فوجئ الرأي العام الوطني بإقدام مجموعة "الضحى" العقارية على توظيف عدد كبير من الفنانين المغاربة والمنشطين الإذاعيين في إعلان تجاري للمجموعة، بعدما كان يتوقع الجمهور عند بداية بث الوصلة الإشهارية أن الموضوع يتعلق بحملة وطنية لتعبئة المواطنين لحدث وطني كبير من حجم المشاركة في الانتخابات أوغيرها. وفيما تفهم البعض قبول الفنانين المغاربة لعب هذا الدور، نظرا للظروف المادية الصعبة التي يعيشها الفنان المغربي عموما، خاصة وأن الأجرة المخصصة لهذا العمل -حسبما تناقلت مواقع إلكترونية عن مصادر قريبة من المشاركين- بلغت في حدها الأدنى مبلغ 100 ألف درهم كل واحد منهم، اعتبر البعض الآخر قيام المجموعة بهذه الدعاية محاولة يائسة لتلميع صورتها، خاصة وأنها ذات ملفات قضائية في مواجهة العديد من المواطنين، كما تم تسجيل العديد من الفضائح العقارية في حقها، منها تفويت الأراضي لها بمختلف المدن بالمغرب. كما نقلت ذات المصادر أن الشركة العقارية خصصت 10 ملايين درهم لحملتها الإعلانية في مختلف وسائل الإعلام، وزعت منها ثلاثة ملايين درهما على الفنانين المغاربة. وفي هذا السياق، اعتبرت المخرجة بشرى إيجورك، مشاركة الفنان المغربي في هذا العمل مسيئا جدا إلى صورته، وتابعت في عمودها الأسبوعي بيومية"المساء" :"لم يجتمع فنانونا من أجل قضيتنا الوطنية كما اجتمعوا يغنون في دعاية المجموعة السكنية، ولم نسمع لأغلبهم رأيا في الحركة السياسية والاجتماعية التي يعرفها الوطن ولا في النقاش حول الدستور، ولا حتى في قضايا تهم الفن والفنانين وتخص فوضى الإنتاج و«الإبداع» التي تعرفها الساحة الفنية منذ عقود، ولم نرَهم يوما يجتمعون ليقفوا ضد كل أشكال التحقير والتهميش والمساومة التي يعيشونها كل لحظة، ولم يصدر عنهم أبدا رد فعل «جماعي» على ما يعيشونه من استغلال من شركات الإنتاج في غياب قانون واضح يحمي كرامتهم ومهنتهم"، مضيفة :"فوجئت، بغبن، وأنا أراهم موزعين على إعلانات المواد الاستهلاكية، يوزعون ابتسامات ساذجة هنا وهناك، ويرددون كلاما تافها، ويغنون سعداء في كليب بئيس حول مجموعة سكنية لو وزعت كل يوم شقة على فنانين ناضلوا وضحوا وقدموا الكثير لهذا البلد ضد الاستعمار وخدمة للوطن، لكان ذلك أفضل دعاية يمكن أن تجني منها هذه المجموعة السكنية حب الناس واحترامهم وتضامنهم"، مشيرة إلى أنها ليست "ضد الإشهار ولامشاركة الفنان أحيانا في دعاية ما، لكن أن يظهر كل هذا العدد من الفنانين في إعلانات مكثفة بهذا الشكل الصادم، ويشارك فنانون من قيمة عالية وكفاءة ويحظون بتقدير الجماهير في "كليب" لمجموعة سكنية، فهذا لا يخدم صورتهم ولا قيمتهم ولا يضيف شيئا إلى مسيرتهم إلا ما تقاضوه من دراهم، وأعتقد أن الكثيرين ممن ساهموا في هذه المهزلة هم في غنى عن هذا الأجر". ومن جهته وجه الممثل المغربي، محمد الشوبي عتابا إلى بعض زملائه قائلا:"إن ما قام به هؤلاء الفنانون معيب جدا"، مُطالبا الهيئة العليا للسمعي البصري بالتدخل لوضع حد لمثل هذه التجاوزات، سيما وأن الأمر يتعلق برفع شعارات وطنية للدعاية لشركة خاصة"، مشددا على أن الفنان ينبغي أن يبتعد عن تقمص دور "الحلايقي" الذي يقوم بالدعاية و"الريكلام" لمادة معينة بطريقة فجة، مستدلا على ذلك بقيام فنانة بالدعاية لثلاثة أنواع من "السدادر"، وفنان آخر بالدعاية لأحد أنواع "الكريمات" التي أثبت دراسات طبية خطورته على البشرة، في الوقت الذي-يقول الشوبي- لا يجد فيه فنانون أوفياء لمهنتهم قوت يومهم، لكنهم يتعففون عن الدعاية لمنتوجات غير مقتنعين بها.