لقد كانت الأضرحة تلعب دورا رياديا في زمن الاستعمار، بل أكثر من ذلك فقد كانت الأضرحة بصفة عامة بشمال إفريقيا حسب ما يؤكدونه رواد الثقافة و كبار الأنثروبولوجيا و جل مهتمي بهذا المجال؛ فزمن الإستعمار كان للمعمر الفرنسي أهمية كبيرة في النسق القبلي على وجه الخصوص عكس النسق الحضري التي لا تحضر الثقافة بنسبة كبيرة بالمقارنة مع النسق القبلي التي تحضر الثقافة في كل الحياة اليومية و تحمل بذلك دلالات داخل ذوات الأفراد. إن الضريح باعتباره مكان مقدس و ليس مدنس، يحمل في طياته العديد من الأشياء الخارقة و لا نقصد هنا أي ضريح بل نقصد تلك الأضرحة المعروفة و المشهورة التي تحمل في القبور أناس خارقين للعادة حسب تمثلات الأفراد المنتمين إلى نفس الوسط، و بذلك نجد كما يوضه هنري باصي في كتابه '' الأضرحة بشمال إفريقيا'' يوضح أن الأضرحة لعبت دورا بارزا بالمغرب و بشمال إفريقيا على وجه العموم بمعنى في الإستقرار و تلاحم الناس و تعاطفهم و تناغم بعضهم ببعض. كي لا نذهب وننساق وراء ما لا يفيدنا. فإن تاريخ الإستعمار بالمغرب كان إجابي في بعض الجوانب، بحيث كانت هناك اتجاهات التي تؤكد أن الإستعمار له جانب إجابي في الفترة التي يترأس كل شيء و يتجلى ذلك في ثقافة الأضرحة المتواجدة بشكل كبير في القبائل التي تتحدث الأمازيغية و النموذج بالأطلس الكبير و الصغير و المتوسط، وعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أربعة أضرحة بدائرة إملشيل تعتبر من الأضرحة المقدسة و هذه الأضرحة تحمل إسم ''سيدي كو'' ثم ''سيدي المشهور'' بالإضافة إلى ''مولاي براهيم'' و الضريح الأخير يحمل إسم '' سيدي علي و عمر'' . و من المؤكد أن هذه الأضرحة تعتبر بمثابة المحكمة و التي يترأسها المستعمر في فترته و هي الفاصلة بين الناس في جميع الخلافات الدائرة بينهم سواءا تعلق الأمر بمجال الفلاحة أو السرقة أو السب و الشتم.... و هلمجرا. في كل قضية على حدة يشتكي المشتكي على المستعمر على انتهاك حرمته من شخص ما ، و يفضل المشتكي أن يؤدي القسم بأحد الأضرحة المذكورة الانفة الذكر (حسب اختيار المشتكي)، بمعية خمسة أفراد يؤدون القسم رفقته، و في بعض القضايا الكبيرة يتوجب على المشتكى به إحضار عشرة أفراد لتأدية القسم كدليل قاطع أنه لم يفعل الأشياء المنسوبة إليه. و يكون يوم السوق الأسبوعي أنذاك هو يوم يؤدي جميع أفراد المتشاجرين بالقبائل المنضوية تحت هذه الأضرحة تأدية القسم كما هو متعارف عليه بالأعراف الجاري بيها العمل في الأوساط القبلية، و في حالة عدم توفر العدد الكافي لدى المشتكى منه يضطر إلى ذبح الذبيحة على المشتكى و يتم عقد الصلح بينهم، لأن رابطة الدم لها معناها في هذه الأوساط . كلها أضرحة دفنت فيها أشخاص خارقي العادة كما هو واقع في الأسطورة اليونانية، و هذه الأسماء أي سيدي المشهور و سيدي كو بالإضافة إلى سيدي علي وعمر ثم سيدي براهيم أسماء كانت أمنة و معروفين بأخلاقهم النبيلة و الصارمة ، و بذلك تم عقد لهم أضرحة كرجال الصالحين في هذه الأوساط القبلية، و هذا لم يخرج عن السياق الذي كانت فيه العديد من الأعراف هي الجاري بيها العمل في حين أن المحاكم القانونية كما هي اليوم لم يتعارف بهن في هذه الحقبة الزمنية في تاريخ المغرب. بقلم محمد أوركو صحافي