وصف النائب السابق لرئيس الجمهورية العربية السورية عبد الحليم خدام، الرئيس السوري بشار الأسد ب"الديكتاتور الذي لا يتعلم من تجارب سابقيه من الرؤساء ممن أقتلعتهم الثورات الشعبية من كراسي الحكم". جاء ذلك في معرض رد خدام على أسئلة بعثت بها إليه وكالة الأنباء الألمانية بالقاهرة (د.ب.أ) عبر البريد الإلكتروني. ولدى سؤاله عما إذا كان بشار الأسد تعلم من تجارب سابقيه من الرؤساء، خاصة وهو الأقرب سنا من مفاهيم الشباب صناع الثورات، أجاب خدام "بشار الأسد ديكتاتور مغرور غير قادر على التعلم فهو يعتبر نفسه سيد العلم والمعرفة، وغرس المنافقون من حوله في نفسه مقولة إن الشعب يحبه وهو غير قادر بحكم غروره وطبيعة تكوينه النفسي على التمييز بين الخطأ والصواب". وأضاف "صغر سنه لا يعني اقترابه من الحداثة والإصلاح فهو تربى في بيت يعتبر والده مالكا لسورية وأن سورية مزرعة له وأن والده لا يخطئ وأن ما يقول والده هو الحق وهكذا تقمص شخصية والده.. وبشار الأسد بالفعل قام بأسوأ مما قام به أبوه في درعا وداريا وسقبا والمعضمية ودوما ودمشق وحرستا والزبداني وحمص وجبلة واللاذقية وبانياس ودير الزور وحماة.. ولدينا مثل شعبي يقول الولد سر أبيه". واستبعد خدام أن يقوم "حزب الله"، الحليف القوي للنظام السوري، بالمنطقة بأي تصعيد عسكري مع إسرائيل بهدف جذب الأنظار ورفع الضغط الدولي عن كاهل النظام السوري، وأوضح: "لا أعتقد أن حزب الله سيقدم على إشعال حرب مع إسرائيل، ولا مصلحة له بذلك كما أن مثل هذا القرار يتطلب موافقة إيرانية والقيادة الإيرانية تدرك أن تورط حزب الله في هذه الظروف سيعني ضربه، وبالتالي فهي لا تريد أن تخسر أهم قوة عسكرية مسلحة لها خارج حدودها الوطنية". وشدد خدام علي أن تصريح رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، بأنه لن يكون هناك استقرار في إسرائيل ما لم يكن هناك استقرار في سورية، قد كشف طبيعة النظام السوري وبحثه عن مصلحته فقط، وتساءل خدام:" إذا كان فعلا استقرار إسرائيل مرتبطا باستقرار سورية .. فلماذا لا يقوم بشار الأسد بممارسة الضغوط علي إسرائيل كي تنسحب من الجولان طالما يمتلك كل هذه القوة". هذا التصريح يدلل علي شعور النظام بأن نهايته قد اقتربت.. ولذا فهم يلجأون لطرح شعارات واهية لا تؤدى إلي شيء في الواقع.. ولكنهم قد يعتقدون أن بعضها قد يطيل أمد النظام، ولكن هذا الأخير انتهي أمره وسيرحل". واستبعد خدام أن يقوم بشار الأسد بالانقلاب على شخصيات مقربة لدوائر الحكم مثل رامي وحافظ مخلوف وشقيقه ماهر الأسد، كثورة للتصحيح، يلقي فيها بشار بالمسئولية علي هؤلاء في محاولة لإنقاذ نفسه وحكمه، قائلا: " لا أتوقع أن يقوم بشار الأسد بانقلاب على شقيقه ولا أن يفعل ذلك ماهر.. وإذا وقع التوتر بينهما فإن أحدهما سيعمل على قتل الآخر". وعن احتمال قيام ماهر الأسد، أو أحد الشخصيات المقربة من دوائر الحكم بالانقلاب علي بشار بدعم من إيران التي قد تحاول الإبقاء علي حليفتها سورية بعد أن يغير (النظام) من واجهته الخارجية، قال خدام "ماهر الأسد كما أشرت سابقا لن يقوم بانقلاب على أخيه وإذا فعل ذلك فإن إيران لن تسانده فهي ملتزمة بمساندة النظام.. بالإضافة إلى ذلك ليس في سورية من يقبل أن يبقى