لا أدري لماذا تدور أفكار بعينها في رأسي و أنا أشاهد بعض الوجوه المألوفة على فضائيات بعينها وهم يلمزون من قناة مصر تلميحاً وتصريحاً ، و سواء كانت هذه الوجوه وجوه ساسة أو وجوه أصحاب أقلام ، أشك في نزاهتها ، فإن الرسالة التي تصل إلى المتلقي واحدة: مصر خانت ... و مصر باعت. مع الكم الهائل من الاتهامات التي لا تنتهي لمصر بالخيانة والعمالة يُخيل إليَ أن الجيوش العربية تقف على أبواب القدس لفتحها منتظرةً مصر ليكتمل العدد فيمنعهم تلكؤها عن دخولها منتصرين مظفرين أو يُخيل إلى أن معارك طاحنة تدور رحاها في مكان ما لا أعلمه بين جيوشهم و إسرائيل و أن مصر هي الدولة العربية أو الإسلامية الوحيدة التي غابت جيوشها عن أم المعارك. إن الذين يتهمون مصر بالخيانة والعمالة ما يفتئون يلوحون بكامب ديفيد كدليل خيانة وكأن هذه المعاهدة بدعاً من التاريخ ، وكأن التاريخ خلا من عشرات المعاهدات التي وقعها العرب والمسلمون مع أعدائهم بدءاً من معاهدات الرسول صلى الله عليه وسلم مع يهود المدينة مروراً بصلح الحديبية الذي عقده الرسول صلى الله عليه وسلم مع المشركين والذي اعترض عليه الصحابة رضوان الله عليهم في بادئ الأمر لما رأوه من وجهة نظرهم شروطاً مجحفة في حق المسلمين لصالح المشركين، حتى أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل الرسول صلى الله عليه وسلم : ألسنا على الحق يا رسول الله ، فلما أجابه بالإيجاب سأل مرةً أخرى : فلماذا نعطي الدنية في ديننا ؟ ثم بانت لهم حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بعد. ألم يعقد صلاح الدين الأيوبي صلح الرملة مع الصليبيين الذين أبادوا المسلمين عند دخولهم بيت المقدس و جعلوا شوارعها تجري أنهاراً بدمائهم ؟!! ألم يعقد قطز القائد العظيم معاهدة مع بقايا الصليبيين في الشام ليتفرغ لحرب التتار في عين جالوت ؟!!! ألم يعقد بيبرس معاهدات مع التتار الذين دمروا بغداد وصنعوا من جماجم البشر أهرامات؟!!! اتهموها بكامب ديفيد وهم يعلمون أن مصر عقدتها لتلقط أنفاساً قٌطعت وتستعيد قوى أٌنهكت و تصلح اقتصاداً ترنح ولم يفق حتى ساعته وتاريخه. كانت كامب ديفيد ذريعة لبعض زعماء العرب ليفرضوا على باقي الدول العربية مقاطعة مصر ، و سموا أنفسهم وقتها دول " الصمود والتصدي " ، و على الرغم أننا لا نعلم حتى تاريخه صمدوا ضد من وتصدوا لمن ؟!! ، فإن ذلك لا يعنيني حالياً ، كل ما يعنيني في هذه اللحظة ماذا حقق هؤلاء ؟!! هل حققوا الوحدة التي تغنوا بها أو حققوا الانتصارات التي بشروا بها ؟!! وهل حققوا الزعامة التي كانت في الأصل مقصدهم؟! أتأمل تاريخنا المعاصر بأحداثه فلا أجد من آثارهم ، ومن سار على دربهم في زمننا ، سوى بعض الخطب النارية التي لاتزال موجودة في أراشيف إعلامهم أو بين أنقاض دولهم التي كانوا سبباً في خرابها و تدميرها.... لا أجد من جهادهم سوى مظاهرات أخرجوها وأمسيات شعرية نظموها !!! مصر التي خانت وباعت لا وجود لها إلا في رؤوس الأقزام الذين يريدون أن يتسلقوا على أكتافها ، والمتاجرة بآمال أمة و آلامها ، و العبث بقضية شعب فلسطين و عذاباته. مصر التي باعت وخانت لا وجود لها إلا في خطط متآمرين يتربصون بأمة لا يريدون لها خيراً فيسعون إلى شق صفها و إثارة العداوة والبغضاء بين أبنائها. لقد أصبح سب مصر و اتهامها بما فيها وما ليس فيها وسيلة البعض و صكه للوصول إلى الشهرة والجماهيرية ، بل إن بعضهم تجاوز تلك المرحلة فاستدار طعناً في رموز لا تملكها مصر وحدها إنما تملكها أمة بأسرها كأحمد زويل والبرادعي و كانوا قد أرادوا قبل ذلك أن يحرموها فرحتها بنصر أكتوبر فشككوا فيه وادعوا أنه مسرحية متفق عليها ناسين أو متناسين أن إسرائيل كانت دولة منتصرة تزهو بتحطيمها العرب بضربة واحدة ، فما ذاك الخطب الجلل الذي يجبرها على الاشتراك في مسرحية ساذجة كهذه ؟؟؟ !!! من يفعل ما سبق ؟!! للأسف ليسوا يهوداً أو إسرائيليين ، إنما عرب ، عرب يعتمدون في اتهاماتهم على أخبار استقوها من إسرائيل ، و يأتمرون بأمر إيران لتنفيذ مخططها في المنطقة دون أن تتكلف طلقة واحدة أو تخسر إيرانياً واحداً. أما المفارقة في زمن المضحكات المبكيات: أصبحت إسرائيل التي كانت عدونا مصدر أخبارنا الموثوق !!!! و بعد كل ذلك يظل سؤال يدور في ذهني و يؤرقني : ماذا فعل قادة الاتهامات هؤلاء وماذا قدموا على أرض الواقع لا خلف الشاشات ؟!! و ما الذي يمنعهم عن الفعل؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!