الكلاب والحمير امتلأ القاموس السياسي المغربي هذه الأيام بمفردات الحيوانات والكائنات الغريبة. وأصبح توزيع الأوصاف سهلا. ويمكن وصف رجل سياسة من الخصوم السياسيين بأنه تمساح أو عفريت. لكن هل يقبل رجال السياسة بأن نصفهم بالكلاب والحمير؟ ماذا سيقع لو قلت لسياسي "أنت حمار"؟ أو قلت له "أسكت يا كلب"؟ لو تجرأت وقلت ذلك لحرك ضدك الدعوى القضائية وطالب بأموال لن تؤديها حتى لو بعت "اللي وراءك واللي قدامك". لكن لماذا يسكتون عن وصفهم بالتماسيح والعفاريت؟ بعض الحيوانات مذكورة في كتاب الله العزيز "والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون" و"كلبهم باسط ذراعيه..."، وغيرها من الآيات التي ذكرت الحيوانات والأنعام وما شابه. فالحمار ليس غبيا كما يعتقد البعض، فهو ذكي في حدود خلقته، ويضبط الطريق بالليل والنهار، كما أنه كائن صبور جدا، يمكن أن تحمل عليه أثقالا ولا يتضايق من ذلك، وهو بخلاف حيوانات أخرى قد تكون فقط عبئا على الإنسان، وكذلك الشأن بالنسبة للكلب فهو حيوان وفي جدا لأصحابه. فكيف بك إذا وجدت سياسيا فاقدا للبوصلة ولا يعرف الطريق، ماذا ستقول له؟ بماذا ستصف رجل سياسة لا يعرف مبتدأ وخبر الديمقراطية والعملية السياسية؟ أليس أغبى من الحمار؟ ولكن إذا وصفته بالحمار فاعلم علم اليقين أنك ستقف أمام هيئة المحكمة. وهناك سياسيون خائنون بمستوى من المستويات. أليس بلا وفاء عكس الكلب. ورغم ذلك لا يمكن أن تصف رجل سياسة بالكلب. ويعتبر الوصف بالحمار والكلب قذفا في حق أي شخص نظرا للحمولة التي تحملها هذه الصفات. وبالتالي هي تعتبر الآن تجريحا في حق الشخص. لكن لماذا هذا السكوت المريب حول أوصاف من قبيل التماسيح والعفاريت. فإذا كان الحمار صبورا والكلب وفيا ويؤديان أدوارا تفيد الإنسان، حملا وحراسة بالليل والنهار، فإن التمساح لا يؤدي أي دور يفيد الإنسان، قد تكون له أدوار في تحقيق التوازن داخل الطبيعة، لكنه كائن مفترس. ويمكنك اليوم أن تنعت أي مواطن بأنه تمساح، ولا يضرك شيء من وراء هذا الوصف، والعهدة على عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة الذي يعود له الفضل في نشر هذه المصطلحات، والعهدة أيضا على مصطفى الرميد، وزير بنكيران في العدل والحريات، الذي لم يحرك الدعوى العمومية ضد الأوصاف التي يوزعها رئيسه في الحزب والحكومة والتي يصف فيها مؤسسات وأشخاصا بالتماسيح. والعفاريت في المخيال الاجتماعي هي كائنات غريبة يمكن أن تصيب الإنسان بالسوء دون أن تكون له إمكانية رؤيتها، بمعنى أن العفريت كائن غدار. ورغم هذه الأوصاف فإن إطلاق اسم العفريت على شخص لن يكون موضوع دعوى قضائية بخلاف الحمار والكلب. وارتقاء بخطابه السياسي بدأ بنكيران في وصف بعض خصومه بالحياحة. وهؤلاء لا دور لهم في لعبة الصيد. فمن هو الصياد ومن هو الطريدة؟ بنكيران فقد بوصلة تدبير الخلاف بينه وبين خصومه، ولا يقبل من رئيس الحكومة يمثل المغاربة أن يكون بمستوى التدني الحاصل اليوم.