تكرس مجلة “جون أفريك” متابعتها المستمرة للشأن المغربي وعلاقات الرباط بجيرانها. ففي عددها الأخيرة توقفت المجلة الرصينة عند محور “الرباطمدريد” الذي بدأت معالمه تتبلور على الصعد السياسية والاقتصادية والامنية، مقابل تري العلاقة بين المحور القديم “الرباطباريس”. المجلة الدولية الوازنة رصدت حصيلة التعاون بين المغرب وإسبانيا خلال العام المنصرم والذي وصفته مدريد بالمثالي، ذلك أن الاستخبارات المغربية تمكنت من إيقاف عشرات العناصر المتطرفة والتي كانت تهدد الوضع في البلدين ومن خلالهما الأمن الدولي في حوض البحر المتوسط. هذه الخدمات التي أسداها الأمن المغربي كرست لدى الإسبان قناعة واقعية بأهمية دور بلادنا لمدريد واروبا، فكان الاعتراف الرسمي بهذا الجهد من خلال تكريم مدير “ديستي” عبد اللطيف حموشي ومساعديه بأعلى الأوسمة التي تمنحها الدولة الإسبانية، العام الماضي. واعتمد كاتب المقال أسلوب “إياك أعني واسمعي يا جارة”، فبقدر ما ثمن تعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية والسياسية بين المغرب وإسبانيا، لمح وصرح بتدهور العلاقة بين الرباطوفرنسا، نتيجة سياسات باريس المتهورة تجاه مصالح المغرب الحيوية. وكان صاحب المقال أكثر وضوحا حينما نصح رئيس فرنسا بعدم الاستمرار في الزام الصمت المطبق، لأن هذا الموقف ، حسب مقال جون أفريك، سيكون هدية كبيرة يقدمها هولاند لليمين الفرنسي المتطرف والمتعصب، والذي لن يتردد في استغلال أخطاء هولاند وحزبه في الانتخابات المقبلة لينقض على مقالد الحكم بفرنسا، وهو أمر إن حصل سيكون ولا شك كارثة تهدد اروبا والعالم. وتبدو وجهات نظر جون أفريك وكثير من المراقبين الدوليين، وحتى الفرنسيين العقلاء، متطابقة بشأن حاجة فرنسا للمغرب ، الشريك التقليدي، سيما في ظل الأوضاع التي صارت تعيشها فرنسا داخليا بسبب تفشي الإرهاب فيها، وخارجيا بسبب سياساتها المتسرعة تجاه الشركاء العرب والافارقة. فهل يستمع هولاند ومن معه لصوت الضمير والعقلانية لإنقاذ ماء الوجه أم سيستمرون في الهروب إلى الهاوية؟ المستقبل القريب قد يحمل جوابا.