أكتب هذه المقالة ولم يُعلن بعد عن النسخة الثانية لحكومة بنكيران وأشعر بتنصيبها قريبا، بخاصة بعد متابعتي التصريحات الإعلامية لرئيس الحكومة يوم 12 شتنبر 2013، لذلك أحببت التأريخ لمخاض ولادتها قبيل الظهور. لم أطمئن يوما لوسائل الإعلام التي أكدت الإعلان عن التشكيلة الحكومية الجديدة في متم الأسبوع الماضي، إذ كلما تأخر الموعد عللته بحكاية لا تكاد تبين. وليعذرني الخصوم.. قلت للأصدقاء، منذ 11 شتنبر 2013(راجع حائطي الخاص)، لا تنتظروا جديا الإعلان عن حكومة بنكيران الثانية في بحر هذا الأسبوع، لأن القوم أثاروا موضوعات جديدة للإلهاء الإعلامي. في 12 من شتنبر أذاعت العفاريت أن "حزبي التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية قد يؤجلا ظهور النسخة الثانية من حكومة بنكيران إلى بداية الأسبوع المقبل"، بسبب عزمهما إدخال أسماء نسائية. كما بثت التماسيح خبرا مفاده أن" زعماء الأغلبية أجلوا اجتماعا من أجل التداول فيما انتهت إليه المشاورات السياسية لضم حزب التجمع إلى ما تبقى من أغلبية بنكيران دون معرفة سبب التأجيل"!، ثم أوردوا خبرا عن تنصيب الحكومة قبل سفر جلالة الملك إلى مالي، ولم يصح شيء من ذلك. فاللبيب يدرك أن ثمة شيء ما يراد إخفاءه لتفسير تأخر الإعلان عن الحكومة الجديدة. والحقيقة المتوارية هي أن تيار الردة عن الربيع والانقلاب على الديمقراطية ينتظر مصير بشار في المفاوضات الجارية، حيث يشير استمراره إلى تكريس وضع الانقلاب والتنكيل بالديمقراطية، في حين يشير عقابه أو إسقاطه إلى ضرورة احترام الشرعية الديمقراطية. وبدأت تتضح معالم المرحلة القادمة، بخاصة بعد قبول النظام السوري الدموي تسليم سلاحه الكيميائي، فصاحت حناجر تقدمية أن حرام عليكم ذبح الإخوان! فأعلن أحدهم تعاطفا مع الأخوان قائلا"لا لاستئصال الإخوان المسلمين"، وأين اختفى لأسابيع خلت والمذابح الكبرى بلغت أوجها تسارع الزمن لوأد الديمقراطية؟ أولما علم أن الاستئصال مستحيل في ظل صمود أسطوري، ومناخ دولي بات متأهبا لإسقاط بشار ومواصلة الربيع، حن قلبه وصار يذود عن الإخوان؟!؟! ثم بدأ آخر حديثا عن "انتهاكات جسيمة في حق الإخوان"، وعن بلورة تحالف إسلامي علماني ينجي من ويلات الانقلاب على الديمقراطية. فكثر المتعاطفون في ذلك اليوم(12 شتنبر 2013) حتى ظننت أنهم سيجعلون منه يوما عالميا للتعاطف مع الإخوان!!! هذا عن الخصوم، فماذا عن الاصدقاء؟ في هذا الظرف الحرج الدقيق لا يتوقف أصدقاء بنكيران عن الانتقاد والانتفاض معربين تارة عن استيائهم من تدبير التفاوض مع مزوار، وتارة عن المقايسة، وأخرى عن امتعاضهم من تصريحات/ توجيهات عبد الله بها التربوية السياسية، حتى صرخ سليمان العمراني من إذايتهم أن كفوا ألسنتكم رحمكم الله! وإن تعجب فعجب قولهم نحن نسند بها وبنكيران، وإنما ننتقدهما لتقوية موقعهما التفاوضي، وللرفع من رصيدهما الانتخابي، ولتنبيههما إلى خطورة طغيان النشاط الملكي المتسم بتوزيع الغنائم على النشاط الحكومي المرتبط بتنزيل المغارم، مسلسين القياد لإعلام مغرض، و لم يلتفت المنتقد الغِر لحظة أن لا فرق بين الملك وحكومته، فكلاهما يسعى لإرساء السفينة بشاطئ النجاة. فصار عندهم عبد الله باها المؤسس لا يصرح تصريحا إلا ليرضي العفاريت والتماسيح، والحقيقة هي أن التماسيح والعفاريت لا تنشط خدمة للوطن، فهي لا تعرف غير لغة الأنا والمصالح، وإذا رغب عبد الله بها بمَغْربة محطة مؤتمر منظمة التجديد الطلابي، أو تحدث ليعمق ارتباط الشباب بالوطن مغتنما لحظة المؤتمر لبعث رسائل تخدم أجندة الوطن، فمن الحيف وصفه بأنه يرضي العفاريت والتماسيح، ولو كانت طينته كذلك لما حضر أصلا إلى مؤتمر"مشبوه"!، ثم تجد من يزايد قائلا: لم يكن عبد الله يوما حكيما. والله إن شبابا كانت هذه وجهته، لَيُؤسس لطبع نكران الجميل، ولنزعة العقوق، ولعقيدة التشكيك في النيات، إن لم أقل لهواجس الارتياب وتسميم مناخ الثقة. الحكومة الثانية قادمة، والإصلاح بدأ ينزل منجما، وأوراشه الكبرى(المقاصة، القضاء...) تتقدم على الأرض قبيل الإعلان عن حكومة جديدة! فيا أصدقاء ماذا أنتم قائلون؟ ويا خصوما ماذا أنتم فاعلون؟ أناديكم جميعا فهل أنتم منتهون؟!