أكد مدافعون عن حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية للمملكة, أمس الجمعة بجنيف, أن الحكم الذاتي, الذي اقترحه المغرب لتسوية النزاع حول قضية الصحراء, يعد الحل الوحيد لوضع حد للمأساة الإنسانية التي يعاني منها المحتجزون بمخيمات تندوف. وجاءت مداخلات هؤلاء المدافعين عن حقوق الانسان, خلال ندوة نظمتها بإحدى قاعات مكتب الأممالمتحدة, المنظمة غير الحكومية الدولية (أنتر فايت أنترناشيونال) حول موضوع "الانعكاسات الإنسانية للنزاعات على النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها", وذلك على هامش انعقاد الدورة ال12 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وأشار سيداتي غلاوي, الممثل السابق ل(بوليساريو) في إيطاليا, إلى أن نزاع الصحراء, الذي عمر أزيد من ثلاثة عقود, هو من مخلفات الحرب الباردة بين الشرق والغرب, مبرزا أن استمرار هذا النزاع لمدة طويلة ناجم عن موقف الجزائر التي تحاول الإبقاء على حركة ك"بوليساريو", وهو موقف أصبح, في واقع الأمر, متجاوزا. كما تطرق إلى البعد الإنساني لنزاع الصحراء, مذكرا بأن الجزائر تحتجز منذ ثلاثة عقود على أرضها في مخيمات صحراويين في ظروف مزرية. وأدان السيد غلاوي, بالمناسبة, انتهاكات حقوق الإنسان وتدهور ظروف العيش في هذه المخيمات, مشيرا إلى أن هؤلاء المحتجزين في مخيمات تندوف يعانون من الجوع والعطش والأمراض والترحيل والتفكك العائلي, كما أنهم محرومون من حرية التنقل والتعبير, علاوة على الظروف المناخية القاسية (درجة الحرارة قد تصل إلى50 ). وأكد أن تسوية نزاع الصحراء لا يمكن أن تتم إلا من خلال حل سياسي الذي يتمثل في الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب, معتبرا أن إيجاد حل لهذا النزاع المفتعل سيضع بالتالي حدا لمعاناة المحتجزين. وأضاف أن نظام الحكم الذاتي سيمكن الصحراويين بالأقاليم الجنوبية للمملكة من العيش في حياة كريمة والحفاظ على خصوصياتهم الثقافية. من جانبها, توقفت حجبوها زبير, ناشطة في مجال حقوق الإنسان, عند مجموعة من حالات انتهاكات حقوق الإنسان التي تعرضت لها عائلات صحراوية بمخيمات تندوف من بينهم أفراد من عائلتها. كما قدمت, بالمناسبة, شهادة عن معاناة عدد من أفراد عائلتها الذين تم احتجازهم بهذه المخيمات. وقالت إن النساء في الأقاليم الجنوبية للمملكة يعشن حياة كريمة وينعمن بحقوقهن خلافا للنساء المحتجزات في مخيمات تندوف اللواتي يعانين من الفقر المذقع, داعية المجتمع الدولي لكسر جدار الصمت حول انتهاكات حقوق الإنسان بهذه المخيمات. ودعت زبير, التي وجهت نداء للمنظمات غير الحكومية للتنديد بهذه الفظاعات, إلى وضع حد لهذه المأساة, مشيرة إلى أن من شأن الحكم الذاتي, الذي تقدم به المغرب, إيجاد حل للنزاع حول قضية الصحراء. من جهتها, تطرقت السعداني ماء العينين, وهي إحدى ضحايا الترحيل القسري وانتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف, إلى المأساة التي يعيشها الأطفال المرحلون, مذكرة بأنها عانت هي نفسها من انتهاكات حقوق الإنسان بمخيمات تندوف, ذلك أنه تم ترحيلها, وعمرها لم يتجاوز آنذاك خمس سنوات, إلى كوبا حيث أمضت هناك زهاء 16 عاما. ووقفت ماء العينين عند وضعية حقوق الإنسان بمخيمات تندوف حيث قالت إن هذه الحقوق غير مصانة بهذه المخيمات التي يعيش سكانها في ظروف غير لائقة بكرامة الإنسان بالنظر إلى أنهم محرومون من حقوق التنقل والتعبير وأنهم يتعرضون لعقوبات تعسفية واختفاءات قسرية وأن أغلبية الأطفال والنساء يعانون من سوء التغذية والأمراض. وأشارت إلى أن الصحراويين يتطلعون إلى تسوية هذا النزاع, مؤكدة أن ذلك يمر عبر نظام الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب والذي سيمكن كافة الصحراويين من العيش بكرامة في كنف أهاليهم وفي أحضان وطنهم المغرب. وفي السياق نفسه, أكد مولاي أحمد مغيزلات عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية, أن مخطط الحكم الذاتي, الذي تم وضعه بمساهمة الهيئات الممثلة للجهات والأعيان, جاء باقتراح من المغرب في إطار روح الانفتاح ووفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي. وعلاوة على هذه المداخلات, تم خلال هذا اللقاء عرض فيلم وثائقي بعنوان "الناجون من الجحيم" الذي أنتجته الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة, والذي يسلط الضوء على معاناة المدنيين المغاربة الذين كانوا محتجزين من قبل "بوليساريو" بجنوب غرب الجزائر.