية أقوى من أن أي حادث عرضي، لافتا إلى أن الشعبين المصري والألماني تربطهما علاقات قوية منذ القدم. أبوالغيط: الحادث يعكس العنصرية والتطرف وبدوره، وصف أحمد أبوالغيط وزير الخارجية المصري مقتل الدكتورة مروة الشربينى، بأنه حادث بشع ومأساوي وندينه بأقوى لهجة ممكنة لأنه يعكس قمة العنصرية والتطرف.وقال أبوالغيط في حديث لصحيفة "الأسبوع" تنشره الجمعة إننا سوف نقوم بكل مسئولياتنا حماية لمصالح السيدة القتيلة ونتابع التحقيقات بالشكل القانوني المتفق عليه في علاقات الدول مع بعضها البعض.وأكد أن "هذا الحادث المريع يدق جرس إنذار للمجتمعات الغربية ينبهها إلى أخطار هذا التطرف المقيت، وضرورة تحمل هذه المجتمعات مسئولياتها في تفريغ أي شحنات للعنصرية بها".وأثارت هذه الواقعة حالة من الغضب الشديد سواء في مصر أو داخل وسط المصريين المقيمين في ألمانيا. وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ستقدم واجب العزاء للرئيس مبارك في مقتل مروة خلال اللقاء المباشر معه في قمة مؤتمر الثماني.وفي الوقت الذي وجهت فيه السلطات الألمانية تهمة القتل المتعمد المشدد إلى الجاني، كلف النائب العام المصري المحامي العام الأول لنيابات الإسكندرية بالسفر إلى ألمانيا لمتابعة التحقيقات التي تجرى في الحادث، وإخطار النائب العام بما يجري بشأنها. "إرهابية" لأنها محجبة مروة الشربيني مع زوجها وطفلها كان المبعوث المصري علوي علي قد تعرض وزوجته الدكتورة مروة الشربيني لاعتداء من احد المواطنين الألمان الأربعاء 1 يوليو/تموز داخل محكمة "لاندس" بمدينة دريسيدن، مما أدى إلى مصرع زوجته وإصابته. وتعود أحداث الواقعة منذ عام اثر مشادة بين الشهيدة مروة (32 عاما ) والمتهم الألماني في أحد ملاعب الأطفال ، لأنها طلبت من المتهم (28 عاما) ويدعى اليكس أن يترك الأرجوحة لابنها الطفل ، إلا انه قام بسبها واتهامها بأنها إرهابيه لأنها ترتدى الحجاب.وذكرت تقارير صحفية إن الجاني اعتاد التعرض للزوجة ونزع الحجاب عن رأسها ، فما كان منها كسيدة مصرية مسلمه تعتز بدينها، أن توجهت إلى ساحة القضاء التي بدورها أنصفت مروه وحكمت بغرامه 750 يورو لصالحها، إلا أن المتهم قام باستئناف الحكم وتربص لها في المحكمة، حيث اخرج سكينا وقام بطعنها عده طعنات فأرداها قتيله.وقام المتهم بعد ذلك بتوجيه طعناته إلى الزوج وشخص آخر لمحاولتهما إنقاذ الزوجة، إلا أن رجال الشرطة الألمان قد تدخلوا على عجل بإطلاق عده طلقات نارية، استقرت احدها في ساق الزوج علوي الذي فقد الوعي على الفور، ويقبع الآن في المستشفى. يذكر أن المبعوث المصري علوي علي معيد بمعهد الهندسة الوراثية بجامعة المنوفية، وحاصل على منحة شخصية للدراسة في معهد فاكس بلانك بألمانيا ويقيم هو وزوجته الصيدلانية مروة الشربينى وطفلهما 3 سنوات في مدينة درسدن منذ 2003. ممثل للنيابة المصرية بتحقيقات المانيا من ناحية اخرى، قرر المستشار عبد المجيد محمود النائب العام المصري إيفاد المحامي العام الأول لنيابات الأسكندرية للسفر إلى ألمانيا لمتابعة التحقيقات التى تجرى فى الحادث، وإخطار النائب العام بما يجري بشأنها. وأجرى النائب العام الأربعاء اتصالا بالنائب العام بولاية " *** ونيا" في ألمانيا "فلستات كلاوش فيلتشمان" وأخبره بأن النيابة العامة في مصر ترغب في إرسال أحد أعضائها لمتابعة إجراءات التحقيق في الحادث الذي تجريه السلطات القضائية الألمانية ، وكذا حضور جلسات محاكمة المتهم الجانى إن أمكن. من جانبه ، أكد النائب العام الألماني بولاية " *** ونيا" للمستشار عبد المجيد محمود أن أعضاء النياية العامة في الولاية يبذلون قصارى جهدهم لإنهاء اجراءات التحقيقات ، مؤكدا له أن حق المواطنة المصرية مروة الشربيني لن يضيع وأن ممثل النائب العام سيتم إحاطته خلال فترة تواجده بألمانيا بكافة التفاصيل الخاصة بالتحقيقات التي تجريها السلطات القضائية الألمانية. وفى السياق ، رفض متحدث باسم الحكومة الألمانية الاربعاء فى برلين الاتهامات التي وجهت للحكومة بسبب عدم تعقيبها على مقتل مروة الشربيني على يد متطرف ألماني من أصل روسي قبل أسبوع ، قائلا ان "الحكومة الألمانية لم تخف شيئا" ، فيما أبدى شقيق مروةاستياءه مما وصفهب"التكتم" حول اسم القاتل وملابسات الجريمة.وقال شتيج : "إن الحكومة الألمانية تمهلت في إعطاء موقف علني لأنها كانت تفتقد المعلومات الدقيقة عما حدث وعن دوافع القاتل , وفيما إذا كانت خلفية الدوافع عنصرية خاصة بعد التسرع الذي حصل في الماضي وأدى إلى إعلان مواقف غير دقيقة". وأكد المتحدث إدانة الحكومة الألمانية بشدة للحادث ، وأن وزيرة الدولة في دار المستشارية ماريا بومر قدمت التعازي لزوج الضحية الدكتور علوي عكاز باسم الحكومة مشيرا إلى تواجد سفير ألمانيا في القاهرة لدى وصول جثة الضحية إلى مصر.وقال المتحدث إن التحقيقات تشير إلى أن الجاني هو "متطرف معاد للأجانب" مؤكدا إدانة بلاده للتطرف اليميني ومعاداة الأجانب ورهاب الإسلام.