لقد كان دخول الفرنسيين الى المغرب بعد توقيع معاهدة الحماية في 30مارس1912 مرحلة جديدة في تاريخ المغرب المعاصر. ودخلت القوة الفرنسية بقيادة الكولونيل بوايمروpauymrau الى ايتزر يوم4 يونيو1917 بدون مقاومة تذكر.كما هيأت القوة الغازية مطارا عسكريا بمنطقة أيت غياث لتسهيل التحرك و الولوج الى المنطقة. وأسر أحد المخبرين ( المدعو هشام) وهو من الذين يسبقون القوافل العسكرية للكولونيل الفرنسي بوايمرو بأن ساكنة – تغرمت أوحسين- وحدها ترفض تواجد الفرنسيين على أراضيها.وأنه فشل في مهمة اقناع شيخها وزعيم القبيلة- سعيد أوعلا نايت خراوش – وأتباعه من قبيلة -أيت رحو وعلي – بالاستسلام. وفي يوم 5 يونيو 1917 صباحا توجه الكولونيل المذكور من ايتزر صوب -تيغرمت اوحسين- بجيشه الكبير،ومدججا بعتاده الحربي المتطور لاحتلال المنطقة واخضاع ساكنتها التي رفضت الخضوع والذل والمهانة وقررت المقاومة . هذاوقد وقف ما يقارب خمسين مقاتلا في وجه القوة الفرنسية يتقدمهم- سعيداوعلا نايت اخراوش- ومنهم" الحسن خراوش، والحسين خراوش، وحسيني موحى والحسين ،وحسيني ميمون أوحدو، والحسين نايت الدرمون ،وسليمان نايت جدو ،وسعيد نايت احساين ،وبن عمر،وبلخير ،ووقعت اشتباكات قوية مع القوة الفرنسية ،وتحصن المقاومون بحصون قلعة – تيغرمت أوحسين- مااضطر- الكولونيل بوايمروا- الى استخدام المدفعية الثقيلة ، وقدف القلعة من مكان بعيد، وهدم سور ايت خراوش، و باستخدام مدافع المدفعية الثقيلة استطاع دك حصون القلعة ،وهدم سورها المنيع ،ولكنه لم يستطع بالمقابل القبض على – سعيد اوعلا -وأتباعه الذين التجأوا الى زاوية بمنطقة الخوخات حيث قضوا ليتهم هناك، والتجأوا بعد ذلك الى قبيلة أيت يوسي ،وأيت عرفة بتمحضيت ،وشاركوا في معارك البقريت ومعارك زيان ضد المستعمر. وقد حل قبل ذلك اليوم 5/يونيو 2017 المخبر هشام –الرقاص – في مهمة لمساومة شيخ القبيلة – سعيد أوعلا – وشراء استسلامه ،ووعده بتعيينه قائدا على المنطقة اذا استسلم لفرنسا، ولكن سعيد أوعلا رفض رفضا قاطعا المهادنة والاستسلام ،وفضل بمعية أتباعه المواجهة والمقاومة رغم علمهم بتباين الامكانات اللوجيسنيكية، ولكنهم كانوا متسلحين بالايمان والاخلاص للارض والوطن،و مدافعين عن الكرامة ،ورافضين الذل والمهانة. لقد كانت ساكنة – تيغرمت أوحسين- التي تبعد بحوالي ثلاثة كيلومترات عن مركز بولعجول في الطريق المؤدية الى بولمان، تنعم بالهدوء قبل5يونيو1917 ،و كانت تنظم مجالات حياتها وفق أعراف القبيلة، ويسهر على احترام ذلك أمغارها وزعيمها – سعيد اوعلا نايت خراوش- وكان مجالها فسيحا ممتدا الى المراعي، والمحاطب، وموارد الماء ،والمجالات الصالحة للزراعة ،وحراسة الممرات الاستراتيجية والطرق والمسالك. وبعد سيطرة فرنسا على المنطقة بمساعدة الخونة والباحثين