فيلم ثالث للمخرج المبدع فوزي بنسعيدي اكتشفه المغاربة في مهرجان مراكش الدولي ليلة اختاروه السبت المقبل لاختتام هذه الدورة. بنسعيدي وفي لاسلوبه السينمائي الخاص به، منذ اللقطة الاولى يكشف عن هذا الاسلوب، مشهد صديقين متكئين على الحائط والكاميرا ثابتة يحيط بهم، مشهد شبيه بفيلمه القصير الجميل "حيط". هندسة الفضاء ومعها الشخصيات كانت في البداية، باسترسال يكشف عن شخصياته الثلاث علال الذي يغادر السجن ومالك الذي يقيم في بيت بالسطح رفقة عمه الذي تزوج طمعا في امه، ثم سفيان ابن الخيرية الذي يتابع دراسته. مدينة تطوان بشساعتها غير الحميمية بل السوداوية كانت فضاء مثاليا لهذه الشخصيات فضاء مثاليا لتحرك كاميراه. مشاهده تتجنب اللقطات المكبرة لا تريد للجمهور ان يقترب، فوزي بنسعيدي ياخذ مسافة لنقل سوداوية مدينة وسوداوية شخصياتها. الفيلم ادخل المشاهد بعد اكثر من نصف ساعة في نوع من الملل، سرعان ما خرج منه بعد ذلك، كما انه سيكون أقوى واكثر متعة لو قلصت بعض مشاهده ولأصبحت مدته ساعة واربعين دقيقة لا يقدم هذا المخرج، كما في فيلمه الف شهر" حلولا بل يعرض تيه شخصيات في مجتمع متقلب تائه، كل الشخصيات قلقة، الشخصيات التي قدمها جميعها عاجزة عن الخروج من دائرة التيه والشك والريبة، فالشخصيات الثلاث الرئيسية جربت السرقة والدين والعمل وفشلت في تحقيق ذاتها وستستمر في تجاربها الكاشفة عن قلقها الوجودي الى اخر مشهد في الفيلم. الضابط الذي اداه فوزي بنسعيدي بحرفية كبيرة قل نظيرها في تاريخ السينما المغربية تائه مدمن له قانونه الخاص شخصية شاهدنا مثيلا لها في الأفلام الآسيوية خاصة اليابانية، فيما زوج ام مالك فاشل تائه لم يستطع حتى النجاح في صناعة "كرواصة" زوينة. لا احد في فيلم فوزي بنسعيدي موت للبيع نجح في تحقيق شيء، يبدو تأثير مدارس سينمائية مختلفة شخصيات قلقة كشخصيات المخرج المكسيكي انراطو غونزاليس مخرج "بابل" وبصمة لسينما الاخوين كوهين المخرجين الأمريكيين الشهيرين وعوالم قلقة في فضاءات موحشة شبيهة لأفلام يابانية. فوزي يكشف عن عشقه لسينما لعبت دورا في تكوينه، لكنه نجح من خلال تلك التأثيرات ان يخلق له اسلوبه الخاص به اسلوب يجعل منه المخرج الاكثر فنية حاليا في المغرب