غير كيدخل رمضان على الشعب المغربي وكنبداو نسمعوا مصطلحات وعبارات توضح أنّ البعض يصوم هذا الشهر الكريم غير بزّز، كاين اللي صايم فقط لأنّه ازداد في أسرة تنقطع عن الأكل خلال هذا الشهر فأصبح يقلدهم لا غير، وهناك من يقضي اليوم كله في النوم ولا يستيقظ إلاّ بعد آذان المغرب. غير أنّ اللافت للنظر هو تلك الفئة التي تتحول تحت تأثير الصيام إلى ألغام تنفجر في وجه أّول احتكاك مباشر معها، فتسمع مصطلحات من قبيل: "سير فحالك راه خوك مرمضن.. ودور تصوّر الفطور ألعشير...". وهذا يجعلنا بالطبع نتساءل عن الهدف والجدوى من إمساك هؤلاء عن الأكل والشرب إذا لم يكن صيامهم مقرونا بنية الطاعة والتقرب لله، وممّا زاد الطين بلّة ظهور حركة "مالي" لوكالين رمضان الذين تعبوا من الاختباء شهرا بأكمله في السنة من أجل الأكل، فقرروا التخلص من تلك القيود والقوانين التي تفرض عليهم التستر وعدم الأكل في الشارع العام، وبالطبع فرمضان هذه السنة سيكون مختلفا بالنسبة لهؤلاء، فلن يضطروا هذه المرّة للتستر من أجل الأكل، لأنّ الدستور الجديد يضمن لهم حرية ممارسة شعائرهم الدينية، وينصّ على ذلك بالبند العريض، فقد أهدى لهم أولئك الذين صوتوا بنعم على الدستور هذا الحق في طبق من فضة، ولم يعودوا بعد الآن مطالبين أو مضطرين لتنظيم بيكنيكات ووقفات وإفطارات جماعية نهار رمضان، فالبركة في أصحاب "نعم" للدستور الذين أهدوا لهم حق الإفطار العلني في رمضان. اللهم إذا أرادت الدولة لمغربية أن تخرق بند الدستور الذي يصرح بالخط العريض " والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شعائره الدينية" وبالطبع فصيام رمضان يدخل في باب الشعائر الدينية، ولعلّ هذا ما جعل الملك محمد السادس يستبق الأمر في خطابه الأخير ويحذر من القيام بتأويل بنود الدستور ربما كإشارة لهذا الفصل بالتحديد من الدستور. والبعض في رمضان تجده يحمل إناء الوضوء كل ساعة ويشرع في المضمضة أملا في الفوز والظفر بنقط من الماء أو ترييقة، وبما أنّ رمضان هذه السنة يصادف حرارة الصيف، فيبدو أنّنا سنشاهد بعضهم قد بنى خيمة بجانب مرحاض المسجد قصد الوضوء من طلوع الشمس إلى غروبها. أمّا البعض الآخر فيقسم منذ الآن بأنه سيستمر في التوجه لشواطئ البحر والاستحمام والاستمتاع برياضة التقواس ومتابعة أجساد النساء، فهؤلاء الأخيرات أيضا يصممن على ارتداء مايوه البحر ويصرحن بأنهن لا يعرن اهتماما لقداسة هذا الشهر، ومن رحم الله منهنّ فإنهنّ يعترفن بتلك القداسة ويبررن ارتداء لباس البحر العاري بأنّ الرجال هم الذين ينبغي عليهم التوقف عن متابعة أجسادهنّ. المهم غير الله يرحمنا وخلاص هذا الشهر، والفائزون بالطبع فوزا عظيما هم أولئك الذين يرمون الدنيا خلفهم ويقبلون على الله وعلى الطاعات بالذكر والدعاء والصلاة وقراءة القرآن، وهو الفوز العظيم.