قضت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتغريم "المساء" و"الجريدة الأولى" و"الأحداث المغربية" 100 ألف درهم لكل منها كما حكمت على مدير جريدة المساء وصحافي المتابع معه بأداء غرامة مليون درهم لجبر ضرر الطرف المدعي، وبنفس المبلغ على مدير "الأحداث المغربية" والصحفي المتابع معه، فيما تم الحكم فقط على مدير نشر "الجريدة الأولى" بأداء المبلغ المحكوم به. وقالت نقابة الصحافيين المغاربة إنها "أول مرة في تاريخ المغرب يرفع فيها ممثلو دولة أجنبية دعوى ضد الصحافة المغربية بموجب الفصل 52 من قانون الصحافة" المغربي الذي يعاقب على "المس بصفة علنية بشخص رؤساء الدول وكرامتهم ووزراء الشؤون الخارجية للدول الأجنبية" وأضافت أن هذا الفصل يتضمن عبارات فضفاضة تسمح بالمتابعة والعقوبة على نشر مجرد ما يعتبر من قبيل التحليل أو النقد المباح وقال محامي الصحف الثلاث عبد الرحيم الجامعي "هذا الحكم غير عادل بالمرة هذا ما يمكنني قوله". كما صرح فريق الدفاع أنه سيستأنف الحكم وتجدر الإشارة إلى أن السفارة الليبية كانت قد رفعت هذه الدعوى بعد صدور مقالات بصحف "الجريدة الأولى" (عدد 156 بتاريخ 18 نونبر2008) و"الأحداث المغربية" ( عدد 3461 بتاريخ 30 يوليوز 2008 ) و"المساء" ( عدد 724 بتاريخ 19 يناير2009 ) ورفع مكتب الاخوة ( السفارة الليبية) بالرباط الدعوى بعد صدور مقالات بصحف "الجريدة الأولى" ( 18 تشرين الثاني/نوفمبر2008) و"الأحداث المغربية" (30 تموز/ يوليو 2008 ) و"المساء" (19 كانون الثاني/يناير2009) اعتبرها الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي تتضمن اساءة له. والتزم الصحافيون المتابعون بالصمت طوال فترة المحاكمة التي وصفها رشيد نيني مدير صحيفة "المساء" اوسع الصحف المغربية انتشارا بالمهزلة. وقال نيني ل"القدس العربي" انه قاطع المحاكمة "منذ ان بدأت لأني اعتبرها محاكمة سياسية اقامتها الحكومة المغربية التي يترأسها عباس الفاسي انتقاما من الصحف الثلاث لموقفها الناقد من تشكيل واداء الحكومة". واقترح نيني ان عباس الفاسي (رئيس الحكومة المغربية) والطيب الفاسي الفهري (وزير الخارجية) وعبد الواحد الراضي (وزير العدل) اختبأوا وراء قضية القذافي للانتقام من الصحف التي توبعت". وقال "لو كان لدى هؤلاء الوزراء الشجاعة والجرأة لتقدموا للمحاكمة باسمائهم لا الاختباء وراء العقيد القذافي". واكد علي انوزلا مدير يومية "الجريدة الاولى" الطابع السياسي للحكم وحمل الحكومة المغربية المسؤولية الكاملة للمتابعة القضائية واصدار الحكم. وقال انوزلا ل"القدس العربي" بعد صدور الحكم ان حكومة عباس الفاسي "تتحمل كامل المسؤولية لأنها هي التي حركت هذه الدعوى ضد ثلاث من صحف بلادها تحت ضغط حكم القذافي عليها". وقال ان صحيفته "ستستأنف الحكم الذي لن يثنينا عن اداء مهمتنا في انتقاد الانظمة الديكتاتورية مثل نظام القذافي الذي يحكم ليبيا منذ 40 عاما." ويعتبر انوزلا ان ما تضمنه الحكم ضد الصحف الثلاث "اساءة واهانة" للقذافي "اذ حكم له فقط بمليون درهم من كل صحيفة في حين هو طالب ب30 مليون درهم"، وقال انه يتضامن مع الرئيس الليبي الذي عليه ان يرفع دعوى قضائية لمتابعة الحكومة المغربية بتهمة الاهانة والاساءة له كملك ملوك افريقيا اذا ما قورن هذا الحكم وقيمة الغرامة باخرى اصدرتها محكمة مغربية لصالح مركز دراسات في بلجيكا (3 ملايين درهم). وانتقد علي انوزلا موقف النقابة الوطنية للصحافة المغربية التي اكتفت بالتضامن مع الصحف الثلاث دون ان تعلن ادانتها لمتابعتها. وقال: ان موقف النقابة مخجل وغير مفهوم وجاء متأخرا ودون الحد الادنى الذي كنا نتوقعه كصحافيين. نعتبر المحاكمة محاكمة سياسية ومحاكمة رأي بالدرجة الاولى. اعربت النقابة الوطنية للصحافة المغربية يوم الجمعة الماضي عن "قلق بالغ"، بشأن استمرار محاكمة الصحف المغربية الثلاث. وأوضحت النقابة أنها "درست ملفات هذه القضايا وتابعت أطوار المحاكمة ومختلف المطالب التي تقدم بها دفاع الطرفين واستشارت محامين ومختصين قانونيين مما جعلها تكون رأيها في الموضوع". وعبرت النقابة عن "مساندتها لما أثاره دفاع الجرائد المتابعة، خاصة ما يتعلق بمسألة مراعاة متطلبات القانون المغربي عند رفع الشكاية، ولا سيما احترام متطلبات عدد من فصول قانون الصحافة والنشر". وقال انوزلا ان موقف النقابة لم يكن منسجما مع خطورة ما تحمله الدعوة من تهديد لحرية الصحافة والحريات العامة والتي هي ليست امتيازا او حكرا على الصحافة بل مكتسبات للشعب المغربي حققها بفضل تضحيات مناضلين وصحافيين خلال العقود السابقة.