لا حاجة لنا بان نُعَرف من جديد الدور المتميز الذي أصبحت تؤديه الصحافة الالكترونية، إسوة بربيبتها الصحافة الورقية، نظرا للتطور الهائل الحاصل في توسيع مجال الاتصال الالكتروني، ونظرا لانخراط عدد لا بأس به من المبحرين في شبكة النت بحثا عن اكتشاف ماهو جديد وجميل وغريب في هذا العالم الغامض. لكن يبقي من حقنا أن نتساءل نحن كذلك عن مستقبل هذه الصحافة، وهل بمقدورها أن تصمد أو أن تؤدي دورها في خضم هذا الكم الهائل من المواقع والمنابر الالكترونية المنتشرة في كل ركن من هذا العالم الافتراضي . من حقنا أن نتساءل كمدونين، اقتحمنا هذا العالم من أجل أن نحقق فيه ما لم نستطع أن نحققه على أرض الواقع، في غياب التسهيلات اللازمة، وأمام العراقيل التي تفرضها بعض الصحف الورقية الحزبية أو الصحف العائلية على كل قلم مغمور أراد خوض تجربة الكتابة على صفحاتها. فمعظم الصحف الالكترونية المغربية اليوم أصبحت لا تعتمد في نشر موادها على الإبداع الفكري، والرؤية الواقعية للأقلام الحرة، وعلى التدقيق اللغوي، والمسؤولية الأخلاقية ، بل أصبح هدفها هو ملأ صفحاتها بكل ما تتوصل به من مقالات ورسائل ومواضيع السب والقذف والكذب ، كما أنها فتحت صفحاتها لتصفية الحسابات بين الصحافيين وبين كل من يخالفهم الرأي الآخر، بل الأنكى من ذلك أنها سمحت للزوار المعلقين بمساحة واسعة من الحرية في التعاليق المخلة للحياء والمسيئة لكل ما هو جميل ومقدس دون مسؤولية ، كما أنها اعتمدت في نشر مواضيعها على أسلوب النسخ واللصق، من تعب وجهود الآخرين، والمقتبسة في الغالب من صفحات الصحف والمجلات الورقية، من أخبار وتعاليق ورسوم ومقالات من أجل سد الفراغ أولا، و من أجل إثارة انتباه بعض الزوار الذين يساهمون بدورهم في تزكية ذلك البهتان بتعاليق مسيئة لا يحاسبهم عليها أحد، بل وتجد طريقها السهل إلى النشر. وهنا أعتقد أن الشهرة والأضواء عن طريق المغامرة واللامسؤلية لا تحتاج إلى المرور عبر هذه المسالك الصعبة التي تؤدي في الأخير إلى الفشل ثم إلى الابتعاد الكلي عن ممارسة العمل الصحفي الالكتروني والتنكر له. و نحن هنا في صحيفة محمدية بريس لابد أن نشير إلى أننا جميعا شركاء في الفعل الالكتروني سواء كنا منبرا او أقلاما نكتب، أو زوارا نستطلع، أو معلقين تستهوينا الردود، غايتنا أن نجد فضاء مغربيا أو عربيا رحبا يفسح لنا المجال الهادئ لنطلع على إبداعات زملائنا، وأن نقرأ أحاسيسهم، ونسمع همسات أقلامهم، وان نستفيد من زياراتنا اليومية لمدوناتهم ومواقعهم. أما أن تتحول صفحات الجرائد الالكترونية إلي مساحات للصراعات الشخصية ،والنزاعات العرقية والقبائلية والمذهبية فهذا ما لا نقبله ولا نريد الاستمرار في طريقة، لأنه يسيء لنا ولثقافتنا ولوطننا، فنحن لسنا وحدنا من يقلب صفحات الانترنيت، فهناك شباب عربي مثقف وواع ، يقرأ ما نكتبه بصمت، ويستنتج من كتاباتنا من نحن ؟ و ما هي درجة ثقافتنا ومستوي وعينا ؟، وهل نحن جديرين باستعمال الحاسوب والإبحار في عالم الانترنيت ؟. لذلك نتمنى من مسؤولي جميع الصحف الالكترونية المعنية بالموضوع أن تضع حدا لمثل هذه الممارسات التي تسيء لنا كمواطنين أولا، وكمدونين ثانيا ، وكمتصفحين مهتمين ثالثا، وأن يمتنعوا عن نشر مواضيع الإساءة للآخرين، كيفما كانت درجة مواطنة هؤلاء الآخرين، وأن يمتنعوا عن نشر بعض التعاليق التي تتجاوز حدود الآداب العامة والأخلاق المغربية، كما يمارسون ذلك مع بعض المواضيع التي لا توافق أذواق وميولات وأمزجة بل وأجندة هيئة تحريرها