كشفت وثائق موقع "ويكيليكس" عن وجود تعاون وثيق بين المدير العام لقناة "الجزيرة" وضاح خنفر ووكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية DIA، حيث تبين ان الإعلامي الفلسطيني يتلقى تقارير شهرية من الوكالة عن أداء "الجزيرة" في تغطية الأحداث المرتبطة بأميركا ومصالحها. وفي وقت لطالما أكد فيه خنفر أن سياسة الشبكة التحريرية لقنوات "الجزيرة" لا تخضع أبداً لأي ضغوط، جاءت فيه تلك البرقية التي تحمل الرقم 05DOHA1765 ويعود تاريخها إلى 20 من شهر تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2005 لتكشف عن أن مسؤولة الشؤون العامة في وزارة الدفاع الأميركية التقت يوم التاسع عشر من شهر تشرين الثاني/ أكتوبر عام 2005 بوضاح خنفر لمناقشة أحدث تقارير وكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية بشأن قناة الجزيرة، والمحتوى المزعج الذي ينشره موقع الجزيرة نت. حينها، أشار خنفر إلى أنه يقوم في غضون ذلك بإعداد ردّ مكتوب على النقاط التي وردت في هذا التقرير الخاص بأشهر تموز/ يوليو وآب/ أغسطس وأيلول/ سبتمبر، والذي ينبغي أن يكون جاهزاً خلال الأسبوع التالي آنذاك. وقال خنفر إن أحدث الموضوعات التي نُشِرت على الموقع وأثارت استياء الحكومة الأميركية قد تم التخفيف من حدّتها، وإنه سيزيلها من على الموقع خلال اليومين أو الأيام الثلاثة التالية. ومنحته المسؤولة الأميركية نسخة من قصاصات وكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية غير السرّية لأشهر تموز/ يوليو وآب/ أغسطس وأيلول/ سبتمبر. ورد في تلك البرقية أيضاً أن خنفر استقبل أخيراً نسخًا من مقتطفات خاصة بشهري تموز/ يوليو وآب/ أغسطس عبر وزارة الخارجية، وأنه كان يعدّ رداً مكتوباً عليها. وأكد أنه سيدرج النقاط الخاصة بشهر أيلول/ سبتمبر في التقرير، وسيمرره إلى المسؤولة الأميركية خلال الأسبوع التالي. وطلب منها خنفر كذلك ترتيب الطريقة التي يستقبل من خلالها تلك التقارير، حيث أشار إلى أنه وجد أحدها على آلة الفاكس. وبينما أكدت المسؤولة الأميركية أنه رغم حدوث انخفاض في التغطية السلبية بشكل عام منذ شباط/ فبراير، إلا أن شهر أيلول/ سبتمبر أظهر تزايداً مقلقاً في تلك النوعية من البرامج على مدار الشهر السابق. ولخّصت المسؤولة أحدث تقرير للحكومة الأميركية عن "الجزيرة"، بتأكيدها أن المشكلات لا تزال موجودة من خلال اعتماد المحطة على مصدرين في ما يتعلق بتغطية الأحداث في العراق، جنباً إلى جنب مع مشاكل "تحديد المصادر واستخدام اللغة التحريضية والفشل في إحداث حالة من التوازن مع وجهات النظر المتطرفة، واستخدام الأشرطة المسجلة للإرهابيين". كما جاء في البرقية المرسلة من السفارة الأميركية في الدوحة أن خنفر تحدث في اللقاء عينه عن ملاحظته بخصوص تقرير تغطية الجزيرة لشهري تموز/ يوليو وآب/ أغسطس، حيث قال إن لديه ملاحظات عدة. فقد اعترض على المستوى الدلالي على استخدام على كلمة "اتفاق"، كما تم استخدامها في تقرير شهر آب/ أغسطس في الصفحة الأولى، تحت عنوان "العنف في العراق"، حيث وردت جملة