عَبَرت الديمقراطية مسالكَ التاريخ إلى هذا الزمن المعاصر، منتصرةً على نفسها وعلى خصومها، متجاوزةً ضعفها، مطورةً نفسها، لتفرض ذاتها نمطاً مفضلاً لكل نظام سياسي يصبو إلى شق طريقه إلى التقدم والتنمية في تَوَاز مع الحرية. وعَبْرَ مسارها ذاك، رسمت الديمقراطية سماتها وملامحها الأصيلة، هي أبجدياتها التي لا يمكن لأي مجتمع كتابة الديمقراطية وقراءتها إلا بإتقانها، حتى يَتَسنَّى له تأليف قصته الخاصة ليحكي بنبرة صوته الموسومة بمميزاته وخصوصياته، لكن بلغة منفتحة على كل العالم. وكان مما تعَلَّمْنَاه، وما يجب أن نتعلمه باستمرار من أبجديات الديمقراطية أن: الديمقراطية حكم الشعب بشكل مباشر أو بالتفويض. الديمقراطية حُكْمٌ في إطار توازن للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. في الديمقراطية أغلبية تحكم وتُسير... وأقلية معارضة مكفولة الحقوق في إطار النظام العام. الديمقراطية ليست وصفات جاهزة وثابتة، إنها أفكار ورؤى ومؤسسات في حوار تفاعلي دائم. الديمقراطية مسار تهدده الديماغوجية والبلوتوقراطية (حكم أصحاب المال) ويحصنه الوعي السياسي واليقظة الفكرية. يُعَدُّ الصراع عنصرا أساسا في مجال العمل السياسي، الديمقراطية تضمن أن يبقى في إطار قواعد اللعبة. لا تتأصل الديمقراطية بسحر ساحر، بين عشية وضحاها. ديمقراطية قوية ومستقرة تبنى بالتربية، ووعي المجتمع بمزاياها وإيمانه بها ومشاركته في معاركها ودفاعه عنها. الديمقراطية في حاجة مستمرة إلى الحماس المتوقد والالتزام الدائم، لأنهما مصدرُ تغذية لاستمراريتها. الفكر الحر نصير الديمقراطية. الشعب الذي يصبو إلى العيش في مجتمع حر ملزم بتوطين الديمقراطية في سلوكه ومبادئه وموقفه ومؤسساته. الديمقراطية أسلوب حياة وعمل. الديمقراطية عقْدٌ مربوطٌ على شرط: وجود ديمقراطيين. ميزة الديمقراطية أنها تعترف بأخطائها وتتجاوزها، وتنتقد ذاتها باستمرار بهد التقدم الدائم. الديمقراطية لا تنام بعد الانتخابات ولا يجب أن تصحو فقط حينها. الديمقراطية علاج بالممارسة. يناء مؤسسات ديمقراطية وسيلة مثلى لبناء قوة الدولة وضمان استمرارها.