يوم أسود عاشته الطريق المغربية أول أمس الإثنين وخلف ما لا يقل عن 27 قتيلا دفعة واحدة، بعدما خلفت حادثتي سير متفرقتين مقتل هذا العدد الهائل من المواطنين الذين كانوا يرغبون في قضاء عطلة الصيف رفقة عائلاتهم، فتحولت حياتهم إلى جحيم، لأنه بين الناجين هناك كثير من المعطوبين يمكن أن يصبحوا في وضعية إعاقة، ومهما كانت المبررات التي تم تقديمها عما حصل، فإن المسؤولية تبقى ثابتة على الحكومة بل وتفرض على الوزير الرباح أن يقدم لنا ما يكفي من التوضيحات ما دام الأمر يتعلق بأرواح بشرية ذهبت ضحية حرب الطرقات هو المشرف الأول عليها وهو المؤتمن على صيانتها وتنظيم سلوكيات السير عبر الطرق. ما حصل يوم الإثنين يدعونا جميعا إلى التأمل في وضعية الطرق المغربية التي يصر الوزير الرباح على القول في كل مرة إنها جيدة وتبعث على الارتياح، مع أننا متأكدون أنه لم يزر قط هذه الطرق ولا يعرف عنها شيئا اللهم تلك التقارير التي يتوصل بها من المصالح الخارجية للوزارة والتي مازالت تعتمد مبدأ "قولوا العام زين"، بل إن الوزير الرباح الذي قال قبيل تنصيب حكومة بنكيران إنه يفضل التنقل في سيارة الكونغو، لا يعرف حتى الوضعية التي توجد عليها الطريق الرابطة بين القنيطرةوالرباط والتي تزدحم في أوقات الدورة ويضطر المواطنون إلى انتظار الساعات الطوال، وحين يتم فتح الطريق تصبح فضاء للتسابق بين السائقين، وهنا نود أن نحيل الوزير على مقطع طرقي يربط بين الرباط وسلا عبر وادي عكراش وهي الطريق نفسها التي تستعملها الحافلات والشاحنات، وتخلف يوميا عشرات الحوادث. إن تزامن هذه الحوادث المميتة مع عودة المهاجرين المغاربة، ومع عطلة الصيف التي تعرف ضغطا في الطرقات، يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا، لأننا نعرف أن ما حصل أول أمس الإثنين لن يكون نهاية الأحزان، بل هو بداية لحوادث مميتة أخرى ستعرفها الطرق المغربية ما لم تبادر الوزارة المعنية إلى وضع استراتيجية حقيقية لإنقاذ الوضع، خصوصا أن الوزير الرباح تأخر كثيرا في الوقوف على خطورة الطريق، وهو الذي أمضى وقتا طويلا في مناقشة تداعيات الكشف عن "ڭريمات" حافلات النقل الطرقي ونسي أن هناك أرواحا كثيرة تزهق يوميا في هذه الطرقات في غياب آليات المراقبة والضبط. هل كان علينا انتظار وقوع الفواجع لنتحرك؟ وهل كان علينا أن نعاين صور الأشلاء التي تنقلها سيارات الإسعاف على قلتها؟ أجل كان علينا أن ننتظر وقوع كل هذه المآسي، مادام أن القائمين على سلامة وأمن المسافرين لا يهتمون كثيرا بما يقع في تلك الطرق التي تفتقد للحد الأدنى من السلامة، وتتحول إلى مقبرة حقيقية تدفن فيها الأشلاء المتناثرة، لأن الوزير لا يهتم سوى بعدد الكيلومترات التي تم بناؤها على مستوى الطرق السيارة، والتي لا علاقة لها بتلك المنعرجات التي تقتل يوميا عشرات الضحايا. كنا نتمنى لو أن الوزير خرج أول أمس الإثنين ليعتذر على الأقل للمغاربة، ويعزي في وفاة كل ذلك العدد، وهو الذي يصر على أن ترافقه الكاميرا كلما تحرك بصدد تدشين إحدى المدارات الطرقية، كنا ننتظر أن يعبر ولو على حزنه وذلك أضعف الإيمان، لكنه لم يفعل ذلك، وأصر على أن يقول لنا في البرلمان أن كيلومترا واحدا من الطريق يكلف 500 مليون سنتيم، لكن لم يقل لنا ولو على سبيل الاستئناس كم يكلف إزهاق روح واحدة في طريق مازالت تفتقر إلى أبسط شروط السلامة والأمن.