بعد أيام قليلة من إعلان مركز السينما المغربي عن ترشيح فيلم “عمر قتلني” للمخرج رشدي زم ليمثّل السينما المغربية في مسابقة أوسكار أفضل فيلم أجنبي، أعلن عن ترشيح الفيلم اللبناني “هلأ لوين؟” للمخرجة نادين لبكي للمسابقة نفسها . وهما ليسا أوّل من رشح من أفلام أجنبية في مسابقة هي دائماً محط اهتمام الأوساط المختلفة، بل كانت النمسا وفنلندا وروسيا والمجر وإيران والنرويج وكوريا الجنوبية وتايوان أعلنت أيضاً عن الأفلام التي ترشّحها لهذه المسابقة . وخلال الأيام الثلاثة الأولى من الأسبوع الماضي، انضمت ألمانيا واليونان وبلجيكا وفرنسا وليتوانيا وهولندا والنرويج والفلبين وبولندا والبرتغال وصربيا والسويد وفنزويللا إلى القائمة التي ستستقبل المزيد من الترشيحات في هذا القسم حتى الأول من الشهر المقبل .
الفيلم اللبناني هو ثاني أعمال المخرجة نادين لبكي السينمائية التي كانت حققت قبل أربع سنوات “سكر بنات” كأول عمل روائي لها . لكن في حين دار “سكر بنات” أو “كاراميل” كما درج اسمه أيضاً، حول حياة وهموم أربع نساء يتشاركن العمل في صالون نسائي، لجانب شخصيات مساندة أخرى، عمد “هلأ لوين؟” إلى حكاية تقع في رحى حرب أهلية حيث تحاول نساء تجنيب القرية التي يعشن فيها نيران تلك الحرب عن طريق خطة إنقاذ تتداخل فيها عوامل كوميدية وعاطفية .
الفيلم المغربي هو “عمر قتلني” وهو فرنسي الإنتاج وأخرجه الممثل المغربي رشدي زم حول البستاني المغربي الذي سيق في أحد الأيام الى السجن ليقضي عقوبة مدّتها عشر سنوات بتهمة قتل سيّدة فرنسية علماً أنه بريء من التهمة المنسوبة إليه . دراما حول العنصرية التي تتقدّم على الدفاع والبراهين وما تقود إليه من سوء العدالة . كون الفيلم فرنسياً يجعل الترشيح المغربي له مجال تساؤل مهماً، فهل لم تنجز السينما المغربية ذاتها ما يدعو إلى تقديمه لمسابقة دولية كهذه؟
المتابعون يدركون أن هناك نهضة جيّدة في السينما المغربية كميّة أوّلاً، ونوعية ثانياً . وما استقبال مهرجان أبو ظبي السينمائي قريباً لثلاثة أفلام مغربية، هي “موت للبيع” لفوزي بن سعيدي و”رجال أحرار” لاسماعيل فروخي و”أيدي خشنة” لمحمد عسلي، الا تأكيداً على أن هناك أفلاماً مغربية تستحق (أو يستحق أحدها على الأقل) اختياره لأجل مسابقة الأوسكار . لكن ما يبدو أنه رجّح تبني المغرب للفيلم الفرنسي هو عاملان: الموضوع يتعلّق بشخصية مغربية، وهذا ليس تبريراً على الإطلاق، وحقيقة أن الفيلم نال إقبالاً كبيراً في الأسواق الفرنسية حين هبطت العروض قبل شهرين .
هذا العامل الثاني، وهو أيضاً ليس مبرراً عملياً، هو ما دفع السينما الفرنسية ذاتها إلى انتخاب فيلم جماهيري آخر لترشيحه لمسابقة الأوسكار المقبلة هو “إعلان حرب” للمخرجة فاليري دونزيللي التي تختار معالجة عاطفية- استعراضية ذات حس تراجيدي حول زوجين شابّين يفاجآن بأن طفلهما مصاب بورم خبيث في المخ .
إنها طلقة خاسرة، في الغالب، للسينما الفرنسية كون الأفلام القادمة من بلدان أخرى حتى الآن، أقوى موضوعاً ومعالجة . مشاهدة فيلم “بينا” الألماني لفيم فندرز في الدورة الأخيرة من مهرجان برلين جعلتنا ندرك أن الأبعاد الثلاثة تستطيع أن تلعب دوراً فنياً أيضاً وليس تقنياً بغاية جذب الجمهور .
وفي مهرجان برلين أيضاً تم عرض الفيلم المجري “حصان تورينو” لبيلا تار ويقدم سينما بسيطة التأليف مبهرة الوقع من مخرج حريص على أسلوبه المنفرد .
هذان الفيلمان مرشّحان أيضاً جنباً لجنب مع أعمال أخرى ذات أهمية من بينها “في العتمة” للمخرجة البولندية المخضرمة أنجييسكا هولاند البالغة من العمر 62 سنة . و”حرقته الشمس- 2” للروسي نيكيتا ميخالكوف (أقدم هذه الأفلام عمراً إذ عرضه “كان” في العام الأسبق) و”سعيدة، سعيدة” للمخرجة النرويجية آن سيوتسكي السعيدة بجولات فيلمها في العديد من المهرجانات حالياً (يعرض في “زيورخ” ومنه إلى “أبوظبي” بعد أن عرض في “تورنتو” .