عن المناصب والمصالح وفرص الريع رجع الثوارفي غشت 1922 بعد سنوات من الجهاد ضد المستعمر الغاشم واصطدم سعيد أوعلا بحكم جائر من الحاكم العسكري المقيم بايتزر –الكولونيل- شامبران chambrunالذي فرض عليه أداء -مائة وثمانون ريال 180-كتعويض لخزينة فرنسا جراء الخسائر التي كبدها اياها في معركة تيغرمت أوحسين،واضطر الى رهن بلاده لجمع ذلك المبلغ الذي يعتبر كبيرا جدا في تلك الحقبة الزمنية ، فتأزمت وضعيته المادية والنفسية جراء ذلك . وتأثر وأصيب بخيبة أمل ومرارة كبيرة خاصة عندما رأى خونة وأذناب المستعمر يسيرون الشأن المحلي، ويكدسون الاموال باقتناص فرص الريع والامتيازات ،ومات المجاهد متأثرا بكل ذلك دون ان يتمكن من استرجاع أراضيه وممتلكاته . ومن الانصاف للحقيقة والتاريخ وبعد مرور مائة سنة على هذا الحدث التاريخي ،أن نميط اللثام اليوم عن ملحمة بطولية، وواقعة تاريخية كانت فارقة في تاريخ المنطقة . ومن المناسب اليوم استحضار هذه الواقعة لقراءة دلالاتها وفهم معانيها للتفرغ بثقة لبناء الحاضر والتطلع للمستقبل. (فأمة لا تعرف تاريخها لا تحسن صياغة مستقبلها) وعمل ابنه ميمون أوعلا شباعتو– الذي عايش هذه المحنة ولم يتجاوزسنه تسع سنوات على حمل المشعل بعد وفاة أبيه ، واستطاع استرجاع أملاك أبيه ودفع ثمن الرهن للكولونيل الفرنسي chambrun بهضبة بأيت تمولي، بعد رجوعه الى مسقط رأسه لانه كان محتضنا لدى عائلة -أيت البركة- بالقصابي التي كانت تربطها علاقة صداقة بالعائلة . كما حارب ميمون أعلا شباعتو جبروت وتعنت سلطات الاستعمار، وجاور لمدة ستة أشهر بسجن ايتزر زعيم حزب الشورى والاستقلال – محمد حسن الوزاني -،و بعد سنوات من الكد والعمل استطاع هذا الاب رحمة الله عليه توفير تعليم لائق وراقي لابنائه الذين حصلوا على مراتب عليا بعد استقلال البلاد. ذكرى معركة – تيغرمت أوحسين- تختزل شهامة وشجاعة رجال أشداء رحمة الله عليهم ،رفضوا الوجود الفرنسي، وتعرضوا لنسف مساكنهم، وللتفقير وسلب ممتلكاتهم ،ولكنهم رفضوا الركوع والخنوع وبيع المبادىء للحصول على الامتيازات والمناصب وفرص الريع. أبطال لم تنصفهم الادارة ،ولكن مواقفهم وبطولاتهم كانت وستبقى نبراسا لاحفادهم الذين يستلهمون هذه السير بكل فخر واعتزاز للسير على نهج أجدادهم في الذوذ عن حرمة الوطن ،والالتزام الدائم بالقيم وثوابث الامة تحت القيادة الرشيدة لسليل بطل التحرير محمد الخامس ،ملكنا الهمام محمد السادس نصره الله. والاستاذ سعيد شباعتو سليل هذه الاسرة المقاومة المجاهدة جسد بسلوكه وأفعاله كل هذه القيم والمبادىء، وبقي طوال سنين تحمله لمسؤولية تدبير الشأن السياسي مناضلا صلبا ،مدافعا بشراسة عن مصلحة هذه المنطقة وملتزما بوصية أجداده المرتبطة بالوطنية الصادقة ،والتشبت بالملكية وبالعرش العلوي المجيد.