أحد من الأسرة الحاكمة دون محاسبة.. والشعب السوري يتطلع إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية وليس للاستمرار في ظل حكم شمولي مستبد وفاسد". كان العديد من المحللين السياسيين طرحوا سيناريو أن تقوم إحدى الشخصيات المقربة من دوائر الحكم بالانقلاب على بشار الأسد ليستمروا هم فعليا ممسكين بزمام السلطة في سورية لكن تحت واجهة مدنية أو زعامة سنية. ونفى خدام وجود انشقاقات داخل الأسرة الحاكمة في سورية، مشددا علي أن بشار الأسد لا يزال يعد " الرجل الأقوى" بالعائلة ودائرة الحكم، وقال: "عائلة الأسد تضم شخصين يرجع القرار لهما..بشار وماهر الأسد.. أما الآخرون فهم مساندون ومنفذون، ولكن لم يعد مقبولا الحديث عن أي احتمال لاستمرار عائلة الأسد في الحكم واستمرار نظام شمولي". وقال " النظام الذي يستخدم الجيش لقمع مواطنيه بدباباته ومدفعيته ويحصد أكثر من ألفي قتيل وبضعة آلاف جريح.. ويعتقل المواطنين ويروع المدن والأرياف هو نظام لا يمكن أن يستمر وهو ساقط لا محالة، ولكن كيفية السقوط ترتبط بتطور الأحداث ولا شك فإن الشعب السوري مصمم على محاسبة بشار الأسد وجميع المتورطين معه". وردا على سؤال حول قدرة النظام السوري علي الصمود في وجه المظاهرات الشعبية، خاصة في ظل استمرار ولاء الجيش وباقي الأجهزة الأمنية له حتي اللحظة الراهنة، فضلا عن أن المظاهرات ذاتها ليست علي نفس الوتيرة من الحدة في كل المحافظات السورية، قال النائب السابق للرئيس السوري " بعد أن تولى حافظ الأسد السلطة أعاد بناء القوات المسلحة وأجهزة الأمن وفتح أبواب الكليات العسكرية والأمنية أمام غالبية من الطلاب العلويين وقلة صغيرة من بقية السوريين وذلك أنه كان يعتبر أن الجيش والأمن هما الحاميين للنظام، وبالتالي أصبح الجيش وأجهزة الأمن الأداتين الرئيسيتين للامساك بالسلطة، أما القول أن المظاهرات ليست على نفس الوتيرة والحدة في كل المحافظات السورية فهذا أمر غير دقيق.. صحيح أن هناك في بعض المناطق أناس لم يشاركوا ليس لأنهم مع النظام وإنما يخشون القمع الدموي الذي يمارسه النظام". ورفض خدام المقولات التي تردد أن سورية من دول الممانعة، ولذا فهي الآن تدفع ثمن موقفها الداعم لتيار المقاومة عبر استهداف أمنها القومي، مشددا على أن "موضوع الممانعة والصمود واحتضان المقاومة، كما قلت، كلها شعارات كاذبة لا يصدقها أحد.. الدولة الصامدة لا تحرم شعبها من الحرية ولا تضطهدهم ولا تنهب مواردهم ولا تظلمهم، وكيف لدولة أن تصمد وشعبها سجين محروم من أبسط متطلبات الحياة، والأسرة الحاكمة تنهب أمواله.. أما عن محاولات استهداف سورية.. فسورية نعم مستهدفة، ليس من الخارج ولكنها مستهدفة من النظام الذي يستبد بأبنائها وذريعة المؤامرة الخارجية ذريعة كاذبة ولم يصدقها أحد من السوريين". وتابع "النظام في سورية اتهم أشخاصا في تيار المستقبل بالوقوف وراء ما يحدث.. وهذا الأمر غير صحيح.. تيار المستقبل غارق فيما يثيره ضده أصدقاء وحلفاء النظام السوري ولا يمتلك الوسيلة والقدرة للقيام بذلك، حتى أن وسائله الإعلامية اتخذت موقفا محايدا من جرائم النظام، أما اتهام شخصيات سعودية فهو أمر لا صحة له لا من قريب ولا من بعيد.. والسوريون يأخذون على الدول العربية ومنها