تقول "انتهاكاً لاتفاق المحطة قبل أشهر عدة مع المسؤولين الأميركيين... ". حيث أشار خنفر إلى أن هذا الاتفاق لم يكن مكتوباً، بل كان شفهياً. وأضاف "كمؤسة اخبارية، لا يمكننا التوقيع على اتفاقات من هذا النوع، وأن نصيغها هنا بهذا الشكل هو مبعث قلق لنا". وتابع خنفر – وفقاً للبرقية – بقوله إن النقاط التي وردت في التقارير يمكن أن تصنف في ثلاث فئات: حيث أوضح أن بعضها عبارة عن أخطاء بسيطة يمكنهم تقبلها ومعالجتها. وفي الفئة الثانية، قال خنفر إن هناك نقاطاً مأخوذة من خارج السياق، كما اتضح في تقرير الحكومة الأميركية. برر خنفر ذلك بقوله إنه في الوقت الذي تُبثّ فيه الجزيرة على مدار 24 ساعة في اليوم وسبعة أيام في الأسبوع، لن يكون من الممكن دائماً توفير التوازن اللازم في اللحظة نفسها. وأشار كذلك إلى أن التقرير فشل في تحديد الأوقات التي كان يحدث فيها توازن خلال الساعة الاخبارية التالية، على سبيل المثال، أو في وقت لاحق من اليوم نفسه. وبالنسبة إلى الفئة الثالثة، أوضح خنفر أن هناك نقاطاً يبدو أنه من الصعب حلها مثل استخدام الأشرطة الخاصة بالإرهابيين. ضمن السياق البرقية ورد أيضاً أن خنفر تحدث عن التقارير بشكل عام، وقال إنها تفتقر التوازن، لتركيزها فحسب على الجوانب السلبية. وأضاف: إن "تقرير كهذا يجب أن يبرز على كلا الجانبين. فهو لم يتطرق إلى المساحة التي أتحناها للمتحدثين العسكريين الأميركيين خلال الفترة الماضية.. وأمر كهذا لم يتم الإشارة إليه في التقرير". ثم أبرزت البرقية الدبلوماسية انتقال حديث المسؤولة الأميركية مع خنفر من المحطة التلفزيونية إلى الموقع الإلكتروني الخاص بها على شبكة الإنترنت، وأخبرته بثمة موضوع تم نشره قبل أن تجتمع إليه بأسبوع تحت عنوان "تغطية خاصة"، وكان يحتوي على شهادة حية من تلعفر. ونشر الموقع مع الموضوع صورة لأوراق ملطخة بالدماء ومثقوبة بالرصاص. وهي الأوراق التي تضمنت شهادات لعشرة من شهود العيان يصفون ما قالوا إنها عمليات عسكرية تم تنفيذها أخيراً في تلعفر. بالفعل، وبالاتساق مع بادرة حسن النية التي أظهرها خنفر مع المسؤولة الأميركية في وقت سابق، إطلع بنفسه على الموضوع، وأزال صورتين ( إحداهما لأطفال نائمين في أحد المستشفيات، والأخرى لامرأة مصابة إصابات بالغة في وجهها). غير أن المسؤولة انتقدت أجزاءً أخرى ورد ذكرها في الموضوع عينه، مثل شهادة أحد الأطباء، التي تشير إلى استخدام غازات سامة مع سكان تلعفر، وتأكيدها أن ظهور الموضوع ( وبخاصة أيقونات ثقوب الرصاص الدموية)، يمكن النظر إليها باعتبارها أمور تحريضية ومشكوك فيها من الناحية الصحافية. ورغم شعور خنفر بالضيق، إلا أنه وعدها بإزالة الموضوع من الموقع. وقال لها "لكن ذلك لن يتم على الفور حتى لا يثار حول الأمر القيل والقال، وإنما على مدار اليومين أو الثلاثة المقبلين". لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أخبرها خنفر بأنه طلب من العاملين في الموقع أن يرسلوا إلى مكتبه مسودة لأي مادة تكون في صدد النشر في قسم "تغطية خاصة" لكي يطلع عليها بنفسه قبل النشر.