محمد مشهوري بمنطقه البسيط البعيد عن التعقيدات اللغوية والتحاليل نخبوية كانت أم شعبوية، قال لي جليسي المتقاعد، الذي أصادفه كل صباح في مقهى الحي:" ياك الدستور صوتنا عليها كاملين، خاصنا ننزلوه كاملين". وجدت في كلام هذا المواطن عين الحكمة التي أرى أنه يجب على عدد من الساسة الاغتراف من معينها، حتى لا يضيع المغرب أزمانا أخرى في متاهة "الاجتهادات الفردية" التي ينطبق عليه القول" كل يغني لليلاه". للأسف الشديد، وحتى إشعار آخر، يبدو أن كون الدستور هو بمثابة تعاقد جماعي يعني كل مغربي ومغربية، حقيقة ظلت إلى حد الساعة غائبة أو مغيبة، وهو ما يتطلب من جميع المتدخلين التعامل مع تنزيل مقتضيات الدستور على أرض الواقع، من منطلق وروح فاتح يوليوز 2011 وليس بالاعتماد فقط على اقتراع 25 نونبر من السنة نفسها. يجب التفريق بين البرامج المرتبطة بالوعود التي ينتظرها تنفيذها الناخبون وبين تفعيل دستور لا يخضع لمنطق الانتخابات والتداول على السلطة، لأن هنالك تباين في الأرقام والميولات بين الاستفتاء والانتخاب. تنزيل الدستور ليست مسؤولية فرد بعينه، مهما كانت مكانته ومنصبه، ولكنها مهمة مجتمعية تستلزم مقاربة تشاورية أوسع مع مختلف مكونات المجتمع، حتى نتفادى يوما، في ظل التداول، العودة إلى نقطة الصفر بدعوى اختبار تنزيل آخر. وصدق من قال: يد الله مع الجماعة و"اللي كيحسب بوحدو كيشيط ليه" !