المملكة العربية السعودية الصمت عما يجري في سورية". وأكد خدام أنه لا توجد هناك أية فرصة لإفلات النظام السوري من سيناريو السقوط "لكن هذا السقوط مرتبط بتطور الأحداث وبما يمكن أن يطرأ من مواقف داخلية وخارجية.. كما أنه لن يتمكن من الإفلات من السقوط عبر خارطة طريق وبمبادرات تقوم بها بعض دول الجوار، ومنها إيران وتركيا، فإيران حليفة النظام لا ثقة بها واعتقد أن تركيا أصبحت قريبة من الاقتناع أن النظام لم يعد مؤهلا بالاستمرار". لا يعقل أن يبقى السوريون محكومين بأسرة أداتها في السلطة أقلية لا تتجاوز 8% من نسبة سكان البلاد والأمر ليس لأسباب طائفيه، بل لأسباب ممارسات النظام فعندما ترشح الرئيس حافظ الأسد للرئاسة في آذار/مارس 1971 كان الناس يعرفون أنه كان ينتمي للطائفة العلوية ولكنهم لم يكونوا يتوقعون أن يكون له نهج طائفي". وعقب خدام على المواقف الأكثر حدة التي بدأت بعض الدول في الغرب، خاصة فرنسا وبريطانيا وألمانيا، اتخاذها إزاء النظام السوري، قائلا "نأمل أن يكون ذلك توجها نحو أخذ قرارات ومواقف جدية تعزل النظام وتشكل ضغطا عليه". وفي معرض رده على سؤال بشأن مدى تأييد السوريين لضربة عسكرية من قبل الغرب ضد النظام في بلادهم علي غرار الوضع في ليبيا، أجاب خدام "من السابق لأوانه الحديث عن الضربة العسكرية.. وحتى الآن لم يصل المجتمع الدولي إلى مرحلة فرض العقوبات الجدية على النظام السوري.. وإذا أردت أن تعرف المعيار الحقيقي، تصور أنت شعبا يقتل أبنائه من قبل الجيش الذي يفترض أن يحميه ماذا يمكن أن يطلب وماذا يمكن أن يقول لهذا الأمر أو ذاك؟". وتابع "الثوار في ليبيا لم يطلبوا دعم المجتمع الدولي إلا عندما أدركوا أن عدم تحقق ذلك سيعني سحقا لليبيين.. وطلبوا بكل وضوح.. وهذا لا يعني تبعية للغرب أو للشرق ولا يعني الدعوة للانضمام إلى مناطق النفوذ... من حيث المبدأ لا يرغب السوريون بتدخل عسكري خارجي، لكن من وجهة نظري، النظام في سورية ليس نظاما وطنيا.. وقد فقد شرعيته وهو الآن يشكل قوة احتلال تسانده دولة أجنبية اسمها إيران ومن حق السوريين إذا فشل المجتمع الدولي بأخذ قرار بعقوبات شديدة ضد النظام وبشار الأسد عندئذٍ كل الاحتمالات تصبح مشروعة". وأوضح "في حال استمر المجتمع الدولي في الصمت ولم يتخذ إجراءات ستشهد المنطقة تطوراً خطيراً.. ذلك أن القهر والظلم والاضطهاد تنتج جميعها اليأس واليأس ينتج التطرف وعندئذٍ لن يبقى أحد في المنطقة دون أن يشعر بالقلق". وأصدر الاتحاد الأوربي مؤخرا قائمة تضم 13 مسئولا سورية تشملهم عقوبات، في مقدمتهم ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري ورامي مخلوف ابن خال الرئيس ورئيس جهاز المخابرات، علي مملوك. وشدد عبد الحليم خدام علي نيته العودة لسورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، مقللا من احتمالية أن يطالب أحد بمحاكمته حينئذ. وقال: "نعم كنت من أهم أركان النظام، ولكن في سياساته الخارجية، ولا يستطيع أحد أن يقيمني بغير ما أنا فيه، فقد خرجت من النظام وكان ذلك بمثابة الضربة الأولي الجارحة له، حتي أن اسمي صار مخيفا.. وكثير من وسائل الإعلام المتأثرة بالنظام وغير المتأثرة كانت تخشي من أن يصدر أسمي بها حتي لا يعاقبها النظام