في وقت كان ينتظر فيه من الحكومة المغربية الإسراع في إيجاد حلول جذرية لما آلت إليه الأوضاع العامة بالبلاد وذلك وفق ما تقتضيه المرحلة الآنية، سعيا إلى احتواء غضب الشعب وتجاوبا مع رزمة من المطالب التي تنادي بها حركة 20 فبراير في مسيراتها الاحتجاجية التي تهب على مختلف المدن المغربية للمطالبة بإسقاط الفساد وتغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية...، لوحظ أن الحكومة المغربية بدل أن تقر هذه المطالب شرعت وبنوع من الاستخفاف والبلاهة السياسية باب الفوضى حينما أطلقت حسب ما يلمس على أرض الواقع "مشروع الفوضى" الذي تعيش على إيقاعه كافة المدن المغربية، وذلك في محاولة لإسكات صوت شريحة واسعة من المواطنين الذين يسترزقون بكل الأشكال غير المنظمة، وذلك ربما تحاشيا من أي انزلاق قد تقع فيه إذا ما صعدت مواقف الردع ضد هذه الفئة العريضة التي لا يتقن العديد منها سوى لغة الجهل، وأي محاولة رادعة ضدها قد تفضي إلى ثورة غضب يصعب وقف نزيفها.
اللافت منذ هبوب رياح الثورات التي عصفت بعدد من البلدان العربية، أن السلطات المحلية بمدينة المحمدية أطلقت على غرار باقي المدن المغربية العنان للباعة المتجولين الذين يصولون ويجولون بكل حرية ويترامون على الملك العام دون حسيب ولا رقيب، إذ أن واقع الحال يؤكد على أن لا أحد من المسؤولين بات يتجرأ على مصادرة أي نوع من العربات خشية الدخول في منعطف خطير يؤدي إلى تكرار سيناريو الثورة البوعزيزية التي أشعلت فتيل الانتفاضة الشعبية، خصوصا وأن المسؤولين يدركون تمام الإدراك أن حجم الخطر الذي يمكن أن يأتي من هذه الفئة لا يستهان به، وإخماد نار غضبها ليس بالأمر الهين، ومن تداعيات سياسة غض الطرف عن الحالة الفوضوية التي آلت إليها المحمدية، انتشار الأسواق العشوائية والفوضى العارمة خاصة بجوطية المدينة واحتلال الأرصفة والطرقات والشوارع الرئيسية وحتى حرمات بيوت الله، واتساع رقعة الباعة المتجولين الذين تناسلوا في ظرف قياسي بشكل مهول. خشية الحكومة من هذه الفئة والذي يزكيه بحر الصمت الذي توليه السلطات المحلية حيال "ثورة الفوضى" التي عكرت صفو المواطنين ونغصت حياتهم، بات حديث الرأي العام الذي لا يخفي امتعاضه من هذه السياسة العوجاء بحيث يرى أن اغتصاب الملك العام هو مساس بحرية المواطن، حيث أن حرية الفرد تنتهي عند حدود حرية الآخر.
على صعيد آخر تشهد مدينة المحمدية فوضى عارمة على مستوى البناء العشوائي حيث عرف هذا المجال انتعاشا غير مسبوق وللتذكير فجريدة محمدية بريس تجري هذه الايام روبورطاجا خاصا في هذا الشان مرفوقا بشهادات وصور وايضا بفيديوهات بالصوت والصورة تفضح عدد من الاشخاص المتورطين بالتسهيل في انتشار البناء العشوائي وايضا في مايخص احتلال الملك العمومي بالمدينة . وعودة لموضوع اليوم ففي سابقة هي الأولى من نوعها تحولت جوطية المحمدية في ظرف قصير مركز لمختلف السلع الاجنبية بما فيها المستعملة وسط سخط الساكنة التي استنكرت بشدة صمت السلطات المحلية حيال ما يجري، ومعلوم أن هذه الظاهرة لا تخلو من المشادات والعراك ناهيك عن عرقلة حركة السير بسبب العربات المجرورة والمدفوعة التي تحتل زوايا الشوارع وجنباتها. فهل بسياسة الفوضى والسيبة التي تعم كافة المدن المغربية تريد الحكومة المغربية النهوض بمسلسل الإصلاح والتنمية؟ وهل بمظاهر الفوضى تعول الدولة المغربية على إنعاش الحركة السياحية وجلب الاستثمارات الأجنبية؟ وهل بنشر الأسواق العشوائية تريد توفير فرص الشغل والقضاء على معضلة البطالة؟ إنها حقا البلاهة السياسية. محمدية بريس