لم تتفاجأ الطبقة السياسية للعصيان الذي أعلنه وزير التربية الوطنية محمد الوفا ، ضد الأمين العام لحزب الإستقلال حميد شباط ، ورفضه الإنصياع لقرار الحزب بمغادرة الحكومة من دون جميع الوزراء الإستقلاليين الذين أعلنوا امتثالهم للقرار، بعدما صرح في وقت سابق أن الملك وحده من يستطيع إخراجه من الحكومة . وتعود عداوة شباط بالوفا لعدة تراكمات ، لعل أبرزها محطة المؤتمر16 والمساندة المطلقة لمحمد الوفا لمرشح العائلة الفاسية عبد الواحد الفاسي على حساب حميد شباط الذي كسب رهان سباق الأمانة العامة ، لكن التشنج اشتد بين الرجلين بعدما وصف شباط الوفا "بالقاصر" واعتبر أدائه الحكومي بالضعيف ...وقد تخللت هاته العلاقاة حوادث سير كثيرة تؤكد على استحالة التعايش بين الرجلين ، وعلى سبيل المثال لا الحصر اللهجة التي واجه بها الوفا كريم غلاب بصفته مكلفا بمراقبة أداء الوزراء الإستقلاليين من طرف اللجنة التنفيذية لحزب الإستقلال ، وذلك عندما طالبه بالإلتزام بقرارات الحزب لكن الوفا رد قائلا : " السي كريم ماتعاودش تتصل بي وكول لشباط لاهو راجل يتصل بي " وقطع الخط في وجه كريم غلاب الأمر الذي أوصل الصراع لخط اللارجعة . لكن يبقى السؤال الذي يؤرق الجميع ، ماهي التخريجة الدستورية لبقاء محمد الوفا في الحكومة بعد تشبته بمنصبه ، في حالة خروج حزب الإستقلال بصفة نهائية من الحكومة : باعتبار الدستور ينص على أن الملك هو من يعين الوزراء بإقتراح من رئيس الحكومة ، هل سيتدخل الملك لإعفاء الوفا من منصبه لتجنب النشاز في التشكيلة الحكومية؟ وبناءا على هذا المعطى هل سيقبل بنكيران بوزير وحزبه يتواجد في المعارضة ، مما سيضيع حقيبة وزارية وازنة على الحليف الذي سيعوض حزب الإستقلال في الحكومة ، ويضع بنكيران في وضع أخلاقي حرج ؟؟؟ وبالنظر للتحفظ الكبير الذي أبداه الملك في التعامل مع هذه الأزمة ، والعلاقة الجيدة التي تربط الوفا بحزب العدالة والتنمية ، لم يبقى من مخرج للوزير المراكشي المثير للجدل، إلا تقديم استقالته من حزب الإستقلال على شاكلة أخنوش وزير الفلاحة القيادي في التجمع الوطني للأحرار الذي استقال من حزب الحمامة للإلتحاق بالوزراء الذين لا لون سياسي لهم في الحكومة الحالية " الضريس ادريس الضحاك " وأمام هاته المعطيات الدستورية والسياسية ، علق أحد الظرفاء على حالة الوفا ، بأن هوس الرجل بالإستوزار كان سيجعله يلتحق بحزب العدالة والتنمية لولا قانون منع الترحال السياسي ، الذي فرمل رغبة الكثيرين " في تبدال السوارج " ...