في بادرة طيبة من المغرب والذي يعتبر من الدول الأوائل التي استجابت إلى دعوة الحكومة النيجرية العسكرية التي طلبت من الدول التدخل العاجل للحد من نذر المجاعة التي تهدد بعض المناطق في النيجر،وليست هذه المرة الأولى التي يبادر فيها المغرب للتخفيف من أثار الأزمة الغذائية في النيجر فقد سبق وان تم إرسال مساعدات هامة سنة 2005 بالإضافة إلى مستشفى ميداني . وتعتبر النيجر من الدول الفقيرة والتي تعاني من نقص في الغذْاء ،بحيث يرتبط تحقيق الاكتفاء الذاتي بالموسم الزراعي حيث يشكل الرعي والزراعة حوالي 28في المائة من الناتج الداخلي الخام وهو المصدر الثاني للدخل الوطني بعد اليورانيوم . أسباب الأزمة ومظاهرها: قد لا تختلف النيجر عن باقي الدول الأخرى كمالي وبوركينا فاسو إلا أنها تتعرض كثيرا للازمات الغذائية الحادة بشكل كبير أكثر من غيرها ولذلك لعدة أسباب: الاعتماد على المحاصيل الموسمية المرتبطة بالتساقطات المطرية رغم وجود نهر دائم الجريان وبدون استغلال ،كما أن الفرشة المائية غنية وعمق الآبار في بعض المناطق لا يتعدى 10 أمتار بما في ذلك بعض المناطق الصحراوية التي تتوفر بها المياه بشكل كبير عدم استغلال مساحات الأراضي الزراعية الشاشعة والخصبة المنتشرة على طول ضفتي نهر النيجر بساطة وسائل الإنتاج الزراعي وانحصاره في الزراعة المعاشية أما مظاهر الأزمة الغذائية فهي : كون ظاهرة الأزمات الغذائية دورية تتكرر كل سنة أو سنتين . يتضرر منها الأطفال والنساء والشيوخ. تتضرر منها المناطق الصحرواية الجافة غير مرتبطة بنقص عام في الغذاء بقدر ما هي مرتبطة بنقص في الموارد المالية لشرائه، بمعنى أن الطعام متوفر في كل مكان في النيجر وبكميات وافرة لكن سكان بعض المناطق ليس لديهم المال لشرائه . وهكذا فأي تدخل في البلد لابد أن يأخذ بعين الاعتبار هذه المظاهر في تحديد الحاجات الحقيقية للسكان حتى يكون لهذه المساعدات اثر فعلي وتصل إلى مستحقيها .ومع عدم استحضار هذه العوامل تصبح المساعدة دون اثر ويبقى وضع السكان بدون تغيير. ومن المعلوم لدى الكثيرين من المتدخلين في المجال الإنساني أن تقديم المساعدات العينية عمل مكلف جدا وله أثار سلبية على الاقتصاد والحركة التجارية في البلد ، كما أن آثاره تزول بسرعة بحيث يحتاج المتضررون إلى دعم لمدة لا تقل عن ثلاثة شهور تمتد من شهر مايو إلى نهاية شهر يوليو . و تشتغل في النيجر أكثر من 700 منظمة مسجلة لدى وزارة التنمية المجتمعية ، إلا أنه لا توجد أثار كبيرة لعملها في الميدان باستثناء التي تشتغل في المشاريع التنموية والقروض الصغرى وحدها استطاعت أن تساهم في تحسين دخل السكان .أما المساعدات الكثيرة التي تم شحنها إلى البلد أو شراؤها وتوزيعها فليس لها الأثر الكبير رغم أنها خففت من ظروف بعض المناطق. ومن أهم ما يمكن الإشارة إليه في هذا المجال أن بعض الدول أرسلت مساعدات كثيرة، لكنها لم تصل ولن تصل إلى المستفيدين ، فبعض الدول أرسلت الثمر والمياه المعدنية والمشروبات الغازية والجبن والدقيق والقهوة والكثير من المصبرات ،كل هذه المواد يمكن أن توزع في المدن أو في الداخليات والمستشفيات .