لم يكن من المستغرب أن يحظى فريق برشلونة الإسباني بذلك الاستقبال الحافل بمدينة طنجة المغربية، على إثر حضور الفريق الكتلاني لخوض مباراة ودية ضد فريق الرجاء البيضاوي، لكن الغريب في الأمر أن حفاوة الاستقبال لم تكن من المعجبين المصطفين أمام المطار في انتظار ميسي ورفاقه، لكنها جاءت من بعض الموظفين الذين كانوا يؤدون مهامهم الوطنية المنوطة بهم. ولا يخفا على أحد أن كل موظف يرتدي زيا نظاميا يتوجب عليه لا محال التحلي بالانضباط والالتزام اللازمين، خاصة وأن الفريق الزائر هو فريق عالمي وأعين الإعلام مسلطة على كل كبيرة وصغيرة تحصل قبل وأثناء وبعد المباراة. منذ الدقائق الأولى لظهور صور الفريق الكتلاني وهو يحط الرحال بمطار مدينة طنجة حتى انتشرت صور ميسي وأصدقائه على المواقع الاجتماعية وعلامة الفرحة والاستغراب ظاهرة على وجوهم، ربما لأنهم لم تخيلوا أن الكل مشتاق لرؤيتهم والتقاط صور لهم، نعم الكل، من مصورين صحفيين ورجال الحماية الخاصة وموظفين بالمطار وجمارك وحتى أحد رجال الدرك الذي كان يحاول تصوير ميسي بهاتفه النقال ! هنا كان لزاما أن نستحضر الزيارة الأخيرة لفريق برشلونة لدولة الصين، وذلك الاستقبال الذي حضي به الفريق في المطار، لكن الصورة تختلف عن المغرب حين نشاهد ضباط الأمن الصينيين و أعينهم شاخصة لا يهمهم من الضيف سواء أكان ميسي أو غيره، ولا يهمهم شهرته العالمية بقدر ما يهمهم صورة الصين الشعبية لدى العالم ومسؤولية ذلك الزَّي النظامي الذي يرتديه كل واحد منهم وعليه احترامه، لقد قاوم ضباط الأمن الصينيون حبهم في التقاط صورة تذكارية مع أحد نجوم البارصا في سبيل أن تبقى هيبة الصين في أعين العالم ثابتة. إن ذلك الدركي المغربي الذي كان يلتقط صورا لميسي وهو يمر بجانبه، لن نقول أنه ارتكب خطأ قانونية يستوجب المحاسبة، لكن ما كان على ذلك الدركي أن يعيه في تلك اللحظة أن الفريق الزائر ليس فريقا عاديا، فهو فريق اسباني، وعلاقة المغرب بإسبانيا تشوبها العديد من الأحداث التاريخية، فهي دولة استعمرت المغرب لسنوات، وخرجت جموع المغاربة في مسيرة تاريخية لتخرجها من الصحراء، ولازلت مدينتين مغربيتين تحت وطئتها الاستعمارية، لقد كان على ذلك الدركي أن يعي أنه قبل أشهر فقط منعت وزارة الاتصال المغربية جريدة إلباييس الإسبانية من التوزيع على التراب المغرب بسبب إساءتها لعاهل البلاد، وقبل سنوات أيضا نشب صراع مُفتعل حول جزيرة ليلى. إن المسألة أكثر من لقطة عابرة قد لا يلاحظها الكثيرون، لكن دلالتها في نفس المشاهد الغربي عامة والإسباني خاصة ذو وقع خاص، فأداء المهام النظامية الوطنية تستوجب التجرد من كل رغبة أو شهوة، وأن نحترم هيبة الدولة حتى مع ميسي ! وطبعا لا يجب أن ننسى الأهداف الثمانية التي تلقاها فريق الرجاء البيضاوي، واللقطة المعبرة التي وجهها اللاعب داني ألفيس للجمهور المغربي بعد تسجيله الهدف السادس، حيث شار بيده إلى أن الصغير يبقى صغيرا.. شكرا على الدرس يا برشلونة !