لو قٌدر لك المرور بساحة المسيرة بميدلت زائرا كنت أم من أهل البلدة لشٌد بصرك إلى أخشاب وٌضعت على الطريق فكانت كالحاجز الذي يكسر رؤيتك وأنت ترسلها للمحكمة عفوا للمركز التجاري بل أقصد عزيزي القارئ المركز الثقافي والذي حلت فرق البناء به ضيفا مغيرة في نيتها لمعالم المركز بمعاول للهدم لم تبقي من قرنيه الأماميتين سوى الأطلال وبقايا الحديد .و لقد صدق الشاعر يوم قال : قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل *** بسقط اللوى بين الدخول فحومل ها هو الزمان في دورانه يرثي المكان وها هو المركز مذ تشييده يأتي عليه حين من الدهر يستقبل غصبا عليه آليات البناء ومعاول الهدم . لسنا هنا ضد التشييد ولا ضد التأهيل وإصلاح المؤسسات التي بدت على مٌحياها تجاعيد الزمان ولكن مثل هاته البنايات التي راكمت أجيالا وأجيال فأضحت معلما من معالم المدينة والتي كانت دار للقضاء وفض الخلافات والمنازعات ولكم من القضايا تختزنه جدرانها السميكة وكم من العقوبات أٌصدرت من داخله أيام الأباء والأجداد لتنتقلمن مركز لمحاربة الظلم إلى مركز لمحاربة الجهل فصارت البناية مركزا ثقافيا يضم بين أضلع جدرانه مكتبة متواضعة وكراسي وطاولات للمطالعة التي لاغني لأهل البلدة عنه رغم ضيقه فترى أفول التلاميذ والطلبة أيام الامتحانات مصطفة حول جنباته لعلها تجد مكانا للمذاكرة ليس حبا في المكان ولكن لافتقاد المدينة ملجأ للعلم والتحصيل ... المركز لم يقتصر على ذلك بل دوما نراه مشرع الأحضان لمختلف الأنشطة الثقافية والحقوقية والحزبية والجمعوية ... ناهيك عن صبره الدائم على ما يلقاه من تغيير لدوره باستمرار من الثقافي إلى التجاري الذي أٌنيط به في السنين الأخيرة رغبة من البعض دحض الثقافة واستغلال الفضاء للتجارة .نتذكر والذكرى مؤرقة ما كان لجمالية منظره وفسحة الساحة المجاورة له من دور لاستضافة المنصات في العديد من المحافل ومختلف الأنشطة. نتمني وحسرة الغيرة على معالم المدينة تشدنا أن تخرج فرق البناء وقد حصلنا على بناية ثقافية عصرية بمعالم قديمة تحاكي التراث والأجيال وتصون الإرث والموروث الأصيل.