لا أحد يمكنه أن يكون ضد الاحتراف الذي سنته جامعة كرة القدم، وإلا اتهم بأنه يسير ضد منطق العصر. إلا أن «الاستفراد» بالقرار في هذا الشأن من قبل «أعضاء» بعينهم في الجامعة يمكن، بل ينبغي، للمرء أن يكون ضده، وأن ينبه إلى أنه في حال استمراره سيسيء إلى هذا «المشروع» عاجلا وآجلا أيضا. صحيح أن الاحتراف فرضه الاتحاد الدولي (فيفا) الذي لم يعد يقبل بوجود بطولات لا هي بالهاوية ولا هي بالمحترفة، إلا أنه ترك للقائمين على «تنزيل» المشروع هامشا ليتحركوا فيه بحرية، بحيث لم يمنعهم من التداول في الأمر، وملاءمته مع الأوضاع القائمة، وحتى تبيئته ليتناسب مع المناخ العام للبلد المعني. المشكلة بالنسبة إلينا أن هناك من اعتبر «مشروع الاحتراف»، الذي نحن معه على كل حال، شيء خاص جدا؛ بل شخصي، حتى إن بعضهم راح يستعمل مصطلحات، وهو يتحدث بهذا الشأن، توحي بأن من انتقد أو تجرأ وعارض، سيكون مصيره «سيئا»، بدعوى أنه لا يحق له أن ينتقد أو يعارض ما «ليس من شأنه». هنا لب المشكلة. كيف؟ المفروض في المشاريع الناجحة أنها تؤسس على التشاركية، فتنطلق من بدايتها، بل قبل بدايتها، مبنية على النقاش المستفيض والموسع، مستهدفة كل المناحي التي تهم المشروع، ومن قبل كل الجهات التي يعنيها هذا المشروع، ليسهم الجميع، كل من ناحيته، وحسب طاقته، وحسب ما كلف به، في إنجاح المساعي، والسير بالرهان إلى مداه الأخير. ما وقع ل»مشروع الاحتراف المغربي» أنه «أنزل» من فوق، فلا نقاش موسع ولا هم يحزنون، وأحيط بالكتمان، كما لو أنه قضية شخصية، فكانت النتيجة أن المعنيين به، وهم اللاعبون، والمدربون، والأطر الإدارية في الفرق، والمكاتب المسيرة، وبطبيعة الحال الجمهور، دخلوا «حمامه» وهم يجهلون ميزاته، وراحوا يكتشفونه كما لو أن الأمر لا يعنيهم. ولأن الأمر كان كذلك، فقد كان طبيعيا أن تأتي الانتقادات تترى، وأن تستتبعها ردود من هذا الطرف أو ذاك من جامعة علي الفاسي الفهري. في مسلسل «عبثي» كان ممكنا تفاديه لو أن من اعتبروا أنهم «مالين المشروع» احترموا القواعد ومنطق الأشياء، وناقشوا الأمر كله مع المعنيين، ليحصلوا على «حصانة» تفيدهم في «التنزيل» على أرض الواقع. ولم تكن الانتقادات العلنية الأكثر «قساوة»، بل تلك التي ظلت تتداول في الكواليس، وأهل كرة القدم يعرفون جيدا إلى أي حد هو «صعيب» ذلك النوع من الانتقادات، وإلى أي حد يمكنه، مع مرور الوقت، وتشعب الأشياء، أن يتحول إلى «رأي عام»، فيتململ، ويكبر، ويعرقل «المشروع» الذي حلم به المغاربة عقودا طويلة. هل فات الأوان لتدارك الموقف؟ كلا، فما زالت هناك فرصة للاستدراك، شريطة أن يقتنع من يقومون «هنا والآن» على «مشروع الاحتراف» بأن الأمر ليس قضية شخصية، بل هو قضية عامة، وأن «اللي كيحسب بوحدو ديما كيشيط ليه». مع تمنياتنا بالتوفيق طبعا.