أعربَ البشير بن بركة، نجلُ الزعيم اليسارِي البارز، المهدِي بن بركة، عن أمله في تحريك البحث القضائي في ملف اختفاء والده، عبر الاستماع إلى شهود من المسؤلين المغاربة يتولون مسؤوليات في الدولة منذُ 1965. وزادَ البشير في حوار مع مجلة "ماروك إِيبدُو" إنَّ تقدم الشهود في السن يفرضُ الانبراء على عجل للاستماع إليهم، من أجل طيِّ الملفِّ في إطار الكرامة والحقيقة. بعدَ تنظيمِ لقاءٍ في السادس من أبريل الجارِي بالعاصمة الفرنسيَّة، تحتَ شعار "من أجل الحقيقة والعدالة وضد الإفلات من العقاب والنسيَان، يمكنُ التساؤل عن باعث تكريمِ المهدي وعمر بنجلون في الوقت نفسه؟ سواءٌ تعلق الأمر بالمهدي بنبركة أو عمر بنجلون أو بِكافة الديمقراطيين المضطهدين، أو الذين تمَّ اغتيالهم بسبب أنشطتهم السياسية. يبقَى هناك على الدوام واجب أخلاقِي يحتمُ بعثَ ذاكرتهم التاريخيَّة. والمسألة اعترافٌ في المقام الأول، كما أنها ذات صلة بتعريف الأجيال الجديدة بحقيقة حقبةً يتعينُ القطعُ معهَا، والإشارة إلى ما ضحَّى به شهداءٌ تحمَّلُوا الأهوال والإهانات والقمع في سبيل الذود عن أفكارهم، وفي سبيل الدفاع عن حرياتنَا. إذن فالمسألة عملُ لأجل الذاكرة؟ بالفعل، لأنَّ شعباً بدون ذاكرة شعبٌ بدون مستقبل..عملَ الذاكرة يمكننا من امتلاك نظرة واضحة حول الماضي القريب والمؤلم، حتَّى تستخلصَ منه المفاتيح السياسية، لمعرفة ما ينهضُ عليه حاضِرُنَا اليوم، وكيْ نبنِي على أساس ذلك مستقبلاً واعدا يكون أكثر احتراماً للحقوق الفرديَّة والجماعيَّة، يَضمنُ عدم العودة مرة أخرى إلى الأساليب القمعية والاستبداديَّة. هل من جديد في ، قضية عمرت 47 عاماً حتى اللحظة؟ لا زلَنا نعولُ على الدولتين المغربية والفرنسيَّة لكشفِ كل جوانب الحقيقة، وإلى حد الآن لا يزالُ البحث القضائي في المغرب جامداً، بحيث أنَّ السلطات المغربيَّة لم ترد منذُ سبع سنوات، على اللجنة القضائية للقاضِي راماييل. بالرغم من الاتصالات التِي باشرهَا محامِي العائلة، مورِيس بوتان، مع مسؤولين مغاربَة في وزارة العدل. وذلك قصد الاستماع لأشخاص لهم علاقة بالملف. وعليه فإنَّه لا وجود لأية مبادرة لعرضِ وثائق سريَّة مغربيَّة، كما لم يتمَّ الاستماع حتَّى اليوم إلى أيِّ مسؤول مغربي، بالرغم من أنَّ البعض منهم، يشغلُ مناصب منذُ 1965، ويعرفون الكثير حول الملف. زد على ذلك مسؤولية سياسية للدولة المغربية. لكنَّ الدولة الفرنسيَّة تتحملُ بدورهَا نصيباً من تلكَ المسؤوليَّة. هل يمكنُ أن تخدم حكومة العدالة والتنمية ملف بنبركة أكثر مما خدمه الاتحاديُّون؟ لقد عقدنا آمالاً على حصول انفتاح لدَى الحكومة على الملف، إلَّا أنَّ تصريح الوزير الحالي للعدل، كان صادماً، حين سارَ إلى القول إنَّ قضيةَ المهدِي بن بركة ليست أولويَّة بالنسبة إلى وزارته. الشهود يتقدمونَ في السن، والملف لا يزالُ في طريق مسدود.. لم أستطع يوماً أن أفهم تشبثَ السلطات المغربية بحمايَة أشخاص بإمكانهم تسليط الضوء على الملف. في الوقت الذِي بلغت فيه أعمار أولئك الأشخاص سنوات متقدمة، مع أننا نتمنَّى لهم أعماراً مديدة. إلَّا أنَّه من المستعجل أن يتم الإنصات إليهم، والهدف من ذلك ليسَ هو إيقافهم أو حبسهم، وإنما معرفة شهادتهم فقط. لأنَّ لديهم بشكل أو بآخر معطياتٍ حولَ مصير المهدِي بن بركة. ومعركتنا لأجل الحقيقة والعدالة والذاكرة ستتواصل. ما الذِي يجمدُ الملف في نظركم على المستَوى المغربي؟ هناك إرادة لدى بعض الأوساط لحماية مدبري الجريمة وشركائم. وهنَا أرَى تناقضاً جلياً بين إعراب الملك محمد السادس عن أمله في ظهور الحقيقة وبين إصرار بعض المسؤولين على عرقلة سير المسطرة القضائيَّة. وبإمكانِي أن أؤكدَ لكم أنهُ بفضل دعم المنابر الإعلاميَّة وجمعيات حقوق الإنسان والنقابات والهيئات السياسية، سيكون النجاح حليفاً لنا، وسنجهضُ سعيَ البعضِ إلى طمسِ الملف. هل يعنِي ذلكَ أنَّ هناكَ إرادة ملكيَّة لطَيِّ الملف في أقرب الآجال الممكنة؟ بكل تأكيد، ونحن قلنَا غير ما مرة ونعيدها أنَّ الوقت قد حان لإغلاق الملف. لكن على أنْ يغلقَ في إطار الكرامة والحقيقة. فالشهود يتقدمون في العمر وهناك حاجة إلى الاستماع إليهم بصفة استعجاليَّة، سيمَا أنَّ البعض يخوض لعبة الزمن، حتَّى يقُول بعد وفاة الشهود، إنَّ الوصول إلى الحقيقة قد أضحَى مستحيلاً.