لكن المتضررين الفعليين هم من سكان القرى لا يحتاجون إلا إلى الأرز والزيت والسكر أو الحليب أو الذرة ،لذلك حين تتجول في الأسواق تجد الكثير من المساعدات تحمل أعلام الدول المساهمة بها وعليها إشارة( ليس للبيع).كما أن الحكومات السابقة كانت تبيع هذه المساعدات بشكل علني بدعوى الاستفادة من ثمنها في شراء الحاجات الأساسية للسكان ولعدم ملاءمتها للعادات الغذائية للسكان . فالمجتمعات الإفريقية بشكل عام لا تستهلك الدقيق بنفس الشكل كما في الدول العربية ، واهم الوجبات الرئيسية تتكون من الأرز أو الدخن أو الذرة أو السورغو وهو الغالب على طبائع كل القبائل الإفريقية سواء منها البدو الرحل أو المستقرين في المدن والبوادي . ففي دول إفريقيا الغربية و الوسطى تعاني عشرات آلاف من الأسر التي تعيش في المنطقة الغربية للساحل في وضعية صعبة بسبب الأزمة الغذائية التي تمس المنطقة بين الحين والأخر و يتعين معالجة أكثر من 859000 طفل يعاني من سوء التغذية. وكما سبقت الإشارة فان مظاهر المجاعة تتجلى في ظهور حالات سوء التغذية سواء منها المتوسط أو الحاد المؤدي إلى الموت في حالة عدم العلاج،فحتى مع توفر الغذاء بدون علاج طبي فان المصاب بسوء التغذية يمكن أن يموت في حالة إطعامه بدل أن يستعيد عافيته، لذلك فتوفير الغذاء ليس بالضرورة كافيا في غياب المرافقة الطبية لدراسة الحالات . ويكون آثار الأزمة الغذائية على الأطفال الذي يتراوح سنهم من 6 أشهر و 5 سنوات بحيث ترتفع نسبة وفيات الأطفال بنسبة اكبر من المعدل المعتاد سنويا . ونظرا لدورية هذه المجاعة وتكرارها فانه تم اعتبار سوء التغذية مرضا مزمنا مثل باقي الإمراض يجب التعامل معه على هذا الأساس والتدخل في المناطق المحددة التي ينتشر فيها ،وتم وضع بروتكول خاص بشروط تحمل حالات سوء التغذية وكيفية التعامل معها وكذلك احتياجات المتضررين في المناطق المستهدفة والذي يشكل دفتر تحملات للمنظمات الإنسانية أيضا للاشتغال وفق شروطه تنظيم عملها في الميدان، وهكذا تم حصر جهود المنظمات الدولية الكثيرة وحصر مجالات تدخلاتها مما حدا ببعض المنظمات الدولية إلى التنسيق فيما بينها في إطار مجلس الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية ، وعلى هذا الأساس يتم تحديد الاحتياجات تحت إطار خلية متابعة الأزمة الغذائية والتي استطاعت أن تجنب النيجر تكرار الأزمات الغذائية مند 2005 . والنيجر وغيرها من الدول الإفريقية ليست محتاجة إلى مساعدات عينية أكثر من حاجاتها إلى الخبرة والتجربة في مجال بناء السدود وتطوير تقنيات الإنتاج الزراعي ، والجهود المغربية في بوركينافاسو استطاعت أن تحقق لهذا البلد الاكتفاء الذاتي في إنتاج الخضر والمحاصيل المتعددة، لذلك سيكون تكرار التجربة في النيجر أكثر فائدة، كما أن تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في الزراعة من خلال توقيع اتفاقات تتيح للمستثمرين الحصول على أراضي زراعية على ضفاف نهر النيجر كفيل بإخراج البلد من أزماته