كشفت الصحف الاسرائيلية إن التصريحات التى أطلقها النائب السابق للرئيس السوري عبد الحليم خدام كانت تتويجا لحملة انتقام شخصية بسبب إقصائه عن مركز السلطة فى سوريا، مشيرة الى أن مقرّ إقامته فى فرنسا تحول الى محجّ لمسؤولى أجهزة الاستخبارات ومنها الاستخبارات الاسرائيلية. وكتب محرر الشؤون العربية فى صحيفة هآرتس تسفى بارئيل أن مقابلة خدام مع تلفزيون العربية تأتى فى سياق حملة انتقام من النظام السوري بعد إقصائه عن مواقع السلطة. من جهة ثانية كتبت مراسلة صحيفة يديعوت أحرونوت للشؤون العربية سمدار بيرى أن البيت الفخم الذي يقطنه خدام فى ضواحي باريس كان خلال الأشهر الأخيرة محجّا للقاءات سرية. وقالت: حضر إلى هناك عملاء أجهزة الاستخبارات الفرنسية والأمريكية والسعودية وطاقم التحقيق التابع للأمم المتحدة. وأضافت بيرى أن هؤلاء ليسوا الوحيدين الذين حصلوا على معلومات جديدة من رجل النظام السوري الرفيع الذى يعرف أسرارا كثيرة، مشيرة الى ان إسرائيل أيضا لم تجلس مكتوفة الأيدي. في هذه الأثناء أعلنت ناطقة باسم لجنة التحقيق الدولية فى اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري أن اللجنة طلبت لقاء الرئيس السوري بشار الأسد ووزير الخارجية فاروق الشرع كما ترغب فى الاجتماع بالنائب السابق للرئيس السوري عبد الحليم خدام. وقالت المتحدثة إن اللجنة طلبت مقابلة الأسد والشرع، مؤكدة أن اللجنة بعثت بالفعل طلبا بمقابلة الرئيس الأسد ووزير الخارجية الشرع ضمن اخرين. وأضافت المسؤولة الدولية دون الخوض فى مزيد من التفاصيل أن محققي الأممالمتحدة سيسعون الى لقاء عبد الحليم خدام فى اقرب وقت ممكن. سوريا لم تتجاوب مع هذا الطلب وتركت بعض الغموض يحيط بردها النهائي، ففي أول رد فعل لها، قال أحمد الحاج علي المسؤول في حزب البعث السوري الحاكم ومستشار وزارة الإعلام السورية، إنه لن تكون هناك إمكانية لتحقيق مثل هذا الطلب، الذي يدل على نية مسبقة وعلى استجابة سريعة لمفاصل وفقرات التوجه العام للقوى المعادية لسوريا. كما أكد عضو مجلس الشعب السوري فيصل كلثوم أن بلاده لن توافق البتة على لقاء لجنة التحقيق بالرئيس الأسد، لأن ذلك يتعارض مع الحصانة الرئاسية التي هي رمز الاستقلال والكرامة الوطنية، كما يخالف أحكام الدستور. وفي المقابل أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشعب السوري نمير غانم، استعداد دمشق الكامل للتعاون مع لجنة التحقيق الدولية، لكن بشرط ألا يشكل هذا التعاون بأي حال من الأحوال مساسا بسيادة سوريا. وشدد غانم في تصريحات للجزيرة على أن سوريا ستدرس طلبات اللجنة من الناحية القانونية، مؤكدا أن دمشق لم تتلق لغاية الآن أي طلبات رسمية من اللجنة للقاء الرئيس بشار الأسد أو أي مسؤولين آخرين. رئاسة الجمهورية اللبنانية تصدت للهجمة الجديدة التي شكلتها تصريحات خدام حيث نفت فى بيان ما قاله عبد الحليم خدام من أن الرئيس إميل لحود كان يشن حملات تحرض على رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري. واعتبر المكتب الإعلامي فى رئاسة الجمهورية اللبنانية فى بيان أن خدام سعى إلى إقامة رابط بين ما سماه التحريض على الرئيس الشهيد وجريمة الإغتيال النكراء التى أودت بحياته، وذلك خدمة لأهداف ارتضى خدام العمل لتحقيقها. ولفت البيان إلى أنه ادعى خدام أن الرئيس لحود شن حملات تحريض ضد الرئيس الشهيد الحريري كان يتأثر بها الرئيس بشار الأسد، فى حين أن الوقائع تؤكد أن الرئيس لحود ليس لديه وسائل إعلام يستعملها للتحريض على الرئيس الشهيد. وأضاف البيان: وإذا كان حصل بعض التباين فى وجهات النظر حول أمور تتعلق بإدارة شؤون الدولة والرؤية إلى عدد من المشاريع التى كانت موضع بحث ونقاش فى حينه، إلا أن ذلك لم يفسد يوما للود قضية بين الرجلين التى اتسمت العلاقة الشخصية بينهما بالكثير من المودة والتقدير المتبادل. واعتبر بيان المكتب الإعلامي فى رئاسة الجمهورية اللبنانية أنه لم تكن مستغربة حملة خدام على الرئيس لحود، لأن الرئيس لحود رفض منذ كان قائدا للجيش مخططا يقضي بإرسال الجيش إلى الجنوب ومنع المقاومة من مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وتبين لاحقا أن خدام كان وراء المخطط،. وحول انتقادات خدام بشأن سحب العناصر الأمنية التى كانت مكلفة بحماية الحريري. قال بيان المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية إن لحود بادر فور معرفته بأمر سحب العناصر الأمنية من عند الرئيس الشهيد الحريري إلى إبلاغه عن استعداده لإرسال عناصر من لواء الحرس الجمهوري له، ورد الرئيس الحريري شاكرا رئيس الجمهورية على مبادرته وأبلغه أنه أمن الحراسة من جهازه الأمني الخاص. وسط هذه الزوابع من التصريحات المتصادمة يرى المراقبون أن الضغوط عادت لتقوى ضد سوريا بعد أن كانت قد خفت في الآونة الإخيرة خاصة أثر إستقالة رئيس لجنة التحقيق الاممية القاضي الألماني ميليس وإنتشار شكوك كثيرة حول صدقية الشهادات التي بنى عليها تقريره. ولا يشك أحد أن امريكا واسرائيل تنفستا الصعداء بعد أن عادت الحرارة الى ملف التحقيق حول مقتل الحريري الذي يضع دمشق في دائرة الإتهام، ولكن الأمر الذي يثير الإهتمام هو أن هناك تساؤلات حول موقف السعودية من الأحداث الجديدة، فتصريحات خدام تمت عبر قناة العربية التي تمولها الرياض ولم يكن ذلك ليقع دون قبولها. ويلاحظ كذلك أنه بعد فرقعة تصريحات خدام وصل إلى السعودية الرئيس المصري حسني مبارك للإجتماع بالملك عبد الله بن عبد العزيز. وقال مسؤول سعودي طلب عدم ذكر إسمه إن الزيارة ستناقش الموقف السوري في ظل المستجدات الدولية الراهنة من التعاون مع لجنة التحقيق، مذكرا بأن القاهرةوالرياض قامتا في وقت سابق بإقناع سوريا بالاستجابة لمطالب لجنة التحقيق.