قال كاميل الساري، المدرس في جامعة السوربون الفرنسية، والخبير في الشؤون المالية في حوار مع موقع فرانس24، إن دول مجلس التعاون الخليجي هي التي طلبت من المغرب الانضمام إلى صفوفه، رغبة منها في منعه من التحول إلى ملكية دستورية وإلى نظام ديمقراطي قد يكون قدوة لمواطني الممالك الخليجية". فرانس24: لماذا قرر المغرب الانضمام إلى مجلس التعاون لدول الخليج؟ ليس المغرب هو الذي طلب الانضمام إلى هذا التكتل الاقتصادي والسياسي، بل المجلس هو الذي دعا بصورة عفوية الرباط إلى الانضمام إليه كون المغرب مملكة تشبه ممالك الخليج. في الحقيقة، دول الخليج تريد استباق الأحداث في المغرب وتسعى، بكل الوسائل، إلى منع هذا البلد من أن يتحول من ملكية مطلقة إلى ملكية دستورية وإلى نظام ديمقراطي على غرار الممالك الدستورية الأوروبية، لأن ملوك وزعماء هذه الدول يخشون من تطلعات شعوبهم السياسية ومن أن تطالب بنفس التغييرات. في المقابل، تعهدت هذه الدول بمواصلة الاستثمارات في البلاد وتكثيفها، إضافة إلى فتح الأبواب للعمالة المغربية. لكن ينبغي القول أن هذه الفكرة لا تنال رضا كل الشعب، فهناك من يعارضها خوفا من بقاء المغرب ملكية مطلقة غير قابلة للتغيير.
فرانس 24: ما هي المكاسب –السياسية و الاقتصادية- التي يمكن أن يجنيها المغرب من مثل هذه المبادرة؟ في الحقيقة، يمكن للنظام المغربي أن يجني أرباحا كثيرة وفي شتى المجالات. فهو يريد من جهة تكثيف الاستثمارات الخليجية المتواجدة في البلاد والتي بلغت حوالي 3 مليارات دولار وأن تستمر دول الخليج في تسديد صفقات شراء الأسلحة التي أبرمها مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة بهدف الحفاظ على التوازن العسكري مع جاره الجزائر. لكن في رأيي الخاص، المسلك الصحيح هو أن تحد الجزائر والمغرب من هذه النفقات العسكرية وتعمل سويا على تشجيع الاستثمارات في كلا البلدين بحكم العلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط الشعبيين والبلدين.
فرانس 24: هل انضمام المغرب يعني التوقيع على شهادة وفاة "اتحاد المغرب العربي الكبير" ويسبب عزلة للجزائر على المستوى الإقليمي والعربي؟ لا، المغرب اختار رسميا ودستوريا انضمامه إلى فضاء المغرب الكبير. وهو فضاؤه الطبيعي وخياره الإستراتيجي. الجزائر دولة كبيرة وجارة وكل تصريحات الملك تؤكد على ضرورة تكثيف التعاون الاقتصادي بين البلدين وخلق نوع من التكامل الاقتصادي بينهما. المغرب لن يتراجع عن خياره الإستراتيجي وعن فضائه الطبيعي والدليل أن هناك اتفاقيات كثيرة أبرمت خلال الأشهر الماضية بين الجزائروالرباط، سواء كان في مجال الغاز أو الزراعة. والرئيس بوتفليقة شخصيا أكد في خطاباته مرارا أن قضية الصحراء الغربية هي مشكلة بين المغرب والأمم المتحدة. من جهته، يرى المغرب الأشياء بشكل موضوعي فهو يريد الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي للاستفادة منه اقتصاديا وماليا، لكن دون أن يترك جانبا علاقته مع الجزائر ومع دول المغرب الأخرى، مثل تونس وليبيا لأنه يعتبر منطقة المغرب أهم من منطقة الخليج.